أطلق الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» على ابنه اسم «عبدالحكيم»، كى يكون اسمه مثل اسم صديق عمره «عبدالحكيم عامر». لم يكن يدرك الأب ولا الابن ولا الصديق أنه سوف يأتى يوم تنهار فيه هذه الصداقة ويمر التاريخ يوما بعد الآخر ويرحل «ناصر» و«حكيم» وترحل معهما الفترة العصيبة التى مرت بها مصر «هزيمة 76» والتى أدت إلى الفرقة بينهما.. ولم يبق من هذه الفترة سوى فتات صراع مازالت تعانى منه الأسرتان «ناصر» و«عامر» وتبقى رائحة الصداقة والأيام الحلوة فى اسم «عبدالحكيم جمال عبدالناصر» الذى تحدثنا معه عن رأيه فى أحدث عمل فنى يجسد شخصية والده وهو مسلسل «صديق العمر».
∎ ما انطباعاتك حتى الآن عن المسلسل؟
- سيئ جدا.. أولا أداء «جمال سليمان» رغم أنه ممثل كبير فإنه لم يستطع أن يلمس أى جانب من جوانب شخصية «جمال عبدالناصر». ثانيا: هناك أخطاء تاريخية فادحة يعنى مثلا مؤتمر الخرطوم- مع احترامى- لم يكن من أجل استجداء السعودية.. ثم تأتى التفاصيل الخاطئة عندما يصور المسلسل جلسة بين «جمال عبدالناصر» و«هيكل» فى حديقة منزلنا نجد بها ظهور للعديد من الحراس وهذا غير حقيقى، «عبدالناصر» الذى كان يسير فى الشارع بسيارة مكشوفة لم يكن يلازمه الحرس ولم نر حرسا أبدا داخل بيتنا ولا حتى فى حديقة المنزل. هذا شىء غير صحيح ولا أظن أن حرس أى رئيس حتى الرئيس «السيسى» يتواجدون بهذه الصورة داخل جدران منزله. ثم نجد أن المسلسل يقدم الوضع فى مصر كما لو أنه لا توجد دولة. مجرد حفنة من رجال الدولة يجتمعون ويقررون وهذا غير صحيح كان هناك حكومة ومجلس نواب، بالإضافة إلى أننا مللنا من قصص التعذيب التى يلتزم بها الكاتب «ممدوح الليثى» منذ فيلم «الكرنك» وحتى الآن وكل الأعمال تتعرض لفكرة أن فترة «عبدالناصر» كان بها تعذيب بالمعتقلات وهذه مجرد محاولات لتشويه فترة «عبدالناصر».
∎ لكن «صلاح نصر» تمت محاكمته بسبب التعذيب فى المعتقلات؟
- الجيل الجديد يفهم أن «صلاح نصر» تمت محاكمته فى عهد السادات ولم يدان فى عهد ناصر وهذا غير صحيح.
∎ هل تشعر أن المسلسل يسير فى اتجاه انتقاد ل«عبدالناصر»؟
- نحن الآن خارجون من ثورة 03 يونيو التى كان أيقونتها «جمال عبدالناصر». فمن غير المعقول أن نقدم مسلسلاً ركيكاً وضعيفاً ويظهر الزعيم بهذا الشكل الردىء.. حتى الشكل العام للمسلسل، فالمخرج فشل فى أن يجعلنا نشعر بهذه الفترة، بعكس فيلم «ناصر 65» مثلا الذى نقلنا تماما للمرحلة التى تجرى بها الأحداث من تحديات وشعارات.. فى النهاية الصورة التى يظهر «عبدالناصر» فى هذا المسلسل لا يمكن أن نلوم فيها الممثل «جمال سليمان» بقدر ما نلوم المخرج الذى لم يلاحظ أن الممثل لم يقترب من الشخصية. حتى فشل المخرج فى الانتباه لشكل الحوار فنجد مثلا «شمس بدران» ينادى المشير «عامر» باسمه وهو مجرد مدير لمكتب المشير..
∎ ما رأيك فى الأزمات التى قدمها المسلسل فى حلقاته الأولى مثل الانفصال عن سوريا ومشاكل التأميم؟
- لقد كنت صغيرا جدا فى هذه الفترة ولكن ما أعرفه هو أن الوحدة بين مصر وسوريا أغضبت كل القوى التى كانت تريد السيطرة على المنطقة والتى كانت تهدف إلى تفرقة العرب حتى تتمكن من الاستفراد بكل دولة على حدة.. وعامة كل شىء له إنجازات وإخفاقات.. أما عن التأميم فيظهر فى المسلسل كما لو أنه يحمل تحذيرا للنظام الحالى من محاولة إعادة توزيع الثروات.
هذا المسلسل لم يدرك القائمون عليه أنهم يقدمون عملا مهما عن حقبة تاريخية مهمة وعلاقة بين اثنين أثرت فى الناس والتاريخ فكان يجب صناعته بدقة ومجهود فى البحث بصورة أكبر.
∎ هل تعتقد أن المسلسل تحيز للمشير «عبدالحكيم عامر» على حساب الرئيس «جمال عبدالناصر»؟
- لا يمكن أن أقول أنه تحيز ولكنه يرصد الفترة بأكملها بشكل غير حقيقى ويركز على أمور بعينها.. يعنى الثورة لم يكن بها أى شىء جيد، فلكل شىء إيجابياته وسلبياته فالتأميم أضر ب «7800» شخص فى مقابل «26 مليوناً» استفادوا من عمال وفلاحين.
∎ هل تقبل أن تأتى نهاية مسلسل «صديق العمر» بمقتل المشير؟
- كل شخص يقول ما يريد.. وهناك نقطة مهمة لقد تربينا مع أسرة المشير وندرك جيدا ألا أحد يقبل فكرة انتحار والده ونحن لم نستاء من كل ما قالته أسرة المشير من أنه قتل.. نحن نفهم موقفهم. وفى النهاية كان هناك تحقيق ونيابة ودولة أقرت أنه انتحر.. وما جاء غير ذلك مجرد اجتهاد. وعامة لقد توقفت عن متابعة المسلسل حتى لا أهدر وقتى.