جامعة حلوان تواصل إجراءات الكشف الطبي لطلابها الجدد    الذهب يرتفع 14.2% خلال الربع الثالث من 2024    وزير التموين يوجه بوضع مخطط زمني لتطوير الشركة القابضة للصناعات الغذائية    سفير كوت ديفوار: الشركات الإيفوارية تتعاون مع شركات الإنتاج الحربي المصرية لإمكانياتها المتميزة    وزير المالية: زيادة مساهمة ودور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح الاقتصادي    رئيس البورصة: مؤشر الشريعة الإسلامية جاء متأخرا وكان مطلبا منذ فترة طويلة    نعيم قاسم ينفي اجتماع 20 من قادة حزب الله أثناء الغارة على الضاحية الجنوبية    الشرطة اليونانية تعثر على جثتين في غابة بالقرب من مدينة كورينث    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 653 ألفا و60 جنديا منذ بداية الحرب    شيكابالا: سنتوج ب3 أو 4 بطولات.. وانضمام السعيد للزمالك تأخر 15 عاما    الجزيري: التصريحات السلبية سبب تتويجنا بالسوبر الأفريقي.. والأهلي لم يكن جاهزا    موعد مباراة السد القطري ضد استقلال طهران اليوم في دوري أبطال آسيا والقنوات الناقلة    رسميا.. جريزمان يعتزل اللعب الدولي    ضبط عنصرين إجراميين بحوزتهما 40 كيلو حشيش بالإسكندرية    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية ب18 مليون جنيه    ضبط دجال بالإسكندرية يروج لأعمال السحر عبر مواقع التواصل    «اشتعلت النيران بالسيارة».. إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بالمنيا    غدا.. انطلاق فعاليات الدورة ال40 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    "كوافير مراتي سبب خراب بيتنا".. مواجهة صادمة بين رجل وزوجته أمام القاضي    ضمن مبادرة «بداية».. توقيع الكشف الطبي على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8 بالمنيا    توجيهات مهمة من محافظ الجيزة بشأن كفاءة الطرق والرؤية البصرية    أستاذ علوم سياسية: الدولة تقدم الكثير من الدعم بمختلف أشكاله للمواطن المصري    العمل تُطلق مبادرة "سلامتك تهمنا" بالتعاون مع مجلس أمناء القاهرة الجديدة    رسم وألعاب، أبرز أنشطة طلاب جامعة القاهرة خلال الأسبوع الأول للدراسة (صور)    «كدواني وفرحات» يتفقان على تنسيق الجهود لتفعيل المبادرة الرئاسية «بداية»    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    أمن المنافذ: ضبط 47 قضية متنوعة.. وتنفيذ 193 حكمًا قضائيًا    الصحة اللبنانية: استشهاد وإصابة 8 أشخاص جراء غارة إسرائيلية على منطقة الكولا    اليوم.. الحوار الوطني يجتمع لمناقشة الدعم    الأنبا توما يترأس القداس الإلهي لأبناء الأقباط الكاثوليك بدبي    طبيب: 30% من أمراض القلب يمكن تجنب الإصابة بها تماما    فيتامينات يجب عدم الإفراط في تناولها أثناء الحمل    غدا.. افتتاح الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    اقرأ في «أيقونة»| بعد واقعة مؤمن زكريا.. هل السحر موجود؟    