الحفاظ على الهويَّة يأتى من خلال بناء الشخصية، التى يدخل فى تكوينها عدة عناصر، منها التنشئة الاجتماعية وتأثر التنشئة الاجتماعية بعدة عناصر، منها الأسرة والمَدرسة ووسائل الإعلام، وعند بناء شخصية سليمة سويّة تنشأ هذه الشخصية مُحبة للوطن تعتز بالقيم الأصلية كالانتماء والولاء والاعتزاز بالهويَّة والتمسك بها، مما يعكس أهمية وسائل الإعلام ودورها البارز والمؤثر فى بناء الإنسان وتشكيله. تُعَد الهويَّة الوطنية من أهم الموضوعات التى تتعلق بجوهر الأمن القومى؛ حيث يفرض موضوع الهويَّة الوطنية نفسَه فى حالة مواجهة تحدٍّ مُعَين عملاً بنظرية الفيلسوف والمؤرخ أرنولد توينبى «فى تحدٍّ والاستجابة»، وتظهر قضية الهويَّة وتطرح نفسَها على الساحة فى وجود تحدٍّ أو حالة وجود مشروع قومى يجتمع الناس حوله ويسعون لتحقيقه، ومما لا شك فيه أن قضية الهويَّة المصرية تتأثر بعوامل متعددة، فى مقدمتها التغير السياسى والاقتصادى والاجتماعى السريع. من هنا نجد أن جوهر الأمن القومى هو الحفاظ على الدولة من أى تهديدات وتحديات تؤثرعلى كيانها ومصالحها القومية وقواها الشاملة وقدرتها فى الحفاظ على قوتها (السياسية - العسكرية - الاقتصادية - الإعلامية)، وتنمية إمكانياتها بهدف تطوير نواحى القوة وتطويق جوانب الضعف فيه. الجدير بالذكر أن المثال الحى والملموس لكثير من أوجُه التقدم التكنولوجى وتقنية الاتصالات، تتمثل فى ذلك الجهاز الصغير الحجم الذى لا يتجاوز حجم اليد الواحدة، وفى القريب العاجل سوف يكون مجرد ساعة يد يضعها المستخدم حول معصمه، وهو جهاز التليفون المحمول، وخطورة هذا الجهاز تكمن فى أن المستخدم أصبح يحمل بين أصابعه وعلى مدار الساعة وسيلة مهمة وخطيرة أصبحت بشكل أو بآخر أداة للحصول على المعلومات والتفاعل مع وسائل الإعلام الأخرى، سواء من خلال ما يحصل عليه المستخدم من خدمة الرسائل الإخبارية فى شكل رسائل تُرسَل إليه، أو ما يتوصل إليه من معلومات عبر وُلُوجه إلى شبكة المعلومات الدولية، أو من خلال تفاعله المباشر باستخدام الرسائل القصيرة «SMS» فى البرامج والأعمال التليفزيونية المحلية والإقليمية والدولية استخدام برامج التواصل الشات كوسيلية لانتشار أى معلومة من دون التدقيق فيها أو الرجوع لمصادرها والتعرف لتوجّهها والجمهور المستهدف منها، ويستهدف جميع قطاعات الناس والشعب ككل، فيشمل من يستطيع أو لا يستطيع القراءة ومن يستطيع السمع أو المشاهدة، فهو إعلام شامل نظرًا لأنه يتوجَّه إلى كل من لديهم وعى وفهم واستيعاب، ومشترك؛ نظرًا لأدواته التى مكنته من الانتشار وتغطية أكبر رقعة ممكنة جغرافيّا وبشريّا؛ حيث تعتبر هذه الأدوات عنصر الشمول فى الإعلام ليس فقط فى الموضوعات التى يطرحها؛ وإنما أصبح فى التوجيه أيضًا. يذهب الباحثون فى علم الأنتروبولوجيا إلى أن أصل الشعب المصرى يرجع للجنس الحامى الذى كان هو العنصر الغالب فى الشعب فى ظل الحضارة الفرعونية، ثم اختلط الجنس الحامى مع الجنس السامى نتيجة هجرات العرب، سواء قبل الإسلام أو بعده؛ حيث زاد معدل الهجرات وامتزج الجنسان معًا، مما دفع الباحثين للقول بأن الشعب المصرى هو شعب متجانس Hemo-gemeous وليس متنافرًا، وأنه يعرف لهذا السبب عدم وجود صراعات طائفية أوعرقية أو دينية رئيسية عبر التاريخ المصرى. هويَّة الشخصية المصرية الإسلامية ثابتة فى دستورها وفى تصرفات شعبها المؤمن بالإسلام كدين وعقيدة يدين بها أغلبية الشعب المصرى، وكحضارة وثقافة يعيش فى إطارها جميع الشعب، سواء مسلمين أو غير مسلمين، كذلك نجد أن البُعد العربى فى الهويَّة المصرية هو حقيقة ثابتة ومؤكدة. تقوم الهويَّة على العلاقات بين