لم يسعدني مشهد كل من شاعر الثورة عبدالرحمن يوسف وخطيب الميدان الشيخ مظهر شاهين وهما يطلان علينا من ميدان التحرير من خلال قناة CBC بضمها مراسلين ينقلان للمشاهد أحداث الميدان علي مدار اليوم، صحيح أن الميدان هو المكان المناسب لهما ولكن بصفتهما (ثائرين) وليس بصفتهما (مراسلين) ولم أستطع أن أستسيغ هذا الدور الجديد الذي يؤديانه في ذلك التوقيت بالذات الذي يرفع فيه الثوار شعار (الثورة أولا). ووددت أن تركز القناة علي شاعر الثورة وخطيب الميدان بصفتهما من رموز وقيادات شبابية مؤثرة كان لهما دورهما الملموس من قبل حتي منحهم الشعب ألقابا تستحق الاعتزاز بها والحفاظ عليها، فأطلقوا علي الشاعر عبدالرحمن يوسف الذي طالما ناهض الفساد في عصر مبارك (شاعر الثورة) وعلي الشيخ مظهر شاهين خطيب مسجد عمر مكرم والذي كان يؤم الملايين في الميدان ملقيا الخطب التي تلهب المشاعر وتهز القلوب لقب (خطيب الثورة) وبمشاعر مواطنة محبة لوطنها كنت أشعر بسعادة بالغة كلما اجتمع الناس علي شخصية شابة ومنحوها ثقتهم، وخاصة بعد أن عاني الشباب طويلا من التهميش والإقصاء، وأجمل ما في الثورة أنها أفرزت كثيرا من القيادات الشبابية الجادة وعلي رأسهم عبد الرحمن يوسف ومظهر شاهين.. فكيف بهذه السهولة يتحول قيادات الثورة في وقت الثورة إلي مراسلين لقنوات فضائية. وتمنيت لو تنقل لنا CBC مشاهد علي الهواء للشاعر عبدالرحمن يوسف وهو واقف بين الجموع يخطب فيهم بكلماته المؤثرة أو يلقي شعره الثوري ويعمل علي تحميس الشباب وتشجيعهم وهو يمضي يومه بينهم مشاركا في صنع الأحداث ويبيت معهم علي الأرصفة حتي يهترئ بنطلونه الجينز كما اهترأ في 25 يناير، حيث ذكر ذلك في يومياته عن الثورة ولا يغادر الميدان أو ينشغل عنه بعمله كمراسل أو كمقدم لبرنامج (صفحة الرأي) في (الاستديو المكيف) بمدينة الإنتاج الإعلامي أو ينظر إليه من (عل) حيث (اللوكيشن) الذي أقامته CBC في إحدي البنايات المرتفعة وسط ميدان التحرير ! كما تمنيت أن تركز قناة CBC علي خطيب الميدان بزيه الأزهري الوقور وهو يشدو بخطبه الرائعة التي تلهب مشاعر الثوار وتثبت إيمانهم وتبث الطمأنينة بداخلنا وتشعرنا أن الأزهر ورجال الدين يباركون الثورة والثوار.. وساءني أن يقدم خيري رمضان الذي كان متواجدا بالاستديو يذيع برنامجه الجديد (ممكن) شاعر الثورة صاحب الجماهيرية الكبيرة قائلا: معنا مراسلنا من الميدان (عبدالرحمن يوسف) وكذلك فعلت لميس الحديدي وهي تقدم في برنامجها (هنا العاصمة) إمام مسجد عمر مكرم قائلة: (مراسلنا في التحرير) الشيخ مظهر شاهين خطيب الثورة، وكأنها تتعمد أن تذكر الجماهير أن خطيب الثورة قد صار مراسلا لقناتهم!! ليفاجئنا مظهر شاهين (بنيو لوك) جديد يرتدي تشيرت (روش) فبدا مختلفا عن خطيب الثورة الذي تعلقنا به!! حتي أن أحد الشباب قال ساخرا وهو يشاهده: الشيخ مظهر (كجولوه).. وعلق آخر مستنكرا (بل اشتروه)!! وربما ألتمس لهما الأعذار للعمل كمقدمي برامج خاصة أنني أعرف جيدا معاناة الشاعر عبدالرحمن يوسف في عهد مبارك وكم التضييق عليه في الرزق وفي الظهور الإعلامي وإغلاق المنافذ الثقافية في وجهه وبالتأكيد لدي الشيخ مظهر أيضا أسبابه للعمل في قناة فضائية وربما لديه رسالة يتيح له عمله التليفزيوني توصيلها للجماهير.. وربما يستهدف زيادة دخله في ظل رواتب حكومية زهيدة يحصل عليها أئمة المساجد. ولكنني لم أستسغ ولم يستسغ كثير من شباب الميدان أن يفقد إمام مسجد عمر مكرم هيبته وتأثيره ويخلع ملابسه الأزهرية ويستبدلها بملابس (كجوال) تليق بمقدم برامج !! وتمنيت لو تفرغ كل من شاعر الثورة وخطيب الثورة للميدان وحصلا علي إجازة من عملهما التليفزيوني الجديد الذي يسرق الوقت والجهد ويجعلهما مشغولين طوال الوقت عن المشاركة الحقيقية والقيام بدورهما بين شباب الميدان. ولاشك أن ذكاء الزميل العزيز محمد هاني مدير تحرير مجلة روزاليوسف ورئيس قناة CBC كان وراء اجتذاب عبد الرحمن يوسف ومظهر شاهين لأنه يدرك جيدا مدي شعبية أصحاب الألقاب التي تتعلق بالثورة مثل شاعر الثورة وخطيب الثورة. ورغم تمنياتي لمدير التحرير محمد هاني بالنجاح والتوفيق في رئاسته للقناة إلا أنني تمنيت ألا ينجح في ضم شاعر الثورة وخطيب الثورة للقناة، لكنه أثبت لنا أنه لا يعرف الفشل أبدا.