فى الوقت الذى تستعد خلاله محكمة القضاء الإدارى لتحديد مصير كل من القضيتين الخاصتين بتخصيص 100 ألف فدان من أرض توشكى لرجل الأعمال السعودى الوليد بن طلال بسعر 50 جنيها للفدان الواحد.. وتخصيص 966 ألف متر بالقاهرةالجديدة لشركة «بالم هيلز» بالأمر المباشر بسعر 250 جنيها للمتر، نص تقرير هيئة مفوضى الدولة عن القضيتين، اللتين من المنتظر البت فيهما «الثلاثاء المقبل» على أن هذه الأموال ملك الشعب بكل أفراده ملكية شيوع. الأمر الذى يكون معه لكل مواطن من أفراد هذا الشعب حق فى هذه الأموال، بل عليه أن يهب للدفاع عنه بكل الطرق والإجراءات والوسائل القانونية التى تجعله يحمى هذه الملكية. وعلى الرغم من بدء المفاوضات الرسمية بين مسئولى وزارة الزراعة وشركة المملكة القابضة للتنمية الزراعية التى يمتلكها الوليد بن طلال لمناقشة العروض الثلاثة التى تقدم بها الأمير السعودى، بعد صدور قرار النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالتحفظ عليها، إلا أن هذا لم يمنع محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة من إصدار حكمها فى الدعوى.. محكمة القضاء الإدارى ومنذ سبتمبر الماضى تنظر دعوى قضائية أقامها المحامى شحاتة محمد شحاتة وتضامن معه بعض المواطنين المصريين مطالبين بإصدار حكم قضائى بإلغاء قرار كل من رئيس الوزراء ووزير الزراعة السابقين ورئيس الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتخصيص هذه الأرض للوليد.لمخالفة هذا التخصيص لقانون المناقصات والمزايدات 89 لسنة 1998 الذى يمنع بيع أراضى الدولة بالأمر المباشر ولبيع هذه الأرض بثمن بخس.. وأثناء نظر هذه الدعوى حاول رئيس الوزراء ووزير الزراعة الخروج من هذه القضية مؤكدين أن محرر هذا العقد هى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية. الوليد بن طلال إلا أنه مع تداول المحكمة لهذه القضية وإلزام المحكمة الهيئة بحضور أصل عقد تخصيص هذه الأرض اكتشف أن العقد حرر بعد موافقة كل من رئيس الوزراء ووزير الزراعة على التخصيص ،الأمر الذى لا يبعدهما عن هذه القضية. وأخطر ما فى هذه القضية هى الحقائق والأرقام والمستندات التى قدمت عنها والتى كشفت عن كم الفساد وضرب القوانين بالأسلحة الحية التى وصلت إلى أجساد وبطون كل المصريين، بل وامتدت إلى أرواح شهداء الحروب التى خاضتها مصر من أجل الحفاظ على الأرض. وهذا ما جعل هيئة مفوضى الدولة بمحكمة القضاء الإدارى تؤكد فى تقريرها القانونى الخاص بهذه القضية أننا لسنا أمام عقد تخصيص عادى وإنما أمام عقد بيع قطعة من أرض مصر.. منطقة تمثل بعدًا استراتيجيا للظهير الجنوبى للدولة، ومن ثم فإن العقد بالخطورة الكافية التى تمس النظام العام المصرى، ليس على مستوى الأجيال الحالية فحسب وإنما على مستوى الأجيال القادمة أيضا. وسردت الهيئة فى تقريرها حقيقة تخصيص هذه الأرض للوليد، حيث وقع عقد التخصيص يوم 12 مايو عام 1997 بعد اعتماد مجلس الوزراء مذكرة وزارة الزراعة بالموافقة على طلب الوليد على توقيع عقد بتخصيص مائة ألف فدان بتوشكى بسعر خمسين جنيها لكل فدان. احمد المغربى وطبقا للعقد فمن حق الوليد أن يضع يده على ما هو أكثر من مائة ألف فدان بسعر خمسين جنيها أيضا، على أن يدفع 20% من ثمن الأرض عند التوقيع والباقى بالتقسيط! وعند استكمال دفع ثمن الأرض يحق له الامتلاك المطلق للأرض وتسجيلها باسمه، بل وتقدم رئاسة الوزراء ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة الأرض من الوليد! بالإضافة إلى عدم تحمل الوليد أية أعباء حكومية أو رسوم أو ضرائب من تسجيل الأرض أو الضرائب العقارية أو ضرائب رأس المال المتعلقة بالأرض أو بملكيتها. كما نص العقد على أن الحكومة المصرية ملزمة بإمداد أرض الوليد بالمياه الكافية للرى طوال 24 ساعة فى اليوم و365 يوما فى السنة! وانتهت هيئة المفوضين بعد مراجعة جميع أوراق هذه القضية إلى احتواء هذا العقد على العديد من الأخطاء القانونية الشديدة وغير المألوفة، منها أن هيئة التنمية الزراعية وافقت على بيع المائة ألف فدان للوليد بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات الذى يمنع على الهيئة التصرف فى الأراضى بالبيع بالأمر المباشر. أما قضية «بالم هيلز» فتتلخص فى الدعوى التى أقامها حمدى الفخرانى أمام محكمة القضاء الإدارى ضد كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية السابقين وشركة «بالم هيلز» فى إصدار حكم قضائى بصفة «مستعجلة» ببطلان العقد المؤرخ فى 23 أغسطس عام 2006 والموقع بين الهيئة والشركة بتخصيص 966 ألف متر مربع بالقاهرةالجديدة بالأمر المباشر بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات «89 لسنة 1998» الذى يمنع على الوزارات والهيئات والمصالح الحكومة بيع أراضى الدولة بهذه الطريقة. وتمثل هذه القضية قمة الفساد الظاهر، إذ إن أحمد المغربى وزير الإسكان السابق، خصص لشركة «بالم هيلز» الذى يعتبر هو أحد المساهمين الرئيسيين فيها، هذه الأرض دون النظر لأى قوانين! وكشفت هيئة المفوضين التى ذهبت إليها هذه القضية بالمستندات والأوراق أن ياسين منصور رئيس مجلس إدارة شركة «بالم هيلز» للتعمير تقدم بطلب إلى جهاز مدينة القاهرةالجديدة لتخصيص قطعة أرض لإقامة مشروع سكنى ووافق الجهاز.. ووافقت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على تخصيص 230 فدانا للشركة وحرر عقد البيع الابتدائى للأرض يوم الأربعاء 23 أغسطس عام ..2006 وكان بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ويمثلها فى التوقيع أحمد المغربى وزير الإسكان فى ذلك الوقت وشركة «بالم هيلز» مساحة الأرض بالمتر966 ألف متر مربع بمقابل مادى 241 مليوناً ونصف المليون جنيه بواقع 250 جنيها للمتر. و187 ألف جنيه والباقى بالتقسيط على خمسة أقساط آخر قسط ستدفعه الشركة فى 6 أكتوبر المقبل. وأكدت الهيئة فى تقريرها أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أبرمت هذا العقد دون اتباع القواعد المنصوص عليها فى قانون المناقصات والمزايدات.. كما أن َهذا العقد لم تتم مراجعته فى مجلس الدولة طبقا لنص المادة 61 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة .1972 كما أن هذا العقد تم بنظام الأمر المباشر على الرغم من أن القانون حدد الحد الأقصى للتعاقد الذى يجوز للوزير المختص اتباع هذه الوسيلة وهو خمسون ألف جنيه.