حصاد جلسات مجلس النواب خلال انطلاق دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني    وزير الأوقاف والمفتي يؤديان صلاة الجمعة بالمسجد الأحمدي بطنطا    الصحفيين: فتح باب الترشح لانتخابات التجديد النصفي للنقابة الفرعية بالإسكندرية 7 أكتوبر    2.25 مليار دولار تمويلات من الشركاء الدوليين للاستثمار بالطاقة المتجددة ببرنامج «نُوَفِّي»    بعد الزيادة.. أسعار ومواصفات جيلي ستار راي 2025 بمصر    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    أماكن منافذ بيع لحوم حياة كريمة في الشرقية.. أسعار مخفضة وجودة عالية    مصر ترحب بدعم مجلس الأمن لجوتيريش وتجدد تضامنها معه    "المرصد العربي" يناقش إطلاق مؤتمر سنوي وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    باحث سياسي: الاحتلال الإسرائيلي عاجز عن دخول لبنان بريا    الكرملين: بوتين لا يعتزم إجراء أية محادثات مع رئيس وكالة الطاقة الذرية    القصف وصل لمنزله.. كواليس هروب نتنياهو إلى الملجأ خوفًا من القتل (فيديو)    "سيعتقد الناس أنني ملل".. إجابة ساخرة من سلوت حول تجديد عقد صلاح وفان دايك وأرنولد    تشكيل الأهلي والزمالك لقمة الدوري المصري للسيدات    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    لحظات صعبة لمهندس احتجز داخل مصعد عقار بالطالبية    مصرع شاب في تصادم دراجة نارية وتوكتوك بالغربية    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    غدًا.. حفل ختام مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته ال 40    تامر حسني وابنه يظهران بالجلابية البيضاء: «كنا بنصلي الجمعة»    ب«إهداء 350 كتابًا».. جامعة القاهرة تبحث مع «النشر للشعب الصيني» مجالات الترجمة وتبادل الثقافات    "يقترب من مليون".. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" أمس    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    نائب وزير الصحة: الدولة مهتمة بتعظيم الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    خبير: بعض اتهامات القرصنة بين أمريكا والصين غرضها «الدفاع»    انطلاق القافلة الدعوية المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء    «بعد التوقف».. سلوت يثير الجدل بشأن تجديد عقد محمد صلاح    بالأرقام.. نتائج فحص حالات لسيارات ذوي الهمم خلال السنوات الثلاث الماضية    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    واعظ بالأزهر: «الوسطية» منهج رباني لإصلاح أحوال الناس    عاجل.. أول رد من الأهلي على عقوبات مباراة بيراميدز.. طلب خاص لاتحاد الكرة    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن البحر الأحمر لإنقاذ حياة المرضى    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    الاستعلام عن حالة فتاة سقطت من شرفة منزلها بأكتوبر.. وأسرتها: اختل توازنها    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    «الأوقاف» تفتتح 25 مسجدًا في عدد من المحافظات اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    الأنبا عمانوئيل يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    أسعار الأسمنت اليوم الجمعة 4-10-2024 في محافظة الدقهلية    حقيقة نفاد تذاكر حفلات الدورة 32 من مهرجان الموسيقى العربية.. رئيس الأوبرا ترد؟    أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن اليوم الجمعة 4-10-2024    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    دعاء يوم الجمعة.. تضرعوا إلى الله بالدعاء والصلاة على النبي    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    نائب مدير الأكاديمية العسكرية: نجحنا في إعداد مقاتل بحري على أعلى مستوى    خروج عربة ترام عن القضبان في الإسكندرية.. وشهود عيان يكشفون مفاجأة (فيديو وصور)    لاتسيو يسحق نيس ويتصدر الدوري الأوروبي    تعرف على نصوص صلاة القديس فرنسيس الأسيزي في ذكراه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبوءة صنع الله إبراهيم أسقطت القذافي

