المستشار محمد عبد العظيم الشيخ المستشار محمد عبدالعظيم الشيخ رئيس هيئة قضايا الدولة ل«روزاليوسف»: حاربنا «عز» و«أبو العينين» رغم دعمهما من «مبارك».. وأبلغنا «نظيف» عن قضايا فساد ولم يهتم! طبقا لقانون هيئة قضايا الدولة الذى أنشئ عام 1875 فإن اختصاصها يقوم على الدفاع عن الدولة فى الداخل والخارج.. فهى التى تدافع أمام جميع المحاكم عن الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ضد المواطنين والشركات الخاصة، إلا أنه بعد ثورة 25 يناير شعر المواطنون والمحامون والقضاة أنفسهم أن هناك تغييرًا جوهريًا فى منحى الهيئة، إذا وقفت إلى جانب أسر الشهداء أمام محكمة الجنايات مطالبة بالقصاص من مبارك والعادلى وجميع المتهمين فى هذه القضية. وفى قضية استرداد عمر أفندى أمام مجلس الدولة وقفت هيئة قضايا الدولة خصمًا محايدًا، واكتفت بتقديم المستندات التى طالبتها المحكمة دون أن تدافع عما قامت به وزارة الاستثمار ومجلس الوزراء من بيع عمر أفندى.. وهو ما أربك البعض والتبس عليه دور الهيئة الحقيقى. لذلك التقينا المستشار محمد عبدالعظيم الشيخ رئيس هيئة قضايا الدولة للوقوف حول حقيقة الموقف. بدأ الشيخ كلامه معنا بأن الهيئة تدافع عن الدولة فى الداخل والخارج، أى أنها تدافع عن الدولة لا الحكومة أو الأشخاص أو النظام. سألناه: هل تدافع عن الدولة حتى ولو كانت مخطئة فى قراراتها وقوانينها؟! - قال: هيئة قضايا الدولة خصم شريف، وليس هذا مجرد كلام.. ولكنه سلوك دائم وعصرناه جميعا منذ التحاقنا بالهيئة سواء فى عصر الرئيس جمال عبدالناصر أو الرئيس محمد أنور السادات أو حتى مبارك. والدليل أننا على المستوى العام نخسر سنويًا حوالى 55% من القضايا التى تقام ضد الوزارات والهيئات والمصالح ونكسب 45% فقط.. وهناك الآلاف من القضايا التى يقيمها المواطنون البسطاء متعلقة بأعمال وظائفهم مثل البدلات ورصيد الإجازات وقضايا دخول الطلبة للمدارس لا نبدى فيها أى دفاع عن الوزارات أمام المحكمة ونترك الأمر للمحكمة ولكننا فى نفس الوقت إذا وجدنا هناك خطأ قانونيًا فى أحد أحكام هذه القضايا مثل مواطن أقام دعوى يطلب صرف مقابل نقدى لرصيد إجازاته البالغ 300 يوم وحكمت له المحكمة بأحقيته فى صرف هذا المقابل، ولكن لأكثر من 300 يوم هنا لابد أن أطعن على هذا الحكم لأننى أدافع عن مال الدولة والمواطن هنا سيأخذ أكثر من حقه من الدولة. إذا كانت الهيئة لا تقف فى وجه البدلات وطلاب المدارس لماذا كانت تقف مع الوزارات قبل الثورة حتى ولو كانت مخطئة.. وبعد الثورة وقفت مع المواطنين ضد الوزارات فى القضايا التى أقاموها لاسترداد شركات قطاع الأعمال المنهوبة؟ - نحن لا ندافع كما قلت عن وزراء أو أشخاص نحن ندافع عن الدولة.. والدولة هنا الوزارات والمصالح والشعب أيضا وعندما نجد فسادا لا ندافع عنه. فقضية استرداد عمر أفندى للدولة، فوضنا الأمر إلى المحكمة وقدمنا المستندات التى طلبتها ولم ندافع عن قرار البيع، وتركنا المحكمة تكتشف الحقيقة.. وعند صدور الحكم بإلغاء صفقة بيع عمر أفندى من محكمة القضاء الإدارى لم نطعن عليه لإلغائه أمام المحكمة الإدارية العليا.. وللعلم لم ندافع عن الفساد قبل ثورة 25 يناير، والهيئة وقفت أمام الفساد ولكننا لم نعلن عنها. ما الدليل على ذلك؟ - الدليل قضايا كثيرة منها الوقوف أمام أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى الديمقراطى المنحل فى عامى 2008 - 2009 وهو فى عز قوته.. فكان قد أقام دعاوى قضائية بالإسكندرية للحصول على براءة ذمته من دفع 170 مليون جنيه للدولة كضريبة مبيعات، لكننا ساندنا الشرفاء من رجال الضرائب بالإسكندرية وكسبنا القضية وألزمنا «عز» بدفع ال170 مليونا. وقضية أخرى قبل الثورة وظلت فيها الهيئة أمام المحاكم أكثر من عشر سنوات هى قضية رجل الأعمال محمد أبو العينين الذى حاول الاستيلاء على 500 فدان أرض مبانٍ بطريق مصر الإسماعيلية. وكانت هذه الأراضى مخصصة بقرار جمهورى لإحدى شركات الإسكان. أبو العينين أقام الدعوى للاستيلاء على الأرض فخسرنا فى أول درجة وثانى درجة، وعاد مرة أخرى محاولا الاستيلاء عليها برفع دعوى صحة عقد ونفاذ عقد بيع لهذه الأرض له ولم تعلن الهيئة بهذه القضية وكسبها أبو العينين! وعندما علمت الهيئة قامت بالطعن عليه وتم إيقافه أو إلغاء العقد. هل كانت ثمة ضغوط على الهيئة لعدم الوقوف أمام رجال أعمال الحزب الوطنى؟ - فى قضية أبو العينين كنا نشاهد من يساند فى وزارتى الزراعة والإسكان.. وكان هناك من يطالبنا بعدم الطعن على الأحكام التى كان يكسبها وعلمنا بعد ذلك أن هناك قرارًا جمهوريًا سيصدره رئيس الجمهورية السابق حسنى مبارك لتخصيص هذه الأرض لأبو العينين، إلا أن هذا لم يحدث بسبب قيام الثورة. فمحاولات الضغوط على الهيئة كانت على العموم كثيرة وكانت على رؤساء الهيئة الذين كانوا قبلى ولكن المعروف أننا لا نرضخ لأى ضغوط. لماذا لم تلجأ إلى رئيس الوزراء عندما تحدث ضغوط على الهيئة؟ - عن نفسى أرسلت عدة خطابات لرؤساء الوزراء ومنهم الدكتور أحمد نظيف للكشف عن الفساد فى بعض القضايا إلا أن كل الخطابات لم أجد ردا عليها. لماذا وقفت هيئة قضايا مع المتظاهرين ضد الدولة؟ -المتظاهرون، وهم «مواطنون» جزء من الدولة.. وهيئة قضايا الدولة تقف مع القانون فى القضايا.. فوقفت ضد رخصة حديد عز أمام المحكمة لأننا ندافع عن الحق العام وقضية المتظاهرين مازالت منظورة أمام المحكمة وممنوع النشر فيها، ولا نستطيع أن نتكلم فيها، ولكننا قدمنا فيها مستندات وحقائق فنحن ندافع عن حق الشعب. ومن حق مصابى وشهداء الثورة الحصول على تعويضات، فلماذا لا يحصلون على التعويضات من جميع المتهمين وأولهم الرئيس السابق حسنى مبارك. فأنا شخصياً وجميع زملائى فى الهيئة هنا للدفاع عن الحق العام.. ونعيش الآن لحظة فارقة فى تاريخ مصر وتاريخ الهيئة وطول عمرنا ندافع عن الدولة وجاء الدور للدفاع عن الحق العام ولا يجوز أن تتحمل الدولة دفع كل التعويضات والمجرم الحقيقى يفلت بغنيمته. ألا تخاف من فلول الحزب الوطنى؟ - جميعنا فى الهيئة لا نخشى من الفلول أو غيرهم فنحن مع الحق والقانون. بمناسبة الحق والقانون.. الكثيرون يؤمنون بأن الفاسدين سيخرجون لأنهم كانوا يرتكبون جرائمهم وفقًا للقانون أيضا؟! - يمكن أن أقول كاد الفساد أن توضع له قوانين تمرر من مجلس الشعب أو بمعنى أدق كان هناك انحراف تشريعى لخدمة مصالح أشخاص بعينها مثل قانون الاحتكار ومنها القوانين التى تخصص أراضى الدولة بملاليم وبالأمر المباشر لتصقيعها ثم بيعها بالملايين. وهذا لا يعنى صعوبة إبطال هذه العقود الفاسدة وقد تم تصحيحها أو إلغاؤها، وكان أهم هذه العقود أرض توشكى الذى قام مجلس الوزراء بتعديله واستجاب له الوليد بن طلال. وقد قامت هيئة قضايا الدولة مع وزارة الزراعة بمراجعة العديد من عقود التنمية الزراعية وأظهرت الفاسد فيها وأرسل لمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات اللازمة. فأنا أطالب بمراجعة القوانين فى مصر التى أصدرها مجلس الشعب «تفصيلا» كالملابس على أشخاص بعينهم. يقال إن هناك مشكلة قانونية لم تستطع هيئة قضايا الدولة حلها وهى تمثيل الهيئة فى اللجنة العليا للانتخابات وقانون الهيئة الذى تطالب بتعديله.. ما ردك؟ - ليست هناك أزمة بين هيئة قضايا الدولة وأى جهة فالهيئة ممثلة فى كل اللجان الانتخابية فى المحافظات، وفى الأمانة الفنية للجنة العليا ولكنها لم تمثل فى اللجنة العليا نفسه وهذا الأمر محل دراسة. أما قانون الهيئة الذى نريد تعديله قانونا ضمانا لاستقلال الهيئة التام كهيئة قضائية تباشر اختصاصها بعيدا عن تباعية لأى جهة.