وزير الثقافة يعلن فتح جميع المتاحف والمسارح مجاناً وخصم 50% احتفالاً بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    أمطار وحرارة واضطراب الملاحة.. توقعات طقس خلال الساعات المقبلة    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    بالصور.. نجاح فريق طبي في استئصال ورم نادر بجدار الصدر لشاب بأسيوط    «الرعاية الصحية»: إجراء 20 عملية زراعة قوقعة لأطفال الصعيد بمستشفى الكرنك الدولي    كرمة سامي في اليوم العالمي للترجمة: نحرص على تأكيد ريادة مصر ثقافيا    إعلام إسرائيلي: متظاهرون مطالبون بصفقة تبادل يقتربون من منزل نتنياهو    أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين في الأسواق.. 80 جنيها من المزرعة    جثتان و12 مصابا.. ننشر الصور الأولى لحادث تصادم سيارة نقل وأخرى ميكروباص بأسيوط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بوليتيكو: أمريكا تعزز وجودها العسكري بالشرق الأوسط    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    بشير التابعي: الأهلي كان مرعوب.. وممدوح عباس سبب فوز الزمالك بالسوبر الافريقي    موعد عرض الحلقة 13 من مسلسل برغم القانون بطولة إيمان العاصي    اصطدام «توكتوك» بتريلا ومصرع سائقه في المنوفية    من مدرسة البوليس بثكنات عابدين إلى «جامعة عصرية متكاملة».. «أكاديمية الشرطة» صرح علمى أمنى شامخ    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    4 شهداء و49 مصابا في الغارات الإسرائيلية على الحديدة اليمنية    دونجا يتحدى بعد الفوز بالسوبر الأفريقي: الدوري بتاعنا    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    مفاجآت سارة ل3 أبراج خلال الأسبوع المقبل.. هل أنت منهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية وتوصيات فى جمعة تحديد المسار

أفرق بين الثائر وبين مثير الشغب، فالأول يعبر عن آرائه ويطالب بحقوقه المشروعة بطريقة سلمية فى إطار حرية الرأى والتعبير التى يكفلها له القانون دون الإخلال بضوابط الحفاظ على الأمن القومى والصالح العام، أما الثانى فهو مطلق العنان يفعل ما يشاء بصرف النظر عن الإضرار بالصالح العام أو زعزعة أمن الوطن. ومن هنا، فإنى أرى أن الذين هدموا واجهة مبنى وزارة الداخلية ليلة الجمعة الماضية - جمعة (تحديد المسار) - واعتدوا على مديرية أمن الجيزة وحرقوا مبنى الأدلة الجنائية (للمرة الثانية) واصطدموا بجنود القوات المسلحة واقتحموا سفارة إسرائيل، هم بالتأكيد مثيرو شغب وليسوا ثوارًا.
فى واقعة اقتحام السفارة تحديدا، أقول لهؤلاء الذين استهدفوا إلحاق الضرر بإسرائيل إسوة بتورطها فى مقتل خمسة جنود مصريين داخل حدود مصر أواخر الشهر الماضى، أن إسرائيل لم تتأثر كثيرا ولكنها ستتأثر أكثر بدولة مصرية قوامها السياسى والاجتماعى والاقتصادى صلب، دولة علم وتكنولوجيا، دولة حقوق إنسان، دولة تعددية حزبية، دولة قانون حينئذ تحتل مصر مكانة إقليمية ودولية مميزة تمكنها من التأثير فى الأحداث الخارجية - مثل ذلك المتعلق بمقتل عناصر الأمن المصرية - لخدمة مصالحها الوطنية وبث نفوذها لحماية هذه المصالح.
فاقتحام شقة فارغة أو حرق علم هو انتصار زائف، ولكن الانتصار الحقيقى هو يوم أن نرى مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة وقوية.