الذات الفردية للشخص والعضوية فى الجماعة السياسية، فهى تشير من ناحية إلى أن ينظر الأفراد إلى أرض وطنهم على أنها بلدهم، وتشيرمن ناحية ثانية إلى التوترالذى تسببه أنماط السلوك والقيم الحديثة فى صدامها وصراعها مع الأنماط التقليدية وما يواكب ذلك من تغيير فى الولاء، ومن تغيير فى اتجاهات الأفراد ليصبحوا أقل أو أكثر قدرة على العمل مع بعضهم البعض، فمسألة الهويَّة لا تفترض تميز الذات عن الآخرين فحسب؛ وإنما تفترض أيضًا علاقة الذات بالآخرين. ولكى نعى ونحافظ على الشخصية المصرية التى هى السلاح الوحيد لردع هذا الإعلام الكاذب المدفوع لهدم الدولة المصرية يجب على الجميع أن يعمل على تثبيت ثقة أفراد المجتمع فى تراثهم، وحضارتهم، وفى إمكانية أن يسهموا بأنفسهم فى بناء حضارة وتحقيق إنجازات لا تقل عن حضارتهم ومجدهم السابق. العمل على اتساع وعمق المشاركة، فلا يظل الأفراد والجماعات، يمثلون جُزرًا صغيرة منعزلة، وإنما تتكامل أنشطتهم فى سبيل تحقيق الأهداف المشتركة التى ارتضوها. ملء الفراغ القيمى، وصراع القيم، داخل المجتمع وتجسيد قوة وعمق الشخصية المصرية المتسامحة القوية ذات البصيرة والفكر صاحبة الذوق والفن والرقى ذات عزة النفس النافرة للفساد المُحبة للوطن الهويَّة والقومية إحساس بالانتماء يجب أن تتم رعايته وتنميته، الشخصية المصرية الوطنية تتميز بأنها ذات محتوى ثقافى يربط بين أفرادها، كما أن من معالمها المميزة ارتباطها بدولة وأرض، والارتباط بين الهويَّة الثقافية والحدود السياسية أمر مميز للقومية والشعور بالوطنية شعور دفين موجود داخل المصريين منذ القدم، فقد كان المصريون القدماء يعتبرون أنفسَهم وطنيين أصلاً نشأوا ووُلدوا فى بلادهم وكانوا شعبًا معتزًا بنفسه. الجدير بالملاحظة؛ أن مصر كانت تُبعَث قوية بعد كل ضعف، بل أكثر قوة فى الدولة الوسطى أكثر رخاءً من الدولة القديمة، والدولة الحديثة أكثر امتدادًا من الدولة الوسطى. تُعَد العلاقة بين الوطن والوطنية والهويَّة والروح الوطنية والولاء والانتماء من أهم مقومات الكفاح الوطنى المشترك، الذى لعب دورًا مُهمّا فى تغذية الانتماء والولاء والروح الوطنية، لذلك تتضح ملامح الشخصية المصرية من خلال معالم الروح الوطنية فى التاريخ المصرى، ولم تكن مصر فى تاريخها الطويل متعلقة على نفسها ولا متعصبة لذاتها، ولا رافضة للاحتكاك الدولى، ولكنها كانت معتزة بنفسها وبهويّتها وبجذورها، وبحضارتها، ولكنها أيضًا باستمرار كانت نقطة اتصال بالعالم الخارجى ولها استعداد كامل لاستقبال الأفراد والأفكار، وكانت ولاتزال الوسطية والطيبة السائدة فى شعبها سببًا فى أنها كانت مقصدًا باستمرار للزّوار والسّياح المهاجرين. تميزت الشخصية المصرية على مَرّ عصور طويلة بسمات كانت أقرب إلى الثبات، ولذلك يعتبرها العلماء سمات أصلية، وذلك لتمييزها عن سمات فرعية أو ثانوية قابلة للتحريك مع الظروف الطارئة، فالمصرى تميز بكونه (ذكيّا، متدينًا، طيبًا، ساخرًا، عاشقًا للاستقرار)، وكان هذا يشكل الخريطة الأساسية للشخصية المصرية فى وعى المصريين ووعى غيرهم، وقد أدّى إلى الثبات النسبى لهذه السمات ارتباطها بعوامل جغرافية ومناخية مستقرة نسبيّا. المصريون هم السلاح الحقيقى الرادع ضد الإرهاب الفكرى والغزو الثقافى والإعلام المعادى على الدولة المصرية، أنتم يا شعب مصر العظيم على مَرّ العصور وعيكم وعزتكم وحُبكم لوطنكم ولجيشكم ولرئيسكم هو السلاح الأقوى أمام كل هذه الشرور التى يحاط بها بلدنا الحبيب مصر، كونوا لها سندًا، ردّوا أنتم على الشائعات، ارفضوا قنواتهم، هاجموا مَن يتطاولون على تقدّمنا، حفظتم وحُفظ بلدُنا وجيشنا من أى سوء.