يعتقد البعض أن الأفراح التى تقام فى القرى، والنجوع هى الأقل فى التكاليف، قياسًا بالأفراح التى تقام على اليخوت والمراكب والقرى الفندقية.. والحقيقة أن أفراح القرية أكثر فى تكاليفها من أفراح المدينة، لأنها لا تقتصر على يومٍ واحد، بل تمتد لأيام وربما شهرًا كاملًا، «30 يوما». تكاليف وطقوس الزفاف تختلف من إقليم إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى باختلاف العادات والتقاليد. العرس الصعيدى تعتبر ليلة العرس فى الصعيد الأكثر فى التكلفة، حيث تمتد مراسم الزواج ل40 يومًا، تمارس خلالها العائلات طقوسا خاصة ترسخت منذ قديم الأزل وأغلبها طقوس فرعونية توارثها أهالى الصعيد وخاصة القرى عن الأجداد. تبدأ مراسم الزواج قبل ليلة الزفاف بحوالى أسبوع فى منزل أهل العروسة، حيث تتجمع فيه والنساء يغنين ويرقصن مع العروس، كما يتجمع الشباب أمام بيت العريس كل ليلة والثلاث ليال الأولى مخصصة للإنشاد الدينى الذى يعشقه أهل الصعيد إلى جانب أغانى التراث الشعبى التى تغنيها الفتيات والمرتبطة بتاريخ القرية، وربما تاريخ العائلة نفسها وهى عبارة عن تمثيلية شعرية تخلو من التصنع ومعظم كلماتها تصور الصراع بين أهل العريس وأهل العروس ومعظم كلماتها ارتجالية وليدة اللحظة، وتناقلت عبر الأجيال وهى مجهولة المؤلف ويعتبر طقس الغناء من العادات التى كانت موجودة فى الزفاف فى مصر الفرعونية، وتخصص الليلة الرابعة للخبيز حيث تدعو أم العروس أهلها وجيرانها لمساعدتها فى الخبيز، حيث تعد كميات كبيرة من الخبز الشمسى والبتاو والفايش والرقاق والكعك والبسكويت للعروس. الليلة الخامسة للتنجيد ونقل أغراض العروس وفيها يشترى المنجد القطن والأقمشة، وكل ما يلزم لعمل مراتب السرائر والألحفة والمخدات الخاصة بشقة العروس، وحين ينتهى من عمله يرسل أهل العروس «العزال» إلى منزل العريس فى موكب يطوف القرية ثم تجتمع النساء ويذهبن خلف العزال والليلة السادسة للحنة. يزين أهل العريس المنزل وشوارع القرية الرئيسية ويبدأون باستقبال المهنئين والمباركين من أصدقاء العريس وجيرانه وأفراد عائلته وتقتصر حنة العريس على الرجال فقط، وتبدأ مراسمها منذ الصباح حتى المساء ويرقص الرجال بالعصا والخيل على أنغام الطبول والربابة والمزمار البلدى إلى حين تهيئة حنة العريس فى صينية كبيرة تملأها الشموع ويبادر أقارب وأصدقاء العريس المقربين بوضع الحنة على يديه ورجليه وفيما يخص حنة العروس فتختلف عن ليلة حنة العريس، وفيها تتجمع النساء حول العروس ويغنين لها ويتغزلن بجمالها وحسبها ونسبها وبعدها ترسم أكبر نساء العائلة سنًا الحنة على كف العروس والبنات وفرد الحنة على شعرهن، كما تعطيهن نصائح ليلة الزفاف الليلة السابعة والأخيرة للعروس فى منزل أهلها هى ليلة الزفاف، حيث يستخدم أهلها مكبرات الصوت من الصباح وتذبح الذبائح وتوزع نصفها على أهالى القرية والنصف الآخر يُستخدم فى إعداد وليمة الغداء للمعازيم