«نسعى لتقديم شهادة بالغة الصدق والعمق عن جذور الأزمة العربية التى نجنى الآن ثمارها المُرة».. هذه أحد سطور مقدمة كتاب «كشف الأقنعة» للكاتب مصطفى بيومى والذى يستعرض أبرز آراء الكاتب الكبير «صنع الله إبراهيم» بخصوص الزعماء العرب وسياساتهم تجاه شعوبهم على مدار سنوات حكمهم.. ونحن اليوم نستعيد صفحات من هذا الكتاب الذى صدر لأول مرة عام 2003 وقصدنا أن نعرض الفصل الذى يتناول سيرة معمر القذافى وكيف كان يراه صنع الله وكيف تنبأ بانهيار دولته الوهمية؟! ويستعرض هذا الفصل صفحات عن مدة حكم القذافى مروراً بجولاته السياسية وعلاقته المضطربة بالنظام المصرى البائد، ومناوشاته مع باقى الأنظمة العربية ومعاركه الكاريكاتورية مع أمريكا وأعوانها من دول الغرب.. الكتاب يتناول شخصيات أخرى مثل جمال عبدالناصر والسادات وصدام حسين وحسين بن طلال . فى يوميات أول سبتمبر ,1969 تشير وردة إلى خبر اندلاع الثورة الليبية وبعض القرارات - المؤشرات التى تكشف عن اتجاه الثورة وقائدها الشاب معمر القذافى:
مجموعة من صغار الضباط برئاسة العقيد القذافى تستولى على السلطة فى المملكة الليبية وتعلن الجمهورية.. وضع قاعدة هويلس الأمريكية تحت إشراف السلطات الليبية.. خطة لتصفية القواعد البريطانية والأمريكية الأخرى «وردة - 198».
من الملكية والحكم السنوسى إلى الجمهورية والحكم العسكرى، والعداء صريح سريع عنيف للوجود الأجنبى، الأمريكى والبريطانى، فى الأراضى الليبية.. ضباط صغار وقائد شاب ومناخ عربى ودولى بالغ التعقيد يطرح عقبات وتحديات جسيمة.
تتابع وردة، حتى تتوقف عن الكتابة بشكل نهائى فى صيف سنة ,1975 مسار الثورة الليبية وزعيمها عبر ثلاثة مستويات:
- القرارات والإجراءات الاقتصادية والسياسية ذات النزعة الثورية التقدمية.
- التحالفات والمواقف العربية المليئة بالمفارقات والتناقضات والتحولات.
- الرؤية الفكرية لمعمر القذافى وبحثه المحموم عن نظرية جديدة مغايرة لكل ما هو سائد ومطروح.
---
فى التاسع عشر من نوفمبر، بعد أسابيع قليلة من قيام الثورة، تكتب وردة:
الثورة الليبية توجه الضربات إلى السيطرة الإمبريالية على بعض نواحى الاقتصاد الليبى.. ذعر بين احتكارات البترول العاملة فى ليبيا.. توقع إعلان دفاع مشترك بين ليبيا والسودان ومصر «نفسه - 202».
فى الثانى من ديسمبر ,1971 تكتب وردة عن استمرار المسيرة الثورية الليبية، والمزيد من الإجراءات العنيفة التى يتخذها القذافى ضد الشركات والمصالح الأجنبية فى ليبيا:
قرار ثورى للعقيد القذافى بتأميم الشركة البريطانية للبترول وسحب الأرصدة الليبية من بنوك بريطانيا ردا على دورها فى احتلال إيران للجزر العربية الثلاث. «نفسه - 271».
قبل يومين من القرار الثورى الجرىء كانت إيران قد احتلت ثلاث جزر عربية: «طنب الكبرى وطنب الصغرى» التابعتان لإمارة رأس الخيمة و«جزيرة أبوموسى» التابعة لإمارة الشارقة.. تعبر القرارات الليبية عن الخط العربى المتحمس للعقيد القذافى، فهو يحمل بريطانيا مسئولية مساعدة إيران على الاحتلال، ويعاقبها فوريا بالمستطاع والمتاح له من أدوات العقاب والردع: تأميم شركة البترول العملاقة، وسحب الأرصدة الليبية الضخمة من البنوك البريطانية.
