البرادعى عضو فى مجلس أمناء المجموعة الدولية للأزمات وذلك وفقا لما هو مذكور على الموقع الرسمى للمجموعة. وهى تعتبر من مؤسسات ال Think Tanks أو مراكز الفكر؛ رئيس هذه المنظمة هو مورتون أبراموفيتز وهو يهودى يأتى بعده الملياردير جورج سوروس وهو ملياردير يهودى أمريكى، كذلك يعمل فى مجلس إدارة مجموعة الأزمات الدولية: الجنرال فى الجيش الأمريكى «ويسلى كلارك»، والجيوسياسى زبيجنيو بريجينسكى، ووزير الخارجية السابق لإسرائيل «شلومو بن عامى»، ومحافظ بنك إسرائيل «ستانلى فيشر» ورئيس إسرائيل الحالى «شيمون بيريز»، و«ليزلى جيلب» الرئيس الفخرى لمجلس العلاقات الخارجية وصاحب مشروع تقسيم العراق، و«غسان سلامة» الوزير اللبنانى السابق، و«ويسلى كلارك» رئيس سابق لقوات حلف الناتو فى أوروبا.
كذلك «ريتشارد أرميتاج» و«كينيث أديلمان» من أعضاء المجموعة الدولية للأزمات وهم أيضا موقعون على مشروع القرن الأمريكى الجديد - PNAC الذى يقود سياسة الهيمنة الأمريكية على العالم برعاية المحافظين الجدد وهو أحد المشاريع المهندسة للحرب الوهمية على الإرهاب.
البرادعى علق عضويته فى مجموعة الأزمات الدولية فى يناير 2011 قبل الثورة المصرية كما هو مذكور على موقع المجموعة نفسه، وهذا معناه أن البرادعى يعلم بالتأكيد عن حدوث ثورة فى مصر قبل حدوثها ولم ينه تعامله مع المجموعة بشكل كامل وقد يعود كعضو رسمى فيها فى وقت لاحق. البرادعى فى لقاء له بأحد البرامج فى 6 أكتوبر 2011 قال إن المجموعة بها مجموعة من خيرة العقول فى العالم ويقول إنه شاهد الملياردير الصهيونى جورج سوروس مرتين فى حياته وصافحه (يبدو أن شيمون بيريز وبريجينسكى وسوروس وشلومو بن عامى وستانلى فيشر وويسلى كلارك هم خيرة عقول العالم بمقاييس البرادعى.
تمويل المجموعة يتم بنسبة 40٪ من 22 دولة، و32٪ أتى من خمس عشرة جمعية منها صندوق وقف الجالية اليهودية، والباقى من أفراد ومؤسسات خاصة. ولكن تلك الدول الاثنين والعشرين هى بالأساس أمريكا وبريطانيا وبقية الاتحاد الأوروبى وسويسرا وكندا وأستراليا واليابان وتايوان وتركيا، ورغم أن المجموعة تزعم أنها غير حكومية إلا أن الحكومات هى من يمولها.
وما يهمنا الآن هو التقارير التى أصدرتها مجموعة الأزمات الدولية بخصوص الدولة المصرية والحقيقة أن دعم المجموعة للأحزاب الدينية السياسية ظهر فى عدة تقارير المنظمة منذ سنوات ففى أكتوبر 2005 أصدرت المجموعة تقريرا بعنوان: «إصلاح مصر.. البحث عن استراتيجية'' ووضع التقرير توصيات للحكومة المصرية آنذاك ننقل لكم بعض ما جاء فيها نصا:
الاعتراف بالحاجة، كجزء لا يتجزأ من العملية الأوسع للإصلاح السياسى، إلى إضفاء الشرعية على وضع الإخوان للسماح لهم بالمشاركة فى الحياة السياسية واتخاذ الخطوات التمهيدية لتحقيق ذلك، وعلى الخصوص:
1- إضفاء الشرعية على الإخوان كجماعة، وإلى أن يتم ذلك، التوقف عن الاعتقال التعسفى للإخوان بحجة عضويتهم فى منظمة محظورة والإفراج عن جميع المعتقلين حاليا بسبب هذه الحجة وحدها.