وعلى عكس إسرائيل قد يصيب مصر بالغ الضرر على الصعيدين، الخارجى والداخلى. فخارجيا، تبدلت الدفة، قد تتراجع فرص مصر فى المطالبة بحقها القانونى فى مقتل جنودها على أرض سيناء أمام مطالبة تل أبيب والمجتمع الدولى للسلطات المصرية بحماية بعثات إسرائيل الدبلوماسية، فأصبح لإسرائيل حق الفعل ولمصر فقط رد الفعل. فما لبث رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بالأمس وأن جاء ببيان صحفى يدين فيه القاهرة بالإضافة إلى قيامه بسلسلة من الاتصالات المكثفة مع واشنطن فى محاولة لاستقطابها شاهدا على الأحداث وما كان للقاهرة إلا أن تقدم شرحا ومبررات، كانت مصر فى غنى عنها. ما كان لهؤلاء توريط مصر فى أزمة دبلوماسية دولية، تصاعدت فيها الأصوات الخارجية المدينة للسلطات المصرية لعدم قيامها بواجباتها فى حماية سفارة دولة تربطها بمصر معاهدة سلام وعلاقات دبلوماسية لا ينقضها غضب الشارع. هذا بالإضافة إلى خسارة مصر شيء من هيبة دولتها وجزيل من احترام سلمية ثورتها: فكما أن سلمية ثورة 25 يناير أثارت إعجاب العالم فى 18 يوما ههنا مصر تفقدها فى ال18 دقيقة التى تم فيها الهجوم على منشآت أمن وطنية ورمز دولة أجنبية تحت الحماية المصرية. وقد استشعرت هذا فى حديثى عقب الأحداث مع أصدقائى الأجانب الذين كانوا دائما ما يشيدون بسلمية ثورة يناير، التى كانت تعد قبل حادث الأمس أولى الثورات السلمية بعد ثورة ألمانيا التى أطاحت بحائط برلين عام 1990 دون إراقة نقطة دماء واحدة وثورة الياسمين التونسية التى أطاحت بنظام بن على بذات الطريقة أن يصبح العنف منهج الثورة لا السلمية وقوة الذراع طريقتها، لا رجاحة العقل أن تتحول ثورة 25 يناير من ثورة بيضاء إلى ثورة دموية - على الأقل فى عيون البعض - مرفوض.
أما على الجبهة الداخلية فقد أصاب مصر أيضا عظيم الضرر إثر أحداث التاسع من سبتمبر أولها فقدان خمسة من رجالها ماتوا متأثرين بجروح بالإضافة إلى إصابة حوالى 1094 (إلى الآن) وثانى هذه الأضرار عدول البعض فى الشارع المصرى عن مساندة المتظاهرين فى النداء بمطالبهم المشروعة بجمعة تصحيح المسار، وأهمها وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين حتى أنه هيأ الجو تارة أخرى لعودة الجدل فى دائرة حوار الرأى العام حول تطبيق الأحكام العرفية، والذى كان قد بدأ يندثر من ذاكرة الأمة.
أما ثالث أضرار أحداث جمعة تصحيح المسار على الجبهة الداخلية فهو إعطاء السلطة التنفيذية بصفة عامة مبررًا منطقيًا لتطبيق جميع النصوص القانونية المتاحة بقانون الطوارىء (بما فيها الإعمال بمحكمة أمن الدولة طوارىء)، الذى كان وقفه مستهدفا فى الفترة القادمة، كما أعلن وزير الإعلام بالأمس، وبصفة خاصة إعطاء الأجهزة الأمنية - والتى رفعت الحالة الأمنية إلى الحالة (ج) - مبررات استخدام العنف بمباركة شريحة من الشعب والمجتمع الدولى، وأخيرا قدمت ميدان التحرير وما حوله من مناطق جاذبة للمتظاهرين على طبق من فضة للمجلس العسكرى لإعادة عسكرتهم.
فى النهاية، ما كان لهؤلاء الذين أخفقوا فى تقدير الثمن السياسى لأعمال عنفهم إلحاق كل هذه الأضرار بمصر، كانت مصر فى غنى عنها يجب أن نفرق بين حق المواطنين والمواطنات فى حرية الرأى والتعبير، منها حق التظاهر السلمى وبين واجب احترام النظام العام دون زعزعة أمن الوطن أو التعدى على منشآته فالثورة قامت لبناء مصر لا لهدمها.
لذلك تقتضى المسئولية الوطنية أن أطرح على حكومة الدكتور عصام شرف وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإجراءات الآتية للنقاش:
- أولا: الدفع بسرعة التحقيق العادل مع كل من سولت له نفسه يوم الجمعة قبل الماضى القيام بأعمال تخريب أو التحريض عليها.. وأن تتم هذه التحقيقات وفقا لأحكام القانون المدنى أمام المحاكم المدنية وليست العسكرية - التى لا أشكك فى نزاهتها ولكنى أعترض على مثول المدنيين أمامها، إذ ليس من شأنها إلا محاكمة العسكريين فقط فلا يصح أن نطلب من الأمن أن يعود إلى الشارع فى نفس الوقت الذى تهاجم فيه أجهزته دون محاسبة ولا يصح أن نطالب بدولة قانون دون محاكمة الخارجين على القانون.
