عندما صوره تيتر المسلسل الذى يحمل اسمه على أنه ابن «الجنية» لم تكن مبالغة أو تجريحا بل هو وصف طبيعى لشخصية تلعب ب«الحنجل والمنجل»- كما يقولون- وسيرة ذاتية مليئة بالمواقف والأحداث المثيرة التى اقتربت فى كثير من الأحيان من أطر«النصب والاحتيال والضحك على الذقون» حتى لو كان هو نفسه من أصحاب الذقون!! علامات استفهام كثيرة أثيرت حول شخصية «الريان»، خاصة أيام النظام السابق وهو العهد الذى كان فيه تقديم فروض الولاء والطاعة هو جواز المرور لكل ما هو ممكن وغير ممكن. الفخرانى ... الريان ... خالد صالح لقد ظل «الريان» شخصية محيرة للغاية، خاصة فيما يتعلق بمصدر ثروته وحجم تجارته، إلا أن «كشوف البركة» التى كان يستخدمها درعا واقية له كانت تذلل له كل شىء وتفتح له الأبواب المغلقة، هذا «الريان» الملىء بالإثارة والجدل كان وجبة دسمة للدراما التى لم تكتف بتقديمه من خلال عمل واحد،بل قدمته فى عملين المسافة الزمنية بينهما زادت على الخمس عشرة سنة، هما «الخروج من المأزق» من بطولة «يحيى الفخرانى» و«الريان» من بطولة «خالد صالح».ليصبح لدينا ثلاثة وجوه ل«الريان» اثنان ثمثيلاً والثالث حقيقيًا وإن كان لايخلو أغلبه من التمثيل أيضا. «أحمد عبدالفتاح توفيق الجبيرى» المعروف «بالريان» بالفعل هو الشخصية الأولى التى تحتاج منا أن نقف عندها للحظات لنتأمل بدايته من الصفر قبل أن يتجاوز عمره الثالثة عشرة، عشق «الريان» الفهلوة وبيع الهواء فى زجاجات- كما صورته المسلسلات- البداية كانت مع بيع المذكرات الدراسية أثناء دراسته بالجامعة، ثم تطورت إلى مشاريع تجارية بدأها ب«الميداليات الخشبية» والتجارة فى المواد الغذائية «مثل البيض والفراخ» وصولا إلى تجارة الملابس والعطور،انتهاءً بتوظيف الأموال، «الريان» لم يكن لديه مانع أن يقتحم أى مجال طالما أن العائد منه مادى فى المقام الأول. وهو ما ظهر فى أحداث المسلسل من خلال استغلال الموقف أثناء نكسة 67 والقيام بطلاء زجاج البيوت وفوانيس السيارات باللون الأزرق بمقابل مادى، عشق «الريان» للتجارة ومن قبلها عشقه المادى هو الذى جعل بداخله إصرارًا وتحديًا للاستمرار فيما بدأه وبنجاح منقطع النظير، صحيح أن هذا النجاح قاده فى النهاية الى السجن، لكنها شهوة المال؟ «الريان» الذى استغل «الدين» ستارا له- كما ظهرفى دراماه- لم يكن ذلك إلا ضمن عوامل الوراثة،حيث ظهر «آل الريان» جميعهم وهم يرتدون ثوب الدين، وبدأت بالأب الذى أطلق لحيته،استخدام «الريان»الدين كستار له بدأ منذ أن كان طالبا بانضمامه إلى جماعة الإخوان المسلمين فى فترة التحاقة بالجامعة واستغل هذا التقرب وعلاقته الوطيدة ببعض رجال الدين ومشايخ الفتوى الذين أفتوا بأن توظيف الأموال فى شركات «الريان» توظيف أسلامى صحيح. خالد صالح فى مسلسل الريان ومن هذا المنطلق بدأت عجلة تجارته تدور بأموال أغلب الشعب المصرى. دراما «الريان» اخترقت- خاصة فى المسلسل الأخير الذى يحمل اسمه - كل الخطوط الحمراء عندما كشفته وهو يحاول دخول جحر الأفاعى محاولا القفز عليهم ليكون كبيرهم- أى كبير الأفاعى- للسيطرة على هيكلهم التنظيمى، فدخل