لا أدرى كم سأحتاج من المقالات كى ينتبه صناع الأغنية الحديثة عن كيفية صناعة أغنية مشتركة بالمفهوم الصحيح؟! على صفحات هذه المجلة كتبت مرارًا وتكرارًا عن العوامل الرئيسية التى يجب أن تتواجد فى أى أغنية مشتركة، ولكن يبدو وكأننى أؤذن فى مالطا كما يقول المثل الشعبى، رغم أن ما نتحدث عنه يعتبر من البديهيات. ولكى لا أطيل على حضراتكم، صدر منذ أيام قليلة أغنية (معلمين) بصوت «تامر حسنى، وبهاء سلطان»، لا أعلم من هو صاحب الكلمات وكذلك من هو الملحن أو الموزع، والحقيقة أننى لن أبذل أى مجهود فى البحث عن أسماء فريق العمل، طالما هذا الفريق لم يهتم بذكر أسماء أعضائه على الفيديو المصور للأغنية، فلماذا إذن سأتهم أنا أو غيرى من الصحفيين أو حتى الجمهور، ما علينا! يبدأ سيناريو الفيديو المصور بمكالمة هاتفية بين «تامر حسنى»، مع «بهاء سلطان»، ويطلب منه ألا يتأخر فى موعده لأن «المكان محتاجه جدا، وهتبقى ولعت!»، ثم يبدأ «بهاء سلطان» ببداية الأغنية على طريقة الموال، قائلًا: «ماهو مش كده، مهو برضه ميصحش كده، جامدين أوى، ومعلمين على ناس كتير أوى»، ليستكمل «تامر حسنى» ما بدأه «بهاء» على نفس الجملة اللحنية وبنفس طريقة الغناء بدون أى تغيير، ويقول: «مش ذنبنا يشيلوا مننا وحاجات كده، كده كده كده». ثم يبدأ الإيقاع الموسيقى، ونستمع إلى صوت «بهاء سلطان» من جديد وهو يغنى مخاطبًا الجماعة قائلا: «مش باين صوتكوا ليه ولا احنا فوق أوى»، ليستكمل «تامر حسنى» الغناء ولكنه هذه المرة يخاطب المفرد قائلا: «زعلت؟ طب معلش، لا متقفش»، ومن هنا تبدأ أول المشاكل «الساذجة» فى عدم القدرة حتى على تحديد المخاطب فى الأغنية، فهل هم مجموعة كما يقول بهاء؟ أم فرد كما يقول تامر؟ لا نعلم الحقيقة! ثم نأتى إلى فقرة إعادة تدوير «الإفيه» بنفس التفاصيل، وكأننا عجزنا عن ابتكار الجديد، لنجد «بهاء سلطان» يعيد نفس الجملة التى قالها فى إعلانه قبل ذلك لنفس الشركة «علينا سقف الولعان»، ويقوم «تامر حسنى» هو الآخر بإعادة تدوير «افيه»، «عايزين نولع الدنيا»، التى غناها فى أغنية (حلو المكان)، ولكن هذه المرة يقول «كده ولعت ولا إيه؟». ولكن تكمن الإشكالية الحقيقية فى مدى فائدة اشتراك «تامر حسنى» مع «بهاء سلطان» فى هذا العمل؟ إذا كان «تامر حسنى» يغنى نفس الجمل اللحنية التى يغنيها «بهاء سلطان»، بل أن الأداء الغنائى يكاد يكون متطابقا، فما الفائدة إذن من تواجدهما معا، خاصة إننا إذا قمنا بحذف صوت أى منهما من الأغنية فلن تتأثر جودتها؟! لا أعلم الحقيقة لماذا إذن لم يقم «تامر حسنى» بما قام به من قبل بتقليد صوت «بهاء سلطان» وطريقة غنائه ويطرحها للجمهور على أنها «ديو»، مثلما فعل فى (راجعلى ليه)! إذا كان المنهج ثابتًا لا يتغير. يا حضرات، الأغنية المشتركة يجب أن تحتوى على حوار غنائى بين طرفين، بحيث يكون لكل طرف جمله اللحنية المختلفة عن الآخر، ويجب أن يكون كل عنصر فى الأغنية عنصر أساسى لا يجوز الاستغناء عنه، أو حذفه، وإذا حدث ذلك يختل توازنها الفنى، مثل أغانى «شادية» مع «عبدالحليم حافظ» و«فريد الأطرش»، ويفضل «ولكنه ليس شرط»، أن يكون الفنانون المشتركون فى نفس العمل من خلفيات موسيقية مختلفة للإمعان فى خلق التنوع، مثلما حدث فى رمضان الماضى بين «أنغام» و«محمد رمضان» فى واحدة من أنجح إعلانات الموسم سواء على المستوى الفنى أو الجماهيرى، وقبل كل ذلك يجب أن تصنع الأغنية من البداية على أنها غنوة مشتركة، وليست أغنية منفردة ثم نقوم بتقطيعها و«تأييفها» على «مقاس» المشتركين فى غنائها بعد صناعتها، مثل الذى يضع العربة أمام الحصان!