مما لا شك فيه أن حرب غزة المستمرة منذ أكثر من 90 يوما ليست مجرد حرب بين طرفين، لكنها حرب لها تداعيات وانعكاسات خطيرة ليس على مصر بصفة خاصة، وإنما على العديد من دول منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وفى تقرير صدر عن صندوق النقد الدولى تضمن أنه بالرغم من أن الحرب فى غزة تسببت فى معاناة إنسانية هائلة للشعب الفلسطيى فى غزة من استشهاد أكثر من 22 ألف شهيد، وأكثر من 50 ألف مصاب، ناهيك عن حجم الدمار والخراب الذى أصاب مدينة غزة، إلا أنها سيكون لها عواقب على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع تأثيرات على كل الشعوب، كما أشار التقرير إلى أن التأثير الاقتصادى للحرب يمتد إلى ما هو أبعد من منطقة القتال، حيث تعانى البلدان المجاورة- مثل مصر والأردن ولبنان- بالفعل من أصداء اقتصادية وسط مخاوف بشأن خطر التصعيد وتداعيات الحرب وتأثيرها على قطاع السياحة على دول المنطقة، ووفق دراسة أصدرها برنامج الأممالمتحدة الإنمائى فإن تكلفة الحرب بالنسبة للدول الثلاث- مصر والأردن ولبنان- من حيث الخسائر فى الناتج المحلى الإجمالى قد تصل إلى 10.3 مليار دولار، أو 2.3 %من الناتج المحلى، ويمكن أن تزيد إلى الضعف إذا استمرت الحرب ستة أشهر أخرى، ناهيك عن إلغاء الكثير من حجوزات الطيران والفنادق فى الدول الثلاث بشكل خاص، وشهدت المنطقة تراجعا كبيرا فى حركة السفر للشرق الأوسط منذ بدء التصعيد فى السابع من أكتوبر بشكل عام، وتنفيذ إسرائيل بعدها ضربات جوية وعمليات برية على قطاع غزة، أدت إلى انخفاض حجوزات الطيران الدولية مع إلغاء المسافرين لرحلاتهم إلى الشرق الأوسط ومختلف أنحاء العالم، كما أعلنت بعض شركات الطيران العالمية أنها لن تطير لدول الشرق الأوسط لأسباب أمنية على مستوى العالم، ومن أبرز انعكاسات الحرب أيضا ما يشهده البحر الأحمر الآن من مواجهات من جانب الحوثيين بعد أن تحول هذا البحر إلى مسرح لعدة حوادث تستهدف سفن الشحن أثناء عبورها البحر الأحمر متجهة لعبور قناة السويس، مما استدعى إرسال البحرية الأمريكية سفينة حربية للمساعدة، أعقبها وصول فرقاطات من عدة دول لحماية حركة الملاحة فى البحر الأحمر مما أثر على حركة الملاحة فى قناة السويس، وبدأت شركات الشحن الكبرى تحول أساطيلها إلى رأس الرجاء الصالح لأسباب تتعلق بالسلامة، رغم أنه من المعروف أن الطواف حول إفريقيا يمثل زيادة فى تكليف الشحن، وتأخيرا فى تسليم البضائع، وعودة الحاويات إلى جنوب شرق آسيا- الهند والصين- كما أثرت هجمات الحوثيين على العبور فى قناة السويس، التى يمر عبرها ما يقرب من 5 % من النفط الخام فى العالم، و10 % من المنتجات البترولية، و8 %من تدفقات الغاز الطبيعى المسال البحرى. إن الاستمرار فى هذه الحرب سيضع المنطقة على صفيح ساخن وتهديد بمزيد من الاشتعال، وربما اتساع أكبر فى حال ما كثفت إسرائيل مثلا تحركاتها ضد سوريا، بما يستدعى تدخل روسيا حليفة دمشق، أو استهدفت الولاياتالمتحدة بشكل مباشر إيران التى تحملها مسئولية تصاعد الهجمات ضدها مؤخرا.. وتحيا مصر.