الريان الجحربصفقة الذرة الصفراء التى تمت بين شركات «الريان» وبين «بنك التنمية والائتمان الزراعى» فى الفترة بين 86-87 وأوضح الريان فى ذلك أنه عقد الصفقة مع الحكومة المصرية حرصا على عدم انهيار المزارع فى مصر، وهنا تحول «الريان» إلى إمبراطورية يخشاها النظام السابق فنصبوا الشباك لإسقاطه بعد أن تحول من حليف إلى عدو، 15 سنة سجن هى قمة الإثارة الدرامية التى تناولتها دراما «الريان» وهى المدة التى حكم عليه بها بعد اتهامه بتهريب 3 مليارات و280 مليون جنيه مصرى عام 1989 خارج مصر. مسلسلا «الخروج من المأزق» ل«يحيى الفخرانى» و«الريان» ل«خالد صالح» رغم أنهما تناولا السيرة الذاتية ل«الريان» فإن الأول تناوله على استحياء والثانى كان أكثر جرأة واقتحاما لأدق التفاصيل ولهما أسبابهما. «يحيى الفخرانى» بطل المسلسل الأول: الذى توارى خلف شخصية «سيد» هروبا من المكاشفة الدرامية العلنية ل«الريان» رغم وجود جميع المؤشرات الدالة على شخصيته يقول: رغم أن المسلسل لم يشر بشكل صريح إلى «الريان» فإن الناس فهمت من السياق الدرامى أننا نقصده،ومع ذلك حقق المسلسل نجاحا كبيرا، صحيح أن هذا النجاح كان من الممكن أن يتضاعف لو كان التناول تم بشكل مباشر، لكن الفترة التى صنع فيها المسلسل عام 1996 لم تكن تسمح بذلك، وكان لابد من استخدام الرمزية كستار لنا هروبا من الرقابة، واللجوء إلى تغيير الأسماء الحقيقية بأسماء وهمية ،خروجا من المأزق. «الفخرانى» أكد أنه أثناء تحضيره للمسلسل عانى كثيرا فى البحث عن تفاصيل للشخصية لعدم توافر المعلومات الكافية- وقتها- عن «الريان» واجتهد شخصيا فى الوصول الى أقرب التفاصيل سواء الشكلية أو الحركية التى ظل يجمعها على مدار عام كامل مابين الاطلاع على الصحف والاستماع إلى كل من اقترب منه حتى وصل الى الشكل الأقرب للشخصية،فى الوقت نفسه أبدى «الفخرانى» إعجابه ب«ريان» «خالد صالح» وقال: «خالد» من الممثلين المجتهدين، وساعده فى الإجادة تقديم الدور بلا قيود، ونجح فى تجسيد حركات «الريان» وكأنك تراه أمامك صورة طبق الأصل، أما أنا فقد اتسم أدائى بالرزانة والتعبير الكلامى والأدائى أكثر منه بالتعبير الحركى. وأضاف «الفخرانى» إن سبب انجذاب الناس للمسلسل وقتها احتقانهم بسبب ضياع أموالهم. «خالد صالح» بطل «الريان» أكد أنه الأقرب شبها له، زاد من ذلك إجادته لنفس الحركات والإيماءات، وهو- كما يؤكد «صالح»- مانجح فى الحصول عليه من خلال اقترابه من شخصية «الريان» الحقيقية عدة مرات أثناء التحضير للمسلسل، «صالح» الذى توفرت له جميع المعلومات الممنوعة والمسموح بها كانت سببا- كما يقول- فى صولانه وجولانه فى هذا الدور وكأنه عجينة طيعة يشكلها كيفما شاء، هذا الى جانب حصوله على أدق التفاصيل من المصدر نفسه وهو «الريان». «صالح» أكد أنه لم يكن يتوقع كم المشاهدة هذه للمسلسل، إلا أن مايبدو أن مسلسلات السير الذاتية، خاصة لشخصية جدلية مثل «الريان» تجذب الجمهور إليها بهذه الدرجة. «أحمد توفيق عبد الفتاح الجبيرى» الشهير ب«الريان» من شاهده قبل ثورة 25 يناير وما أدلى به من تصريحات