تمر علينا الذكرى التاسعة والخمسون لثورة 23 يوليو وثوار 25 يناير مازالوا معتصمين فى ميدان التحرير. وربما كان من حسن الطالع أن تتواكب ذكرى الثورة مع الأحداث الجارية لعلنا نستقرئ بعض المؤشرات، فثوار 23 يوليو كانوا مجموعة محددة من الضباط الذين خططوا منذ البداية للقيام بثورة، أما ثوار يناير فلم يخططوا للقيام بثورة، بل قاموا بمظاهرت سلمية سرعان ما أساءت السلطة التعامل معها والاعتداء عليهم، مما أدى إلى التفاف الشعب حولهم وتحولت المظاهرات إلى ثورة شعبية تطالب بالتغيير والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والحرية فى التعبير ورحيل رءوس الفساد.. وكان حريا بهؤلاء الشباب وهذا الشعب العظيم الذين حققوا ما لم يكن يتوقعه أى إنسان داخل أو خارج مصر أن يتجمعوا فى كيان واحد أو أكثر قليلا وألا يتشرذموا إلى عشرات وربما مئات الائتلافات التى تتحدث باسم الثورة، مما أشاع الإحساس بأن أصحاب المصالح وعشاق السلطة قد تسلقوا على الثورة، وتحدثوا باسمها فتفتت الآراء وضعفت الجهود لتحقيق مبادئ الثورة. وعلى ثوار يناير أن ينتبهوا أن أهداف ثورة يوليو لم تتحقق بعد مرور 59 عاما، فهى لم تنجح فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة لوقوعها فى عدد من السلبيات مثل تكميم الأفواه وزوار الفجر والوشايات والبلاغات الكاذبة ومن ليس معى فهو ضدى، والقضاء على القوى السياسية المخالفة للثورة. فياشباب الثورة علينا الانتباه إلى أن التغيير لا يعنى بالضرورة القضاء على كل ما كان ومن كان لأننا جميعا مشاركون فيه، لكن التغيير الذى نريده هو سن قوانين عادلة لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية ووضع حد أقصى للأجور أسوة بالحد الأدنى لكى يتساوى أبناء الوطن الواحد فى حقهم فى الحياة وتتحقق العدالة الاجتماعية ويستعيد المواطن المصرى كرامته والتمتع بحقوق المواطنة مثله كأى مواطن آخر لديه النفوذ أو المال أو السلطة.. فالكل متساو فوق أرض الوطن.. لأن غياب هذا الشعور لسنوات طويلة أدى إلى عدم الانتماء والغربة داخل الوطن.