لم يكن غريبا أن يرفرف علم «برشلونة» في قلب ميدان التحرير بعد أن ضرب فريق الأحلام المثل الرائع قبل مباراتهم مع سبورتنج خيخون في الدوري الإسباني بعد نجاح ثورة مصر وتنحي مبارك بيومين بالوقوف دقيقة حداداً علي شهداء الثورة سجلوا فيها السبق تقديرا واحتراما للمصريين، في الوقت الذي لجأ فيه منتخب الساجدين أمام جامع مصطفي محمود بالمهندسين لتسجيل موقف مضاد للثورة وإعلان فروض الولاء لسلطة فاسدة. إنه درس مجاني ضمن دروس بالجملة يقدمها فريق العمالقة والعظماء ومعبود جماهير الكرة ليس علي مستوي الكرة الجميلة والفنون الرفيعة التي يقدمونها بل علي مستوي مواقفه السياسية ليؤكد أن الولاء للسلطة جريمة في حق المشاهير الذين تمنحهم الشعوب صكوك المجد والشهرة. عشق المصريين لفريق الأحلام البرشلوني بعد ثورة 25 يناير تحول إلي هوس شعبي بالسحر الكتالوني الممتع لكن المفاجأة أن احتفالية ميدان التحرير بالفوز التاريخي الذي حققه فريق «البرسا» في ملعب ويمبلي والفوز بكأس بطولة أوروبا للأندية الأبطال بجدارة علي فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي العريق قابله شعب إقليم كتالونيا موطن الفريق المعجزة باحتجاج سياسي علي غرار الثورة المصرية مطالبين بتحسين مستوي المعيشة وعزل حكومة مدريد التعسفية علي طريقة ثوار مصر والمفاجأة الأكبر أنه انطلق من نفس الإقليم الذي فتحه المسلمون في القرن الثامن الميلادي بقيادة أبوعامر المنصور أقوي حكام الأندلس فترة الفتوحات الإسلامية. - هجمة صهيونية المواقف التاريخية للفريق الكتالوني لا تتوقف علي انتصاراتهم القياسية والمدوية وحصد البطولات العالمية عن جدارة واستحقاق بل تمتد إلي صلابة منظومته الإدارية عندما تجاهلت الحملة الشرسة التي شنتها صحيفة معاريف الإسرائيلية في أواخر 2010 الماضي حينما ادعت أن الجمهور العبري سيحرق أعلامه وقميصه ورموزه إذا لم يتراجع عن الصفقة التي أبرمتها الإدارة مع إحدي المؤسسات القطرية التي ترعي قميص البرسا إعلانيا ووصل التهديد بأن الصفقة سوف يدفع فاتورتها النادي العريق من جماهيريته عند الصهاينة باعتبار أن المؤسسة القطرية تقوم بتوزيع منح مجانية للدول المختلفة لتعليم الإسلام، ورغم الهجمة الصهيونية الشرسة لم تهتز إدارة النادي ولم تتراجع عن صفقتها ومبادئها التي هي تمثل منظومة رياضية عالمية يحتذي بها، بل إنها مدت جسرا جديدا مع العرب في تحد واضح عندما أعلن النادي الأسباني عن استقبال رئيسه ساندرو روسيل ل14 سفيرا عربيا لبحث سبل التكامل والتآخي بعد الثورات العربية المدوية ولم يحضر وقتها ممثل عن مصر لظروف انشغال الحكومة الجديدة والمجلس العسكري بقضايا ومطالب الثوار. - روح الأبطال التجلي الأروع لروح الفريق سجلوه في ملعب ويمبلي قبل إضافة الإنجاز التاريخي كأبطال أوروبا عندما منحوا اللاعب إريك أبيدال المدافع الفرنسي المحترف في صفوفهم شارة الكابتن تكريما له بعد استئصاله ورماً خبيثاً في كبده في مارس الماضي لينال بعد محنته شرف حمل الكأس الأوروبية الرابعة إنها روح الجماعة التي لا تتجسد إلا بين العظماء. - روعة جوارديولا لا يمكن الحديث عن المعجزة الكتالونية دون الوقوف أمام أسطورة جوارديولا النموذج العصري الفذ للمديرين الفنيين صاحب ال 40 ربيعا ومروض سحرة برشلونة فهو نسخة جديدة من المدربين الأفذاذ الذين يجيدون قراءة الملعب وتحرك النجوم حسبما يريد ببرامج خططية متنوعة تدرس في الأكاديميات الرياضية وتتسم بالمرونة والعبقرية سواء في مواجهاته المبهرة في الدوري الأسباني أو في البطولات القارية التي خاضها أبرزها لقاءاته الجماهيرية الصعبة مع النادي الملكي ريال مدريد والتي قاد فيها الفريق ببراعة أشاد بها خبراء الكرة في العالم بعد تفوقه علي استاذه مورينيو ثم اللقاء الأخير مع النادي الإنجليزي العريق في ملعبه ووسط جماهيره، تحت قيادة الداهية السير فيرجسون ليضيف البطولة العاشرة له مع البرسا خلال 3 سنوات هي مدة ولايته للفريق الكبيرليحقق نبوءة كرويف الذي رشحه لقيادة البرسا وسط دهشة الجميع. طريق جوارديولا لقيادة البرسا لم يكن مفروشا بالورود بل واجهته مطبات صعبة رسخ فيها شخصيته القيادية ولبناء فريق الأحلام ولم يكن غريبا عن المدرب الفلتة أن يجلس بجواره علي مقاعد البدلاء موهبة كبيرة في حجم رونالدينهو وغيره لإفساح الطريق لأسطورة جديدة هو الساحر الأرجنتيني «ميسي»، ويقدم للعالم توليفته الرائعة من النجوم في مقدمتهم فيا وإيفرا وأنيستا وتشافي والفونسوبيدور وأبيدال.. جوارديولا بتواضع الأبطال خرح بعد فوزه الساحق علي النادي الإنجليزي الكبير ليقول إننا لسنا الأفضل ولكننا نقدم كرة جميلة سيذكرها الناس بعد 10 سنوات. -أسطورة ميسي روعة جوارديولا الحقيقية أنه لا يبني أسطورته في عالم التدريب بملابسه الرسمية مثل قادة الأوركسترا العالميين بينما يوجه نجومه بنظرة عين، بل إنه يرسخ أسطورة جديدة في عالم الكرة تنتمي إلي الجيل الثالث من الأساطير وهو «ميسي» معبود الجماهير في العالم والذي يسير في نفس طريق عظماء الكرة بيليه ومارادونا ويتوقع الخبراء الإطلاق الرسمي للأسطورة علي مستوي منتخب بلاده الأرجنتين في بطولة كوبا أمريكا التي تقام هذا الشهر.. إنه الحلم الأكبر لميسي لتأكيد أسطورته وإضافة إنجاز تاريخي يضاف إلي ملف إنجازاته مع البرسا قائد الثورات الكروية في العالم وفنان الشعب وموسيقار الملاعب وأينشتاين كرة القدم حسب وصف عندليب التعليق العربي عصام الشوالي.