أكثر من مأزق كان يواجه نجم الكوميديا الموهوب محمد سعد قبل دخوله هذه التجربة أبرزهم اهتزاز عرشه فى أفلامه الأخيرة وحيرته فى فك رموز هذا الاهتزاز الذى أفقده جزءا كبيرا من «شعبه» الكوميدى. سعد فى محاولة لاسترداد زعامته قدم ثلاثة أعمال مهتزة وباهتة كشفها صناديق الاقتراع أو شباك التذاكر فلم يحقق فيها الإيرادات القياسية حتى المسجلة منها باسمه وكان على نجم الكوميديا إعادة حساباته مرة أخرى بعد دخوله مرحلة العد التنازلى والتى دفعت منتجه ومدير حملته فى النجومية «محمد السبكى» يتنازل عنه لأول مرة حتى لا يخسر ما حققه معه طوال السنوات الماضية. إسعاد يونس وبحسابات إنتاجية التقطت «سعد» الذى أراد تغيير «العتبة» بها لعله يسترد مملكته الكوميدية ولم تكتف بذلك بل منحته فكرة فيلم «تك تك بوم» على موجة ثورة يناير وهى استغلال اللجان الشعبية التى كانت إحدى علامات ثورة مصر وكواليسها النبيلة ولأن «سعد» يعتمد دائماً على نظرية الديكتاتور رفض أن يقدمها لسيناريست متمرس وكتبها بنفسه بطريقة «التيك أواى» لتخرج بهذه الصورة العبثية رغم روعة الموضوع الذى جاء فى شكل مشاهد غير مترابطة تفتقد العمق وتعتمد على الارتجال والفهلوة. تك تك بوم أحداث الفيلم تدور حول شاب يمتلك محلا للعب الأطفال «بمب» وعندما يقرر الزواج تندلع ثورة 25 يناير فيفشل فى اتمام نصف دينه على «درة» على خلفية التوتر السائد فى الشارع المصرى فيقوم بتشكيل لجنة شعبية للحفاظ على منطقته البسيطة من مغامرات اللصوص وبلطجية الثورات.. «سعد» هنا يجسد شخصية «تيكا» الشاب النبيل الذى يرفض رغم المعاناة التى يعيشها الانسياق فى طريق الرابحين من الثورة حتى أنه يبدى تفهمه بالتعاون مع «الجيش» فى إعادة المسروقات التى ينجح وبمساعدة أبناء منطقته الشرفاء فى ملاحقتها من اللصوص أبرزها محاولات عصابة اللص المحترف «محمد لطفى» الذى يورطه فى النهاية بتهمة التعدى على الشرطة والجيش فيدخل السجن، وهناك يقابله «رياض المنفلوطى» وهى الشخصية التى سبق وأن قدمها محمد سعد «طبق الأصل» فى فيلمه «اللى بالى بالك» - وهنا اعتراف صريح بوقوعه فى حالة إفلاس فنى - والذى يعاونه بعد هروبه من السجن لمكافحة البلطجية ومتابعة مسيرته مع اللجان الشعبية. باستثناء الخطب التى ألقاها سعد ومعظمها مكررة خصوصاً مشاهده الطويلة مع رياض المنفلوطى والذى بنفسه كرر نفس الشخصية بتفاصيلها خصوصاً محاضراته فى تقديم نفسه فى بداية ظهوره أمام المسجونين لإبراز براعته فى صيد المجرمين والخارجين عن القانون، تأتى مشاهد إبراز ترابط عنصرى الأمة المسلمين والأقباط من خلال الجواهرجى القبطى «لطفى لبيب» وإمام المسجد وتعرض «تيكا» للقتل لإنقاذ جاره القبطى والتى جاءت بعكس ما يحدث فى أعمال أخرى بافتعال وتصنع. من الأحداث الاستثنائية فى الفيلم إلى أروع لحظاته وهى الأغنية التى قدمها سعد داخل الأحداث وكتبها بمهارة إسلام خليل وبلحن مميز ورائع وتحمل اسم «لو كنت رئيس» كلمات الأغنية تضع المواصفات القياسية للرئيس المقبل وتقول: «آه لو كنت رئيس كنت يا ترى هبقى خسيس على بلدى وشعبى حريص ولا هخبط وهشوط يا ترى هاخدم وهاساعد ولا مع الشر هتواعد وأفضل ماسك وقاعد على الكرسى لحد ما موت. كنت هبقى صاحب كويس ولابس الاسم ريس وكل يوم عالشعب أميس واللى أقوله ما نفذوش.. كنت أدور على الغلابة اللى موش لاقيين إجابة للتعاسة والكآبة اللى نايمين على الرصيف.. كنت أحكم بالعدالة ولا أكون آخر ندالة ناس بتاكل الزبالة وغيرها عايشة فى القصور». محمد سعد لم يتحرر تماما من شخصية اللمبى الأغنية البليغة ربما تكون حلقة الوصل بين أحداث الفيلم وثورة مصر، حيث اختفت المظاهر الثورية فى الشريط السينمائى ولم يظهر ميدان التحرير أو أى لقطات تقول إن الأحداث تدور على خلفية ثورة 25 يناير، ولا أعرف لماذا لم يستعن الفيلم بلقطات تسجيلية للثورة وهى كثيرة رغم إمكانيات مخرجه «أشرف فايق» الذى يقدم نفسه فى ثانى تجربة سينمائية له مع محمد سعد، وهو مخرج صاحب رؤية وفكر، لكن ربما لم يسعفه الوقت لتوظيف هذه المشاهد الأسطورية فى العمل لرغبة سعد وإسعاد فى عرضه فى عيد الفطر بعد أن كان مقررا طرحه فى موسم عيد الأضحى المقبل.. عموما قدم «فايق» ما يمكن تقديمه حسب رؤية سعد والمشاهد التى ارتجلها بلا ترابط أو منطق واضح. فى المقابل ظلم «سعد» عناصر الفيلم بمشاهد كشفت حوله شخصيات باهتة ومهتزة حتى الفنان العملاق لطفى لبيب رغم تفوقه فى المشاهد القليلة التى قدمها فقد بدا دوره «مقصوصا» على مذبحة البطل الأوحد وبنفس البهتان خرجت شخصية «محمد لطفى» وهو من الأسماء التى تعلن عن نفسها ولو بمشهد واحد.. أما «درة» الجميلة فهى مكسب قادم على شاشة السينما بملامحها البريئة التى تذكرك بملاك الشاشة الناعمة نجلاء فتحى، لكن مساحة تحركها فى الدور كانت قليلة وغير مؤثرة. «محمد سعد» الذى يواجه أزمة مع شعبه فى أفلامه السابقة المتعثرة جماهيريا لم يستطع فك طلاسم «اللمبى» فهل سيلقى مصير الديكتاتوريين الطغاة أم يقدم الجديد لهم حتى لا يخلعوه؟ السؤال مازال مطروحا رغم الإيرادات الوهمية التى سيحققها الفيلم.