- ثانيا: ومن جانب أجهزة الأمن عليها هى الأخرى الاستمرار فى الالتزام بضبط النفس وعدم اللجوء لإجراءات وصلاحيات العنف الأمنى التى تعيد إخراج الماضى القريب البغيض، إلا فى حالات - ما نسميه فى العلوم السياسية - الاستخدام المشروع للعنف وهو حق أجهزة الأمن القانونى فى الدفاع عن النفس وعن مؤسسات الدولة عن طريق الاعتماد على أدوات ردع تحترم حقوق الإنسان مثل الصاعق الكهربائى واللاكريماتور (المنتج للغاز المسيل للدموع) وعصا الباتون الخشبية، فاللجوء إلى القمع الأمنى لن يخرجنا من الأزمة الراهنة، ببساطة لأن جوهر هذه الأزمة سياسيا واجتماعيا وثقافيا قبل أن يكون أمنيا.
- ثالثا: بما أن حادث قتل عناصر الأمن المصرية على أرض سيناء أواخر الشهر الماضى هو أساس السخط المشروع الذى تفجر فى صورة أحداث عنف 9 سبتمبر، يجب على القاهرة وتل أبيب سرعة الانتهاء من تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق فى الحادث، فإذا ثبت تورط إسرائيل فى اغتيالهم (عمدا)، بناء عليه تناقش الحلول المطروحة المناسبة وأولها إصدار الحكومة لبيان تحمل فيه إسرائيل المسئولية، ثم تتقدم وزارة الخارجية المصرية بطلب لتل أبيب بتقديم اعتذار رسمى يتجاوز الاعتذار المائع الذى سبق وأن قدمته فإذا رفضت تلجأ مصر إلى محكمة العدل الدولية لطرح إعادة التفاوض فى بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد للسلام المختصة بنشر قوات مصرية على أرض سيناء وتستدعى أو تسحب السفير المصرى من إسرائيل، فليس من الحنكة السياسية أن تتخاذل مصر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة عقب اغتيال عدد من أبنائها على يد أجهزة أمن إسرائيلية، بل تبنى جدارا أمنيا حول سفارتها فى الوقت الذى تطرد فيه دولة مثل تركيا سفير إسرائيل، فى واقعة مشابهة.
- رابعا: على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإسراع فى تسليم مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة انتخابا حرا نزيها من الشعب وفق خريطة زمنية محددة، الأمر الذى يدفع بحكومة ثورة إلى الحكم، حكومة تتبنى مطالب الثوار دون وسيط وتفتح مجالات ضغط مؤسسية أخرى غير الخروج إلى الشارع لتحقيق مطالب سياسية فتمنع حدوث مثل هذه الأزمات مستقبلا حتى يتم نقل السلطة إلى المدنيين.
- خامسا: فى محاولة للتأكيد على هيبة دولة مصر وسلمية ثورتها على الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يجلسوا مع ممثلى القوى الوطنية لبحث الأمر ثم يتقدموا ببيان يؤكد فيه التزام مصر بكل الاتفاقيات الدولية بما فى ذلك تأمين كل البعثات الدبلوماسية داخل جمهورية مصر العربية. هذا بالإضافة إلى ضرورة إلقائهما - المجلس والحكومة - خطابًا رسميًا على شعب مصر يرتقى إلى مستوى الحدث، يشرحان فيه رؤيتهما للمشهد السياسى بعد 9 سبتمبر ويعرضا فيه الحلول المقترحة على أن يبتعدا فى خطابهما عن استخدام لغة النظام السابق الميكانيكية المرتكزة على سرد إنجازات الحكومة، كما قام يوم السبت السفير محمد حجازى المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء فى مداخلة هاتفية فى إحدى القنوات الفضائية يسرد إنجازات حكومة الدكتور شرف، وبدلا من ذلك يقدمان نقدا ذاتيا يعترفان فيه بسوء إدارتهما لأزمة التاسع من سبتمبر وعدم محالفتهما الحظ فى تقديرهما للموقف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.