لم يكن مفاجئا أن يدافع النائب كمال أحمد وهو من أقدم النواب فى حياتنا السياسية بشراسة عن حق المرأة فى المشاركة النيابية.. وهو نفسه الذى يرى أن كوتة المرأة بديل لواقع مرير، لكنها أخف الأضرار، وكان يتمنى أن يصبح حجم تمثيل المرأة فى البرلمان أكثر من ذلك ويلقى المسئولية على الناخبين الذين يتصورون أن النائب «شيخ حارة»، وبالتالى لن تذهب معهم النائبة لقسم الشرطة فى منتصف الليل لتساعدهم فى أزمتهم. هل كان هناك بديل آخر بخلاف الكوتة ؟ - لا.. فللأسف هذه عيوب الانتخابات بطريقة النظام الفردى، إنما نظام القائمة النسبية كان سيصبح هناك اتفاق «جنتلمان» بين الأحزاب بأن يكون من بين الأسماء المرشحة من كل قائمة حزب «امرأة» وبالتالى كانت الأحزاب ستقدم - فى كل المواقع، ومن جميع المحافظات - المرأة على قوائهما، وهذا من شأنه أن يعطى فاعلية لها ويعطيها حقها ليس بشكل استثنائى بل بطريقة طبيعية، وبالتالى سيكون أفضل من الكوتة، لأنها فى هذه الحالة كانت ستدخل من خلال قائمة حزب وببرنامج انتخابى وسيتم اختيارها بشكل مباشر من قبل الناخبين، أما الكوتة وإن كانت محاولة تمييزية لمنحها بعض حقوقها، فهى فى نفس الوقت لها نتائج إيجابية مع مرور الوقت، حيث يزيد نسبة تمثيل المرأة ويزيد العدد على 64 نائبة وقد يصل إلى 100 و120 نائبة. هل ترى كرجل فى «الكوتة» نوعا من التمييز أو التفرقة الجنسية ؟ - لو تقصدين التفرقة من حيث النوع لنا هنا مأخذ، ولكن فى نفس الوقت علينا أن نعترف بأن هذا حق طبيعى للمرأة والضرورات تبيح المحظورات. البعض يرى فى ذلك مؤشرات على ضعف المرأة، بما فيهم المرأة نفسها ؟ - علينا أن نصحح المفاهيم، الضعيف هنا ليست المرأة إنما المجتمع، وهو القاسى أيضا، فالمناخ السياسى والاجتماعى يتصف بالقسوة فيما يتعلق بقضية المرأة، وهذا راجع للموروث الذى يجب أن نتخطاه جميعا. هل ترى أن ذلك سيأتى على حساب مقاعد الرجال ؟ - بالعكس أرى أن فى ذلك إضافة لأن عدد الدوائر الانتخابية 444 دائرة و10 دوائر أخرى بالتعيين وبالتالى تصبح 64 دائرة ليست خصما من إجمالى الدوائر لكنها إضافة، وهى مطلوبة بشدة لصالح المرأة والديمقراطية بشكل عام، كما أننى سعيد بأن المجلس سيزيد 64 عضوا.. يعنى أصواتا جديدة، فعالية جديدة. بمعنى؟ - ارتفاع عدد النساء فى البرلمان لصالح الرجل نفسه، فهناك مثلا خدمات لا يستطيع الرجل كنائب القيام بها وتستطيع المرأة بحكم طبيعتها أن تؤديها بكفاءة، كما أن فكرة مشاركة المرأة فى القرار السياسى والعمل العام، سوف يكون له مردود عام على المجتمع، ومفاهيمه مثل تدعيم قيم الانتماء والمواطنة، بل له نتيجة على المدى البعيد وهى حل مشكلة العزوف عن المشاركة السياسية لدى الشباب المصرى، ومشاكل الانتماء عندما يجد والدته أو شقيقته أو قريبته تمارس السياسة يصبح لديه وعى سياسى، وبالتالى يصبح ذلك تحفيزا للجميع من خلال تجارب فعلية، وهذا محسوب للديمقراطية فى الوطن بشكل عام أيا كان الحزب أو الاتجاه السياسى. كيف تقيم أداء زميلاتك النائبات فى البرلمان ؟ - أنا كنائب لا يجوز لى أن اقيم زملائى أو زميلاتى، لكنى أرى أن هناك نائبات ناجحات ولهن أدوار جيدة داخل البرلمان، وهناك نماذج رائعة بالفعل مثل جورجيت قللينى وسناء البنا وغيرهما. البعض يصف أداء النائبات بأنه ضعيف وإحداهن دخلت البرلمان بعد أن صنعت «بروبجاندا كبيرة» بإسقاط نائب إخوانى وفى النهاية كان الأداء غير ملموس؟ - لو تقصدين النائبة جمالات رافع أنا أرى العكس بأن لها دورا جيدا فى لجنة القوى العاملة ودورها النقابى رائع ليس بالضرورة أن تكون جميع النائبات «أساتذة» وعلى أية حال فلأن عددهن محدود يصبح الحصاد محدودا وغير ملموس، وهذا ليس ذنب المرأة، وأعتقد أن الوضع سيتغير كثيرا عندما تضاف 64 عضوة كحد أدنى طبعا لأن من المحتمل أن تنجح واحدة منهن فى الدوائر العامة. الكوتة يراها البعض بأنها ستزيد من عقدة النقص عند المرأة؟ - ولذلك كنت أتمنى أن تنزل عن طريق المقعد العام ولكن المشكلة هى فى الناخب نفسه الذى ينزل فى أغلب الأحيان ليبحث عن رجل ليمثله. لكن التجربة مستمرة لا نستطيع أن نحكم عليها بقسوة، ونحن لم نقدم لها المساعدة ولا أظن من العدل أن نحجب المرأة ثم نعود ونقيمها. وهل هذا دليل على تجاهل المرأة وحقها فى المشاركة وصنع القرار؟ - ليس نبذا أو تجاهلا ولكن علينا ألا ننسى أن مفهوم «النائب» فى ذهن المصرى مغلوط، فهو ينظر للنائب الذى يمثل دائرته وكأنه «شيخ حارة» عليه أن يجده أمامه دائمًا على المقهى، فى الأفراح والمآتم، فى الأزمات عندما يقع فى ورطة عليه أن يذهب معه إلى قسم الشرطة ليدافع عنه وينسى المواطن تمامًا مسئولية التشريع والمراقبة داخل المجلس، وبالتالى يفكر الناخب كيف يختار امرأة؟.. وهل تستطيع أن تذهب معه فى منتصف الليل إلى قسم الشرطة؟. فى دول أخرى هناك مساحة كبيرة للمرأة داخل البرلمان سواء بقوة القانون أو الأحزاب، لكنى حتى الآن لا أستطيع أن أفهم لماذا لم تسع الأحزاب لفرض المرأة وتمنحها الفرصة فى دوائرها الانتخابية، ولماذا لم تفتح المجال للمحليات لتفعيل هذا الدور. بعض الرجال يرون أن المرأة نفسها عاجزة عن ذلك، وأن كوتة المرأة «كعب عالى» أو مجرد ديكور داخل المجلس؟ - وكأننا نبحث عن أى عيب فى الورد قبل أن يزدهر وينضج. لكن أداء بعض النائبات غير ملموس؟ - المرأة داخل البرلمان ليست مجرد ديكور لكنها ستقوم بدور كما تقوم به كأستاذة فى الجامعة أو طبيبة أو مدرسة.. إلخ، وضعف الأداء لايقتصر على المرأة وحدها وإنما ينطبق على الرجل أيضاً.. وأستعجب لماذا لا ندع المرأة تثبت قدمها أولاً. وهل تكفى دورتان لتحقيق هذه النتيجة؟ - بالتأكيد إذا وضعنا فى الاعتبار أن ربع هذه النسبة «64» سوف تتفاعل فى كل مرة فإننا هنا سنصل إلى نتيجة جيدة وهى التفاعل مع قضايا المجتمع لأننا نحكم على 16 عضوة وكل مرة يزيد العدد مما يزيد من درجة الوعى الاجتماعى بالمرأة لدى الناخب، وخلال هذه الفترة «دورتين» ستكون هناك بلورة لهذه الفكرة بالنسبة للمرأة والمجتمع ككل لنصل إلى نظام الانتخابات بالقائمة حيث تمثل كل الأحزاب والآراء والفئات لأنها ليست قضية المرأة وحدها، وإنما الكفاءات بشكل عام، ولن تنعزل عن ممارسة العمل السياسى ومنهن خبيرات فى القانون والاقتصاد وغيرهن. ما هى توقعاتك فى دوائرالكوتة؟ - ستكون أشد عنفًا وأكثر شراسة لأن المرأة عندما توضع فى اختبار ما تحاول دائمًا أن تثبت نفسها، فما بالنا إذا كانت المنافسة بين امرأة وامرأة أخرى. فالتجارب دائمًا تبدأ بالقليل من النجاح وكثير من السلبيات مع التطور يحدث العكس. تبدو كأفضل مناصر لحقوق المرأة؟ - لدى ثلاث بنات تؤدين فى العمل العام ولدى قناعة شخصية بأنه لا يوجد منطق لإهدار حق المرأة، فالإسلام جعل لها ذمة مالية منفصلة عن الرجل وبلدنا من أقدم الدول التى منحتها حق الممارسة السياسية من خلال الترشيح والانتخابات قبل الدول الأوروبية ومشاركتها فى مصلحة الجميع. هل تتوقع أن تصبح المرأة فى يوم من الأيام رئيسة للبرلمان؟ - لا يوجد مانع فهى قاضية فى المحكمة الدستورية العليا ولا يوجد عائق قانونى أو دستورى أو دينى يحول دون ذلك إذا كانت لديها الكفاءة فهى إنسان مثلها مثل الرجل له عقل وليس نصف عقل، كما يحلو للبعض أن يصفها.. هى الأم والزوجة والابنة!!