محمد العرابي يرفض غالبية الدبلوماسيين مصطلح «التطهير» ويجمّلونه بمصطلح «الإصلاح»، وإن كان الغرض من هذا المصطلح أو ذاك واحدا وهو إبعاد بعض الأشخاص الذين يرون فيهم أنهم كانوا أذرع النظام السابق، وتغيير سياسات اعتبروها طوقا علي عنق المؤسسة الدبلوماسية ومفهوم «المؤسسية» يعني الكثير للدبلوماسيين المصريين سواء العاملون منهم أو من خرجوا من الخدمة بعد بلوغ سن المعاش .. لعل الخوف من الانفلات المؤسسي في الخارجية هو ما فسر حالة الهلع التي عاشتها الخارجية المصرية بجميع قطاعاتها ومختلف توجهات أبنائها بعد تصاعد حدة الوضع السياسي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية والحديث عن التغيير الوزاري والذي قد يطول الخارجية، مما دفع السفير رفاعة الطهطاوي للحضور إلي وزارة الخارجية وبصحبته السفير المخضرم شكري فؤاد والذي يلقب «بسفير التحرير» لمكوثه في الميدان 18 يوما إلي أن تم إسقاط النظام وأعلنوا دعمهم للوزير العرابي، وتبع ذلك حضور المرشح الرئاسي عمرو موسي ليؤكد المعني ذاته. أما جبهة الدبلوماسيين الأحرار التي تتبني إصلاح أو تطهير الخارجية فلم تكن غائبة عن الحدث وكثفوا من تحركاتهم وبعضهم قطع إجازته السنوية، وهناك اتجاه لإصدار بيان باسم «الدبلوماسيين المصريين» يؤكد إيمان المؤسسة الدبلوماسية بالثورة المصرية وأنهم كانوا جزءا منها ويتوحدون مع مطالبها، ولكنهم يرفضون المساس باستقرارها حرصا علي المؤسسة الوطنية التي تعتز بأبنائها وبما قدموه خدمة للوطن وليس دفاعا عن أشخاص بأعينهم، وطالب البعض بالقيام بوقفة احتجاجية لبعث رسالة إلي الرأي العام المصري مفادها أن الدبلوماسيين المصريين لن يتراجعوا في مطلبهم بدور سياسي رائد لمصر يعبر عن قيمتها الحقيقية وفي نفس الوقت يطالبون بعدم هدم الاستقرار المؤسسي خدمة للوطن. ومن جانبها قالت مصادر دبلوماسية ل«روزاليوسف» طلبت عدم الكشف عن أسمائها من داخل جبهة الدبلوماسيين الأحرار: ليس من المنطقي أن تشهد وزارة الخارجية وهي أحد أفرع الأمن القومي المصري وأحد أجهزة الدولة السيادية تغييرا كل يوم، والإطار العام في الخارجية له ضوابطه، ولكن تبدأ من رفض التعديل الخاص بمد سن الخدمه للسفراء إلي 65 عاما في قانون العاملين بالسلك الدبلوماسي والقنصلي لأن ذلك معناه أنه خلال عامين علي الأكثر ستكون تمت عملية إحلال وتجديد شاملة بالنسبة لسفراء مصر بالخارج، وكذلك أيضا المطالبة بإلغاء المادة رقم (87) من القانون نفسه، وذلك لأن هذه المادة تعطي لرئيس الجمهورية سلطة مطلقة في أن يعهد إلي أي شخص من غير أعضاء السلك الدبلوماسي القيام بأعمال وظيفة دبلوماسية دون أية اشتراطات لمطالب التأهيل اللازمة للقيام بالوظيفة، وكذلك حسم وضع السفراء الموجودين بالخارج والذين تجاوزوا المدد القانونية للتمثيل الدبلوماسي والمحدد بأربع سنوات. وطالبت المصادر بأن يتم تحديد وضعية رجال «جمال مبارك»، وهم الدبلوماسيون الذين كانوا يعملون مباشرة في مكتب جمال مبارك .. فلا يصح أن يتبوأوا مواقع قيادية بعد الثورة وقالت: كان لنا مأخذ علي الدكتور نبيل العربي عندما ضم أحدهم إلي طاقم مكتبه في الخارجية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الدبلوماسيين وغضبهم ووقعوا وقتها علي مذكرة وجهوها للدكتور نبيل العربي، وينتظر أن تبدأ القيادات الجديدة في مباشرة مهامها نهاية الشهر المقبل بعد عودتهم من بعثات مصر الدبلوماسية بالخارج.