واهم كل من ينظر إلى ما يجرى الآن من أحداث فى الشارع المصرى على أنه ثورة مضادة أو أن ما يجرى هو نتاج عمل فلول النظام القديم أو بقايا الحزب الوطنى.. إنها الفوضى الخلاقة التى تظهر وراء كل ثورة.. ولكى نفهم ذلك لابد من أن نعرف معنى الثورة المضادة التى هى مجموعة إجراءات يتخذها أعداء الثورة الأصلية لهدم مكتسبات ثورتهم والعودة إلى ما كان الوضع عليه قبل الثورة الأصلية أو حتى بعض ما كان عليه بينما الفوضى الخلاقة هى تعبير استخدمته كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة فى التعبير عن ضرورة مرور الشرق الأوسط كله ما عدا إسرائيل بحالة فوضى وعدم استقرار لبناء مجتمعات ديمقراطية حديثة.. بناء على ذلك فما يجرى الآن فى الشارع المصرى بدءاً بجرائم الخطف والسرقة وأعمال البلطجة مرورا بالمظاهرات والاحتجاجات الفئوية التى أدت إلى وقف عجلة الإنتاج وتهديد الاقتصاد أو اضطرابات طلاب الجامعات وتعطيل الدراسة وانتهاء بظهور شيوخ يكفرون كل من قال «لا» فى الاستفتاء على تعديلات دستور 1971 المعطل وغيرهم من السلفيين الذين نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين فى آن واحد.. كل ذلك يدعو إلى القلق والخوف.. وعندما أقر مجلس الوزراء مشروع قانون حظر الاعتصام والتظاهر بهدف مواجهة الوقفات الاحتجاجية التى تسببت فى وقف دوران العمل والإضرار بالمال العام والخاص خرج المنتقدون للقرار واعتبروه حصارا للحريات العامة وتهديدا لمكتسبات الثورة.. لذا يجب أن نتعامل مع هذا القرار بحكمة حيث يمكن الإعلان فى كل موقع إنتاج عن إنشاء مكاتب للشكاوى والتظلمات على أن يتم التعامل مع أى مظاهرة أو احتجاج من شأنه تعطيل الدراسة أو الإنتاج فى أى مصنع أو جامعة بكل شدة وحزم وإعلان ذلك فورا.. خلاصة القول أننا يجب أن نعلو جميعا فوق الاختلافات السياسية والفكرية بيننا واستعادة إجراء الحوار الهادئ ويعتبر بدء جلسات الحوار الوطنى والتى بدأت يوم الأربعاء الماضى فرصة لإعادة الهدوء والاستقرار للمجتمع المصرى وإتاحة الفرصة للعمل والإنتاج تحت مظلة دولة القانون على رأسها المؤسسة العسكرية والمؤسسات القضائية وجهاز النيابة العامة وأن نفتح الطريق للشرفاء من أبناء الشرطة والأمن لاستعادة دورهم حتى لا تتحول الثورة النظيفة إلى فوضى خلاقة.