ثم يذهب العريس وجميع رجال عائلته وجيرانهم وأصدقائهم فى موكب لعقد القران وبعدها تنطلق الزفة من منزل العروس وترافقها حتى منزل العريس، ويظل أهل العروس يحتفلون يوميًا حتى انتهاء الأربعين يومًا. هالة عبدالشكور عروس حديثة الزواج من أسيوط، تقول: «لا تزال حفلات الزفاف تشكل عبئا كبيرا على الأسرة وعلى عائلات الطرفين وذلك بسبب تمسك أهالينا بالعادات والتقاليد، وتكاليف ليالى العرس السبع الأولى بين 150: 200 ألف، حيث يُذبح فيها ما لا يقل عن ثلاث ذبائح بخلاف الخبيز و«خزين العروس»، حيث يعطى العريس أهل العروس مبلغا ماليا يشترون به كل ما يلزم العروس من أكل وخزين وغيره إلى جانب زيارات أهل العروس اليومية حتى نهاية الأربعين يومًا، محملين فيها بالطعام والملابس الجديدة والهدايا والزيارات لأهل العريس. وأضافت: «هناك عائلات تكلف العرس مبالغ طائلة حيث تظل المراسم والاحتفالات 40 يومًا مكتملة، يتم الذبح فيها يوميا وإعداد والولائم وفرق الإنشاد مستمرة. الأصالة النوبية المهر لدى النوبيين ثابت منذ قديم الأزل وهو 21 جنيهًا فقط، مقسمة بين 15 جنيهًا مقدما و6 جنيهات مؤخرا، ولا يعترف النوبيون بقائمة المنقولات التى يتمسك بها البعض، إلا أن العرس النوبى من أغلى الأعراس فى مصر حيث تمتد الاحتفالات 7 أيام يتم خلالها ذبح الذبائح عند بيت العريس ويقيمون الولائم إلى جانب الاحتفال برقصة الكف، بالإضافة إلى يوم النقود ويعتبر من أهم المراسم النوبية حيث يجلس العريس على الأرض وتضع امرأة عجوز الحنة فى يده وقدمه، وبجواره طبقان يضعون فيهما النقود والشخص الذى ينقط العريس يرسمون له خلف الله وهى عادة من العادات النوبية المتوارثة، حيث يردد الرجال أو الشباب مع بعضهم هذه المقولة «خلف الله عليك يا عريس فلان الفلان ينقط العريس 2000 كيس خلف الله عليك يا عريس»، والسيدات يزغردن والشبكة فى النوبة من أهم تحضيرات العرس وعلى العريس أن يقدم لعروسه هو وأهله هدايا ذهبية كثيرة طوال مدة السبعة أيام لا تقل عن صينيتين، ورغم أنه تغيرت بعض المفاهيم فى الأفراح النوبية، لكن المراسم والتكاليف لا تزال ثابتة بل بالعكس ازدادت تكلفتها بسبب رغبة الفتيات النوبيات إضافة طقوس لأهل المدن كفستان الزفاف وتكاليف الكوافير والمكياج وجلسات التصوير الخاصة وغيرها. حسين محمد أحد أبناء النوبة المقيمين بالقاهرة، يقول: «ربما لم تختلف العادات المرتبطة بالأفراح كثيرًا عن الماضى فى النوبة ولا يزال هناك الكثير من العائلات تتمسك بكل مراسم العرس وطقوسه التى تتخطى تكاليفها 80 ألف جنيه، ومن ناحية أخرى توجد عائلات أصبحت تخفف عبء التكاليف عن الشباب حيث خفض البعض عدد أيام الزفاف من 7 إلى 3 أيام، والبعض الآخر يقيم ليلة واحدة للزفاف مثل أفراح المدن وذلك مراعاة للظروف الاقتصادية للشباب وخاصة المغتربين، كما أن العروس أصبحت تشارك فى تجهيز منزل الزوجية وتقبل العيش فى غرفة بمنزل العائلة، بشرط أن يفرشها