إعلامية، يدرك أنه شخصية مختلفة بعد الثورة،حيث عاد ليوجه طلقات نارية فى تصريحاته لوسائل الإعلام جعل الكثير من الشعب المصرى يدرك أنه كان رجلاً من رجال النظام البائد الذى أراد أن يكسر فم الأسد فأكله. فهو الذى وجه- فور خروجه من السجن- شكره وتقديره إلى اللواء «حبيب العادلى» وزير الداخلية الأسبق لحسن معاملته وعدم انتهاك آدميته وكرامته الإنسانية طوال فترة محبسه، ثم عاد متناقضا فى تصريحاته- كعادته- ليطلق قذائف نارية يكشف فيها فساد الداخلية وانقلابه على «العادلى» مؤكدا أنه لم يزره فى السجن ولا حتى مرة واحدة، بل راح ليؤكد أنه كان يرسل له مع قياداته تهديدات تطالبه بدفع مبلغ 10ملايين جنيه رشوة للإفراج عنه، «الريان» أشار إلى أن سبب انهيار امبراطوريته غيرة البنوك وتجار المناقصات منه، ولذلك قرروا التخلص منه والإطاحة به. على الصعيد الدرامى لمسلسل «الريان» وفى الوقت الذى وقع فيه «الريان» على عقدين مع كل من«سامح سند» مدير شركة كوميديا للإنتاج الفنى بمقابل مادى نصف مليون جنيه رغم أن الريان أكد أنه حصل على 50 ألف جنيه فقط نظير عمل فيلم تسجيلى عنه، ومع «طارق العريان» بمقابل 70 ألف جنيه نظير عمل مسلسل،أخل «الريان» بهذين الاتفاقين.بعد أن وقع مع محمود بركة عقد اتفاق آخر لعمل مسلسل «الريان» الذى يعرض حاليا وهو ما يتعرض مع العقدين اللذين يلزمانه بعدم الإفصاح عن أى معلومات أو تفاصيل تتعلق بشخصيته أو الموافقة على أعمال نتناول سيرته إلا لهما فقط بحسب ماينص عليه العقد، كما أنه لم يترك قناة أو وسيلة إعلامية إلا وصرح فيها كيفما شاء بحثا عن المادة، والحيل الدفاعية موجودة وقت اللزوم. مسلسل «الريان» وقبل أن يبدأ والخلافات قائمة بين أسرة العمل وبين «أحمد الريان» الحقيقى الذى أتهم كل من مؤلفى العمل «حازم الحديدى» و«محمود البزاوى» والمخرجة «شيرين عادل» لما قدموه من صورة بعيدة عن سيرته الذاتية التى سردها أثناء جلسات التحضير للعمل، واتهمهم أنهم قدموه فى صورة المحتال الذى يلعب ب«البيضة والحجر» كما صوروه على أنه زير نساء، وقال لنا: أنا لست الذى يقدمه «خالد صالح»!! «أحمد الريان» صرح لنا بأن المسلسلين اللذين تناولا السيرة الذاتية لم يقتربا من الحقيقة فقد حاولا تشويه صورته أمام المجتمع ليؤكدا أن الحكومة المصرية لم تظلمه،إلى أنه ظلم ونهبت جميع أمواله من رجال «مبارك» الذين يقفون الآن خلف القضبان. وأشار إلى أن المسلسل الذى يعرض حاليا لا يعرض الحقيقة الكاملة عنه وعائلته، ويقول: لقد خان المؤلفين ذكاؤهما وصورانى بصورة بهلوان أحارب فقط من أجل المال، كما استخدموا الحيل الدرامية لإقحامى على جماعة الإخوان المسلمين- رغم كونه عضوا بها قبل دخوله الجامعة. كما نفى أنه كان عميلا لصالح جهاز أمن الدولة- وهو أيضا ما تطرق له المسلسل- وأشار إلى أنه بالفعل تزوج 13 مرة ولكنه لم يكن «بصباصا» أو منحرفا، كما صوره المسلسل.. «الريان» أكد أن العقد القائم بينه وبين الشركة لم يمنعه من رفع دعوى قضائية ضدها وضد أسرة المسلسل بداية من المخرجة والمؤلفين ومعهما «خالد صالح» لتحريف قصة حياته الحقيقية.