القذافى محكوم بالانفعالات والاندفاع الذى لا يعرف المنطق المتماسك، وتتجلى هذه السمة بوضوح كامل فى موقفه المذبذب من سلطنة عمان والجبهة الوطنية الشعبية المناوئة لحكم قابوس.
ثورية القذافى الجامحة لا تمنعه من تأييد السلطان قابوس والسعى إلى تدعيم نظامه، وهو النظام الموصوف بالرجعية من الأنظمة التقدمية، ففى الخامس والعشرين من مايو 1972 تكتب وردة:
القذافى يعرض المساعدة على السلطنة ضدنا «نفسه 278».
عندما يكتشف القذافى أن الجبهة المعارضة ليست شيوعية كما كان يعتقد فإنه يعاود تغيير اتجاهه ويعرض المساعدة على الثوار!.. فى يوليو ,1974 تكتب وردة عن العرض الليبى وما أثاره من خلافات فى المؤتمر الرابع للجبهة:
تصاعد الخلاف عندما ذكر الأمين العام أن القذافى وافق على فتح مكتب تمثيلى لنا فى ليبيا بعد أن تم إقناعه بأن الجبهة ليست ماركسية فى الأساس.. بدى استعداده لتقديم المساعدات المالية قال الأمين العام إننا فى أشد الحاجة إلى هذه المساعدات «نفسه - 310».
من أين يستقى معمر القذافى معلوماته؟!.. الجبهة الوطنية متهمة عنده بالشيوعية، فلا يتورع عن معاندتها والكيد لها بتأييد قابوس.. وعندما يتم إقناعه بأن الجبهة ليست ماركسية خالصة، فإنه يبادر بعرض تقديم المساعدة السياسية والعون المالى!.. الموقفان المتناقضان وجهان لعملة واحدة، والقانون الأساس الحاكم هو الاندفاع والانفعال والتطرف العاطفى.. الخلافات داخل الجبهة تنم عن غياب الثقة والإحساس بهشاشة التحالفات التى يقيمها القذافى ذو التحولات التى لا تتوقف، وتصل هذه الانقلابات الحادة إلى ذروتها فى مارس .1975 وفى يوميات الخامس عشر من مارس، تسجل وردة فى يومياتها مقتبسا طويلا من الرسالة الطريفة، غير التقليدية وغير المسبوقة، التى بعث بها القذافى إلى السلطان:
«... واستغربنا يا أخى كيف تسمح لنفسك وكرامة شعبك وشرف أمتك أن تحمق إلى درجة السماح لجيوش أجنبية نظامية باحتلال مسقط أولا ثم ظفار ثانيا. إننا نهيب بك لآخر مرة أن تطلب سحب الجيوش الأجنبية فورا وإذا رفضت طلبك فبلغنا برفضها لنقاتلها معك جنبا إلى جنب وإذا لم تفعل فننذرك بحرب قد تكون أنت فيها فى صف الأجانب الغزاة ونحن فى صف شعبنا العربى هناك.. أرجو أن تعود إلى رشدك.. وإلى حظيرة أمتك قبل أن تجد نفسك مذموما مدحورا. إننا ننذرك ونعطف عليك فى نفس الوقت، ننذرك لأنك أتيت شيئا فريا ونعطف عليك لأن مصيرك سيكون مصير البعير الأجرب وما كنا نتمنى لك هذا ولا ذاك «نفسه - 341».
المسألة ليست فى تأييد القذافى للجبهة أو مناهضته لحكم قابوس، ولكنها فى اللغة الإنشائية والأفكار المندفعة والتعبيرات العشوائية التى تميز رسالته «السياسية» العجيبة، فما هكذا يتخاطب الرؤساء والملوك والسياسيون والمفكرون.
كُتبت الرسالة بعد حوالى ست سنوات من نجاح الثورة الليبية واستقرار القذافى فى قمة السلطة، ولكن الصياغة تؤكد سيادة النزعة الارتجالية الحادة التى لا تليق بالساسة والمفكرين.