العريس بفرشها وتتولى العروس مهمة الرفايع «التجهيزات الخفيفة» من تنجيد وأدوات المطبخ وغيرها. أفراح القبائل والبدو يتم العرس فى أفراح القبائل على 3 أيام بداية من يوم الأربعاء إلى الجمعة، وخلال أيام العرس الثلاثة تقام الحفلات، من الرقص والأغانى البدوية والذبائح والولائم للاحتفال بالعرس وحضور جميع أبناء القبيلة ودعوة القبائل الأخرى وخلال أيام العرس ترتدى العروس 3 فساتين مختلفة الى جانب أطقم من الذهب المكونة من الكردان والحجل «الخلخال» والبيشة الذهبية فى اليوم الأول الذى يسبق يوم الزفاف ترتدى العروس فستان زفاف بدويا تقليديا من أغلى الأقمشة، ومطرزا بخيوط ملونة، وفى اليوم الثانى يوم الزفاف ترتدى العروس فستانا أبيض اللون وتحته بنطلون مطرز يدويًا وتستقبل بهذا الزى عددا من أقاربها وأصدقائها، أما الفستان الثالث فمخصص للقاء الأول بين العروسة وأمها بعد ليلة العرس ومن ضمن تكاليف العرس الذهب حيث يشترى العريس كردان ذهب كبيرا وتاجا ذهبيا مرنا للعروسة ومجموعة من الأساور والخواتم بالإضافة إلى العديد من الأقمشة المختلفة والفساتين باهظة الثمن للعروس والعطور والمكياج إلى جانب تقديم العريس إلى عروسه مهرا يتراوح بين 6 و8 جمال إضافة إلى الصداق المدون والذى لا يقل عن 30 ألف جنيه. زفاف 5 نجوم تصنف حفلات الزفاف الخمس نجوم ضمن الأعلى تكلفة، حيث تظل هناك فئة من الشباب والفتيات يصرون على إقامة الأفراح الفاخرة رغم الأزمة الاقتصادية والتغيرات الواضحة فى الأسعار، ورغم عدم ارتباطها بعادات أو تقاليد معينة حتى تحولت الأفراح بالنسبة لكثير من الأسر لمصدر للهموم والديون بسبب التكاليف المبالغ فيها لليلة العمر والتى يضطر معها الكثير من الأهل وحتى الشباب أنفسهم إلى اللجوء للاقتراض من البنوك والاستدانة لتوفير هذه التكاليف، وبعد أن تنتهى ليلة الزفاف يجد هؤلاء الشباب أنفسهم مطالبين بسداد ديون مرهقة وبشكل لا يغطيه دخلهم البسيط الأمر الذى يؤدى بهم للكثير من المعاناة. أمنية توفيق منظمة أفراح، تقول: «كثير من الشباب يطلبون تنظيم فرح 5 نجوم فى قاعات أو فلل فخمة والغريب أن معظمهم من الطبقة المتوسطة ولا يملكون التكاليف الكاملة للحفل، وأغلبهم يقترضون من البنوك لإقامة الفرح وتضيف عندما أعرض عليهم فرحا بتكاليف أقل أو فى مكان متوسط يرفضون بشدة بحجة أن كل أصدقائهم أقاموا أفراح 5 نجوم وأنهم ليسوا أقل منهم، ويتكلف أقل فرح خمس نجوم 150 ألف جنيه. محمود ثابت، موظف بأحد البنوك، يقول: «تزوجت منذ 5 شهور، عندما قررت الزواج لم أتوقع أن تكون تكاليف الأفراح بهذا الارتفاع الكبير، رغم أننى سمعت من أصدقائى وأقاربى الذين سبقونى أنهم اضطروا للاستدانة من البنوك للوفاء بتكاليف الزواج، وعندما بدأت رحلة البحث عن مكان محترم لإقامة الفرح عرفت أن موضوع الجواز بقى خراب بيوت مش بناء بيوت. وأضاف: «زوجتى أصرت على إقامة حفل زفاف 5 نجوم والتكاليف وقتها كانت 90 ألف جنيه.