من المضحكات المبكيات التي لا نجد لها تبريرا حتي الآن هو الإبقاء علي حالة الفوضي السائدة في كل أنحاء القاهرة وجميع أركان مصرنا الحبيبة. ومع مرور الوقت تتكشف حقائق المؤامرة التي تتعرض لها الثورة العظيمة التي راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف المصابين. إن الانفلات الأمني الذي تتعرض له البلاد بشكل عام والقاهرة بشكل خاص نقرأ أو نسمع أو نري حرائق هنا وحرائق هناك أولها حرق المبني الرئيسي لوزارة الداخلية مرتين متتاليتين يفصل بينهما خمسة عشر يوما، حدثت الأولي وهي في حراسة الجيش وتبعتها المرة الثانية في توقيت غريب ثم حريق بالبنك المركزي وآخرها الحريق الذي شب في مبني وزارة السياحة بالعباسية.. انفلات أمني بالسجون، أعمال بلطجة في الشوارع والميادين وفي عز الظهر، تزايد المتطرفين المتدينين الذين يهددون وحدتنا الوطنية، تظاهرات واحتجاجات في كل مكان يترتب عليها تعطيل للعمل والإنتاج وإعاقة المرور في الشوارع المكتظة أيضا بالسائرين والراكبين مما يترتب عليه وقف عجلة الإنتاج وبث الرعب في النفوس لمن يعترض ولو كان عابراً. لأكثر من شهرين لا نجد للغياب الأمني أي تفسير وحين يسأل أحدنا يقال له لابد من إعادة الثقة بين الشرطة والشعب، ألا تكفي تلك المدة لإعادة الثقة؟ ما حدث في استاد القاهرة الدولي يوم السبت الماضي نموذج لهذا الغياب فهو مهزلة وفضيحة أخلاقية عندما نزلت الجماهير إلي أرض الاستاد قبل نهاية مباراة الزمالك والأفريقي التونسي والزحف في اتجاه حكم المباراة، ومساعديه والاعتداء عليه مستغلين الغياب الأمني وبلا مبرر دون أسباب لتملأ الملعب بعد أن كانت هناك تصريحات مسئولة من قبل الأجهزة الأمنية بأنها قادرة علي تأمين المباراة. تساؤلات كثيرة حول الدوافع الحقيقية لهؤلاء المشاغبين والبلطجية والسؤال الأهم أين الأمن ولماذا لم يمنع ما حدث وكيف دخل هؤلاء إلي الاستاد وهم يحملون الأسلحة البيضاء والهراوات؟ أصبح في يقيني أن هناك أذنابا للعهد البغيض مازالوا يعملون علي إجهاض الثورة وبشتي الأساليب أملا في الحفاظ علي مكاسبهم وثرواتهم الحرام في ظل حماية وفساد هؤلاء البلطجية وآخرين يحرضون ويحركون بعض فئات الشعب حتي يحدث الانفلات وتعم الفوضي في أنحاء البلاد ويدعمها في نفس الوقت الغياب الأمني الغامض والذي لا أجد له أي تفسير حتي الآن. ما حدث في طريق مصر الإسكندرية الصحراوي يوم الأحد الماضي نموذج آخر لهذه الفوضي والبلطجة والغياب الأمني حيث احتشد أكثر من ثلاثين عربة أتوبيس للنقل الجماعي أمام بوابة القرية الذكية لتغلق الطريق الصحراوي ذهابا وإيابا لأكثر من ساعتين حتي انصرفت دون أن يتعرض أحد لهؤلاء الخارجين عن القانون والذين يتسلحون بالهراوات الحديدية وغياب تام لأي شكل من أشكال الأمن سواء من الشرطة أو الجيش علي الرغم من تواجد نقطة الشرطة العسكرية بجانب بوابات الطريق الصحراوي الملاصقة للقرية الذكية وتستمر وجود العربات لليوم الثاني وحتي كتابة هذا المقال وتعمد هؤلاء البلطجية أن يقفوا لغلق الطريق الصحراوي ليس أمام المسافرين فقط بل أثناء خروج كل العاملين بالقرية الذكية «غير الذكية علي الإطلاق» لأنها أصبحت محاصرة من هؤلاء «أو غيرهم فيما بعد». عندي سؤال لوزير الداخلية اللواء منصور العيسوي وأجهزته المتعددة لماذا لا يحاسب كل من لا يقوم بالمهام الموكلة إليه من أفراد الشرطة؟ ألا يأخذون رواتبهم آخر كل شهر من حصيلة الضرائب التي يدفعها الشعب لتأمينه بشتي الوسائل؟ مصر الآن في حاجة شديدة لتكاتف كل قوي الشعب لوأد الثورة المضادة بجميع أشكالها، ذلك بوحدة الصف والكثير من الحزم والحسم للقضاء علي هذا الطوفان من التخريب والفوضي والانفلات الأمني. هذا إذا كنا نريد حقا أن تنتصر الثورة وتؤتي ثمارها.