2- النظر فى مراجعة وتنقيح القوانين المتعلقة بالأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية للسماح للإخوان المسلمين والمنظمات اللاعنفية الأخرى ذات المرجعية الدينية بالمشاركة جماعيا فى السياسة.
3- دراسة كيفية فصل إشراف الدولة على الأوقاف والمؤسسات الدينية عن الحزب الحاكم.
4- إشراك قيادة الإخوان فى حوار مفتوح حول هذه القضايا.
أى أن مجموعة الأزمات الدولية طالبت وأوصت الرئيس مبارك بالاعتراف بحزب الإخوان وإشراكهم فى الحياة السياسية منذ عام 2005 وهو ما حدث نسبيا بالفعل فقد تم السماح لبعض أعضاء الإخوان بالترشح والفوز فى مجلس الشعب.
وبتاريخ يونيو 2008 جاء تقرير آخر لمجموعة الأزمات الدولية بعنوان: «الإخوان فى مصر:
المواجهة أو الاندماج؟ وليس من المحتمل أن يتم الاعتراف بحزب تابع للإخوان والرئيس مبارك ما زال فى السلطة، بل الأرجح أن يتأجل هذا الأمر إلى ما بعد التغيير الرئاسى.
مع هذا فلا يلزم أن تبقى الأمور كما هى الآن، فالتغيير هو أمر لازم. وعلى كل من النظام والإخوان البدء فى حوار واتخاذ خطوات مبدئية تمهد إلى تطبيع الأوضاع.لا ينكر أحد أن للإخوان من القوة والشعبية ما يجعل تحقيق الاستقرار والديمقراطية صعبا بدون دمجهم فى العملية السياسية بشكل ما.
ومن التوصيات التى جاءت للحكومة المصرية فى هذا التقرير:
1- إفساح المجال لمشاركة الإخوان بشكل منظم فى الحياة السياسية، وهو ما يتطلب: أ. توضيح أو إعادة النظر فى المادة 5 من الدستور، بشكلها المعدل فى 2007 وذلك بهدف وضع ضوابط لتكوين حزب سياسى ذو مرجعية دينية.
ب. إعادة النظر فى القوانين الخاصة بالأحزاب السياسية والهيئات المنفذة لتلك القوانين، مثل لجنة الأحزاب السياسية فى مجلس الشورى، من أجل السماح بتكوين أحزاب جديدة، بما فى ذلك الأحزاب ذات الخلفية الدينية، فى إطار التزام أوسع نطاق بالتعددية السياسية
ومن التوصيات التى جاءت لجماعة الإخوان فى نفس التقرير: الدخول فى حوار مع كل من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدنى، وذلك من خلال:
أ. الاتصال بالمسئولين والعناصر الإصلاحية فى الحزب الوطنى لمناقشة الشروط اللازمة لاتمام دمج الجماعة سلميا فى العملية السياسية.
ب. التحاور مع الأحزاب والحركات العلمانية المعارضة بهدف التوصل إلى تفاهم مشترك بخصوص أفضل السبل لدمج الجماعة فى الحياة السياسية وأيضا بخصوص الموضوعات المتعلقة بالإصلاح السياسى.
ج. الدخول فى حوار صريح مع ممثلى المجتمع القبطى بشأن العلاقات الطائفية وموقف الإخوان من الأقليات الدينية.
د. تقديم الدعم الصريح والشامل للإصلاح السياسى، بدلا من السعى لعقد اتفاق ثنائى بين الجماعة والحكم.
ه. الحرص على أن تكون المواقف التوافقية التى يتم التوصل إليها قد نوقشت داخل الجماعة على نحو ديمقراطى، تلافيا لتضارب الرؤى بين الأعضاء.
