من ضمن تداعيات ما جري عقب مباراة مصر والجزائر أننا اكتشفنا نقصاً فادحاً في الدراسات الاجتماعية عن تنوعات الشخصية العربية في الأقطار المختلفة.. وبالتالي اندهشنا من كم العنف الذي أبداه مشجعو الجزائر.. دراسات الشخصية العربية يمكن أن تساعد علي مزيد من الفهم، لكنها للأسف نادرة. وقد أكد لنا هذا الكلام د. أحمد زايد - عميد كلية الآداب الأسبق وأستاذ الاجتماع - حيث قال أن هناك بالفعل ندرة في الدراسات التي تتحدث عن الشخصية العربية وليس هناك أصلاً ما يسمي بعلم اجتماع الشخصية القومية،زايد يقول أن دراسة الشخصية تعد فرعا من فروع علم الانثربولوجي أو علم الاجتماع الإنساني، والتي ظهرت أثناء الحرب العالمية الثانية لمعرفة السر وراء طبيعة الشخصية اليابانية المقاتلة والجادة في العمل، ومعها ظهرت فكرة الشخصية القومية أو المتوالية أي تكرار صفة بعينها في مجتمع ما مثل أن يكون مجتمعا متدينا أو عدوانيا أو متسامحا. د. زايد يقول إن الكتابات عن الشخصية العربية بدأت تظهر بعد هزيمة 1967 فبدأت تكثر التساؤلات عن أسباب النكبات العربية المتتالية حيث فلسطين قبلها، وجاءت في هذا الإطار دراسات لمستشرقين كان معظمها يصور الشخصية العربية بشكل سلبي، حيث إنها شخصية ليست لديها قدرة علي التغير السريع، وأن العرب في حالة تخلف بسبب تمسكهم بالعادات والتقاليد البالية. يضيف د. زايد فكرة الشخصية سقطت في العالم كله، ولم تعد مطروحة عالمياً، بسبب اكتشاف أن الشخصية قد لا تتحدد ببلد أو بمجتمع، ولكن باختلاف المنطقة الجغرافية والطبقة الاجتماعية والخبرات التي يمر بها الإنسان في حياته.. أي أن الشخصية الواحدة تتبلور حول قيم مختلة، فالمصريون الذين يعيشون في السهول وبين المزارع مختلفون عن البدو الذين يعيشون في الصحراء، والجزائريون الذين يعيشون في الجبال، حيث الوعورة والقسوة غير هؤلاء الذين يعيشون في طبيعة سهلية. ومع ذلك يري د. زايد أننا لانحتاج إلي دراسات في الشخصية بقدر ما نحتاج لدراسات عن إمكانية إقامة علاقات علي المستوي الاقتصادي والثقافي والسياسي، فلا يوجد باحث عربي يتخصص في الدراسات المقارنة بين الدول العربية التي يجب أن يكون التعاون فيها قائما علي المصلحة وأن تكون هناك سوق عربية مشتركة وعلاقات اقتصادية قوية تدعمها علاقات سياسية. لم يفت الدكتور زايد علي هامش الأزمة الأخيرة أن يوضح أن أبرز ما كشفته تلك الأزمة هو أن كثيرا من الشعوب العربية لم تنضج بعد النضوج السياسي الكامل، وأن المشاعر البدائية مازالت تتحكم بها، وأن الحادثة لم تضرب في بطن تلك المجتمعات حتي لو كانت قد طالتها ظاهريا.