«الغاية تبرر الوسيلة» حكمة معروفة يتفق عليها البعض ويختلف عليها البعض الآخر، منا من يستخدم أى طريقة مشروعة كانت أم لا أو كونها تؤذى طرفًا آخر من عدمه فقط للوصول لهدف معين نسعى له، منا من يضطر لذلك ومنا من يستسهل للوصول لمراده ومنا من يتحجج بهدفه ليقوم بأفعال معينة، حكمة تمثل اختبارًا نتعرض كلنا له على اختلاف أعمارنا وظروف حياتنا، تلك التيمة الدرامية الأساسية للعمل الفنى (شهر زى العسل) الذى يعرض على منصة نيتفليكس. فيلم كويتى بطولة «نور الغندور» و«محمود بوشهرى» اللذان يشكلان زوجين التقيا على هدف محدد يجمعهما باختلاف أسبابه وعاشا أحداثًا كثيرة تجمعهما من جديد ولكن على أساس أقوى وهو الحب الصادق الحقيقى، فيلم (شهر زى العسل) يجمع بين الكوميديا والرومانسية، ورغم أن فكرته تم تقديمها كثيرًا فى أعمال فنية مصرية مثل فيلم (إنت حبيبى) ل«شادية وفريد الأطرش» فإن هذا العمل الفنى يعد خطوة مختلفة للسينما الخليجية وخاصة الكويتية، لأنه اعتمد على عدة عناصر جعلته جذابًا للجمهور وممتعًا، فهو ينتمى لفلسفة الفن للفن أى الفن من أجل الترفية أكثر منه عملًا فنيًا عميقًا يحمل فلسفة خاصة أو يؤكد على قيمة أخلاقية معينة، حيث جاءت الأحداث فى شكل حبكة الأزمة والحل، فهناك أزمات تتعرض لها شخصيات العمل «نور» و«حمد»، ويتم حلها مع تتابع الأحداث، وتلك النوعية من الحبكات الدرامية تجعل الجمهور يتعاطف مع شخصيات العمل أو أى منهم ويأخذ صفه حتى نهاية الأحداث، إلى جانب الرسم النفسى والجسمانى القوى لأبطال العمل الذى كتبه المؤلف المصرى «إياد صالح»، فترى شخصية «نور» التى تجسدها «نور الغندور» شخصية مرحة تلقائية تستمتع بالحياة تحب الرياضة والسهر والطبيعة فتلمس ذلك كمُشاهد فى رشاقتها وملابسها الأقرب للبساطة والمكياچ الهادئ، وتشعر بشخصيّتها المنطلقة المُقبلة على الحياة وطريقة تعبيرها عن مشاعرها وأفكارها التى تتصف بالجرأة والثقة، وبالطبع لن تصل كل تلك التفاصيل للجمهور بدون أداء مميز ل«نور الغندور» التى ترسم بذلك العمل الفنى بداية قوية لمشروع نجمة عربية، أما شخصية «حمد» التى يجسدها «محمود بوشهرى» فهو ابن صاحب شركة كبيرة، شخصية مسئولة، عمله أهم شيء بالنسبة له ووقته مخصص له فقط، شخصية تتسم بالاتزان والجدية نوعًا ما، وتلمس ذلك كمُشاهد فى طريقة ملبسه وصوته الرخيم الهادئ وتصرفاته المسئولة كرجل مع زوجته، وقد جسد تلك الشخصية «محمود بوشهرى» بصدق يجعلك تتعايش مع أفكاره ومشاعره وتصدقه، وهنا جاءت المتعة الفنية للمُشاهد فهو يعايش زوجين أصحاب شخصيتين متناقضتين جمعهما فقط الحب الحقيقى والمشاعر الصادقة الخالصة، وكل ذلك فى إطار من الكوميديا التى تجعلك تبتسم وأنت تشاهد ذلك العمل الفنى الذى يعتبر انطلاقة مميزة للسينما الكويتية يقدم توليفة ممتعة تصل للمشاهد العربى كوجبة خفيفة من الفن الراقى.
