عودة المطربة الكبيرة وردة للغناء بألبومها «اللي ضاع من عمري» بعد غياب طويل ومزعج ..لا يستحق التأمل والدراسة فقط بل هو دعوة للإمتاع واسترجاع زمن الغناء الجميل من نجمة قديرة عابرة للأجيال والأذواق كما أنه درس مجاني للأصوات الشابة الطامحة للسير في طريق العمالقة. وردة خلال سنوات الغياب كعادتها قاومت كل المطبات الصعبة التي صادفتها سواء علي مستوي الإنتاج الذي كان منشغلا في تلبية احتياجات ذوق استثنائي واستهلاكي و«مرض» طارئ لا يرحم وعصر لا يعترف سوي بالزيف والتصنع وسوق غنائي في حالة انهيار وتراجع وبلغة السوق ميئوس منه لكن «وردة» لم ترفع راية الاستسلام لتقدم للأجيال الجديدة «كورس» في العطاء. نال الزمن قليلا من صوتها العملاق لكن إحساسها لم يعرف الذبول سواء علي مستوي الكلمة أو اللحن.. تستطيع إدراك ذلك من نوعية الأغنيات الست التي طرحتها والأسماء الواعدة التي راهنت بها سواء علي مستوي الكلمة من أبرز شعراء الجيل أمجد العطافي وخالد تاج الدين وأمير طعيمة وهاني عبدالكريم ومعهم العملاق دائما عوض بدوي أو علي مستوي اللحن من الموهوب خالد عز والرائع مروان خوري.. وردة لم تكتف بكل هؤلاء بل أعادت إحياء ذكري الراحل المبدع رياض الهمشري الذي فقده الوسط الغنائي وهو في قمة عطائه ونضجه في أغنية «فهموني» اقتنصتها من خزانة إبداعاته. وردة في «اللي ضاع من عمري» تقدم رسائل لكل من يهمه الأمر.. ففي «عدت سنة» كلمات عوض بدوي تتحدث عن مرور الزمن الذي يغير الناس بينما بقت هي لم تتغير «عدت سنة حاجات كتير اتغيرت إلا أنا عدت سنة وكأني لسة بابتدي القصة هنا ولسه بأعشق من سكات ولسه عايشة الذكريات.. بينما تنتقد في «يا حب مين يشتري» الزمن الرديء: حد لاقي في الزمن ده أي حد يحس بيه في حين تلخص بإحساس عال - ربما لغيابها الطويل عن جمهورها- وتقول: في أغنية أمل والذي تشكو فيه «الملل» «ملل مش عارفة ليه حياتي ملل نفس الحاجة يوماتي ملل.. محتاجة لشيء جديد ياخدني بعيد بعيد. أما في رائعة اللي ضاع من عمري تشعرك بقسوة فراق جمهورها والحبيب معا بمفردات رشيقة صاغها الشاعر هاني عبدالكريم والموسيقار خالد عز بمهارة الأغنيات الست وزعها موسيقيا بتمكن محمد مصطفي وهاني فرحات وأحمد عادل وهي أسماء لها صولات وجولات مميزة. المطربة القديرة وردة التي كانت حاضره معنا في ميدان التحرير ب«علي الربابة» بألحان العبقري الراحل بليغ حمدي تبدو وكأنها تطارد «فلول» المطربين والمطربات الذين ملأوا السوق الغنائية صخبا طوال السنوات الماضية.. أقول قولي هذا علي أحدث إبداعات وردة علي أسطوانة مضغوطة بينما يفقد صوتها جزءا كبيرا من بريقه حيث إنها من المطربات المصنفات بأنها مطربة جماهيرية لها كاريزما خاصة في حفلات «اللايف» وهو الملعب الذي تمرح فيه موهبتها وبلغة أهل المغني (تتسلطن) فيه أميرة الغناء العربي صاحبة الكلاسيكيات الغنائية الرائعة التي لا تنسي مع عمالقة التلحين رياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب وبليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل وسيد مكاوي وحلمي بكر.. تعود هنا لتقدم أوراق اعتماد باقة من الملحنين الذين تعاونوا معها في (اللي ضاع من عمري) لتعويض ما ضاع من عمرنا نحن أيضا.. من صوت الماضي والحاضر إلي صوت المستقبل آمال ماهر التي قدمت أيضا ألبومها الجديد «أعرف منين» ويضم 12 أغنية جديدة وهي باقة رائعة من الأعمال تؤكد فيها أنها أمل مصر في الغناء.. قدمتها بعد غياب ليس قصيرا وتصحبنا فيه بعد أن تحررت من قيود زواج فاشل واستغلال شركات الإنتاج التي تحبس المواهب وأيضا هو القيد الكلثومي الذي لازمها لتقدم نفسها كصوت واعد ومتمكن راجع روعة الإحساس في أغنيات (اتق ربنا) و(فيك حتة غرور) و(ضميري) وأيضا راقب أحساسها الراقي في «إنت لغيري» بألحان وليد سعد ومحمد يحيي وخالد عز ثلاثي الأغنيات الاستثنائية بين أبناء هذا الجيل وبكلمات العبقري أيمن بهجت قمر والمبدع هاني عبدالكريم بتوزيعات موسيقية مبتكرة لتوما وفهد وأحمد عبدالسلام والأخير اكتشاف قادم. -- العائدتان (وردة) و(آمال ماهر) ربما تكونان نوبةإنقاذ للشارع الغنائي الذي امتلأ ب(فلول) غنائية يجب أن تتواري.