قد يكون القذافى وطنيا متحمسا مخلصا، لكنه وصل إلى السلطة دون أن يكون مسلحا بفكر يعينه على القراءة الصحيحة الدقيقة للواقع، وكان لابد أن يرهق نفسه طويلا، ويرهق من حوله، فى رحلة البحث عن نظرية تنسب إليه ولاينتسب إليها!
معمر القذافى ثائر فطرى بلا نظرية ثورية، وفى مسيرته السياسية محطات كثيرة يتوقف عندها للبحث عن إطار فكرى يسعفه فى فلسفة المواقف التى يتخذها، ويصل به الأمر إلى الطموح فى ابتكار نظرية جديدة غير مسبوقة!
فى الثامن من أبريل 1972 تكتب وردة:
المؤتمر الأول للاتحاد الاشتراكى العربى فى ليبيا «530 عضوا بينهم 40 امرأة». القذافى يقول أنه تنظيم جماهيرى يجمع الرأسمالية الوطنية والفلاحين والعمال والمثقفين والجنود كى ينصهروا مع بعض. قال إن النظرية الثالثة التى ابتدعها تقوم على أسس ثلاثة: الاشتراكية والدين والقومية. وإن الاشتراكية التى يعنيها تختلف عن الماركسية والرأسمالية. «نفسه - 277».
مسمى «الاتحاد الاشتراكى العربى» مأخوذ عن تجربة التنظيم الناصرى الأشهر، وهى التجربة التى احتفظ بها السادات فى سنوات حكمه الأولى، واحتذى بها جعفر نميرى فى السودان حتى أتيحت له فرصة الانفراد الكامل بالسلطة دون شريك. القوى الطبقية التى يحددها تنظيم القذافى ليست إلا تكرارا لصياغة عبدالناصر عن تحالف قوى الشعب العامل، والجديد الذى يقدمه القذافى يتمثل فى ترويجه لفكرة ميلاد نظرية «ثالثة» تمزج بين الاشتراكية والدين والقومية، وتنفى كل التناقضات المعقدة بلا عناء، وتتجاوز الماركسية والرأسمالية معا!. عبدالناصر نفسه، ومقارنته بالقذافى ظالمة لطرفى المقارنة، لم يصل به الولع بالتنظير إلى هذه المرحلة المتقدمة، والمشكلة الحقيقية أن «نظرية» الرئيس القذافى من العمومية بحيث تستعصى على التحديد والإدراك.
ما المرتكزات التى تقوم عليها اشتراكيته بعد استبعاد ونفى المقولات والأفكار الماركسية؟
أى موقع يحتله الدين فى النظرية بحيث تتميز عن دعاة الخطاب الإسلامى باجتهاداتهم المتباينة؟
كيف يتم التعامل مع المسألة القومية بخصوصيتها العربية وعلى أرضية الصراع مع الاشتراكية والتوتر مع الإسلام السياسى؟
والسؤال الذى لا يقل أهمية: هل تصلح ليبيا بكل سماتها الاقتصادية والاجتماعية وبوزنها السياسى والسكانى، لقيادة من هم أهل للقيادة وأولى بها لاعتبارات موضوعية تتجاوز القادة الأفراد؟
فى الخامس عشر من يناير سنة 1975 وقبل أسابيع قليلة من توقف وردة عن كتابه اليوميات، تتحدث مرة أخيرة عن أحدث ما توصل إليه القذافى فى اجتهاداته النظرية التى لا تنتهى: القذافى يتحدث عن كتاب أخضر سيسهم فى إقرار نظرية متكاملة للعمل الثورى العربى. «نفسه - 334».
--
بدأ عصر «الكتاب الأخضر» ولكن العمر لايمتد بوردة لتتابع تجليات الكتاب وما يتضمنه من رؤى غير مسبوقة.. ونرى أن طموح معمر القذافى غير المحدود، وحلم خلافة عبدالناصر الذى يراوده دائما، يتجسد فى إعلان صحفى: يدعو المواطنين العرب للانضمام إلى القوات المسلحة لليبيا «النواة الثورية للدولة العربية المتحدة»، لمواجهة «الانقضاض الوحشى الذى تتعرض له الأمة العربية من جانب الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية». «نفسه- 73 ,72».
الكثافة السكانية فى ليبيا لا تسمح بتكوين الجيش المأمول لأداء المهام الثورية الجليلة، عربيا وأفريقيا، والبديل فى جيش عربى. الانقضاض الوحشى يهدد الأمة العربية، والمقاومة الليبية تبدأ من التدخل فى تشاد، ومعاداة الولايات المتحدة الأمريكية، واستفزاز مصر الساداتية بحيث تدعو صحيفتها الرسمية إلى ترويض ليبيا وتحريض أمريكا للقيام بمهامها واتهام القذافى بالعدوان والتوسع والتدخل فى شئون غيره وإرهاب الشعوب!
ينشغل القذافى بالحرب اللبنانية فيمول المنظمات والصحف، ويراود طموح الزعامة غير المحدود، كأنه الامتداد الشرعى الوحيد لزعامة عبدالناصر، فيؤسس جيشا عربيا لمواجهة الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية، ثم يندفع بانفعاله المعهود للتدخل فى تشاد معرضا نفسه للغضب الأمريكى والتحريض المصرى السافر.
اهتمامات شتى متباينة، ولكنها لاتحول دون الاحتذاء بالزعماء العرب المولعين بالدعاية والضجيج الإعلامى. إذا كان أحد اليساريين المصريين قد ألف مجلدا ضخما عن القائد المعلم صدام حسين، فإن يساريا آخر قد أشهر إسلامه على يد القذافى. «نفسه- 50».
كم تكلفت صفقة إسلام اليسارى القديم؟، وأى انتصار ثورى حققه القذافى بهذا الإشهار التليفزيونى مدفوع الثمن؟! سؤالان لا إجابة عنهما، ولا معنى للبحث عن إجابة مستحيلة لأسئلة عبثية!
لم يتوقف القذافى عن مؤامراته الصغيرة، ولم ينته التوتر فى العلاقات المصرية الليبية. وفى «ذات»، يتابع صنع الله رحلة القذافى فى الثمانينيات، والملمح المسيطر على معالجته هو العلاقة السيئة مع مصر:
جريدة الواشنطون بوست: «مجلس الأمن القومى الأمريكى وضع خطة على أساس أن تهاجم مصر ليبيا وتستولى على نصف مساحتها بدعم أمريكى وتستخدم ذلك فى الإطاحة بالقذافى» «ذات- 73».
الخطة الأمريكية خيالية عسيرة التنفيذ، ولكن اختطاف طائرة مصرية والهبوط بها فى مالطة يزيد الموقف اشتعالا:
المشير أبو غزالة يعلن: «ليبيا هى المسئولة».
إسرائيل والولايات المتحدة يتهمان ليبيا بتدبير حادث الطائرة وليبيا تنفى. «نفسه- 78». 44 قاذفة أمريكية من طراز 1110 تقصف مقر القذافى فى طرابلس فتقتل 39 شخصا بينهم ابنة القذافى وتصيب ابنه. «نفسه- 80».
موازين القوى غير متكافئة، وحماس القذافى العاطفى لا يكفى لمواجهة الغطرسة الأمريكية.
السياسة التى يتبعها القذافى استفزازية، وعند الغضب لا تعرف تجاوزاته المنطق والتعقل، وقدرته فائقة على اكتساب الأعداء والخصوم. وصلت علاقته مع مصر إلى طريق مسدود، ويتبارى الإعلام المصرى فى السخرية منه وتسفيه أفكاره ونظرياته ومطالبه: الصحف الأمريكية المصرية تسخر من مطالبة القذافى لإيطاليا بالتعويضات فى فترة استعمارها لليبيا. «نفسه- 305».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.