5- إقرار وتعديل البرنامج السياسى للجماعة بشكله النهائى، على نحو يتضمن:
أ. تعديل موقف الجماعة بخصوص دور المرأة وغير المسلمين فى الحياة العامة.
ب. الاستمرار فى الاستماع لآراء شريحة عريضة من الأعضاء وغير الأعضاء فى الجماعة.
ج. توضيح العلاقة بين الجماعة والحزب السياسى المرتبط بها مستقبلا.
وهنا يستوجب علينا أن نتذكر مبادرة شنتها جماعة الإخوان تحت مسمى «المطالب السبعة للإصلاح» وذلك فى منتصف عام 2010 حيث دشن تلك المبادرة محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان فى مصر وتوافق عليها الإخوان والجمعية الوطنية للتغيير بقيادة البرادعى وهنا يظهر جليا تعاون البرادعى ممثلا للأحزاب الليبرالية مع الإخوان كممثل للإسلام السياسى.
وقام كلا الطرفان بجمع التوقيعات الشعبية على تلك المطالب التى كان يتم الدعوة لها من خلال كلا الإخوان والجمعية الوطنية للتغيير كما كان البرادعى يشارك فى ندوات واجتماعات الإخوان لجمع التوقيعات على تلك المطالب.
وفى 25 أكتوبر 2010 أجرت جريدة ديلى بيست حوارا مع البرادعى جاء عنوانه «التخطيط لثورة فى مصر».
حيث ذكر البرادعى فى الحوار عمله على إسقاط نظام مبارك ويذكر المقال أن البرادعى بذر شعلة الحماسة فى الشباب المصرى وأعطاهم الأمل فى صنع التغيير بمصر وجذب الشباب المصرى حوله.
نستطيع هنا أن نرى أن خطة الغرب كانت مصوبة نحو تمكين الإخوان من الحكم فى مصر منذ البداية، والبرادعى كان لاعب رئيسى فى ذلك. ولكن هل منظمة الأزمات الدولية هى الوحيدة التى دعت لإشراك الإخوان فى الحياة السياسية؟ الإجابة لا وسنذكر إجمالا لا حصرا بعض المنظمات الأخرى التى أصدرت تقارير مشابهة لتحقيق نفس الأهداف.
أثناء الثورة فى مصر بتاريخ 7 فبراير 2011 أوصى «جاريد جوهين» مؤسس منظمة موفمنتس دوت أورج ومدير أفكار بشركة جوجل وأصغر عضو فى مكتب الخارجية الأمريكية وكذلك عضو فى برنامج جيل جديد التابع لفريدوم هاوس التى يمولها أيضا جورج سوروس بقراءة دراسة أعدتها مجلة الشئون الخارجية الأمريكية الفورين أفيرز بتاريخ 2007 والدراسة بعنوان «الإخوان المسلمون المعتدلون»، وللعلم تواجد جاريد كوهين فى مصر أثناء الثورة تحديدا يوم 27 يناير 2011 .
الدراسة لباحثاين هما: روبرت س. ليكين وستفين بروك فيها ما نصه :
أحد قادة التيارات الإصلاحية قال لنا: «لا يتم الإصلاح إلا إذا عمل الإسلاميون مع سائر القوى الأخرى، بما فيها العلمانيون، والليبراليون». وقد وجدت هذه التيارات مساحة جيدة للعمل تحت سقف حركة (كفاية) المصرية، والتى تحتضن إلى جانب الإخوان المسلمين، مجموعات من العلمانيين، الليبراليين، الوطنيين، واليساريين.
وفى نهاية الدراسة ذكر نصا: وفى موضوع التعامل مع حركة الإخوان فإن الحكمة تكمن فى التمييز بين هذه الحركة وبين الحركات الجهادية، وعلى أهمية الفروقات بين مختلف التيارات الإخوانية فى الدول المختلفة. هذه المقاربة تفرض على واشنطن أن تعالج كل قضية على حدة، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة التى تعيشها كل دولة من الدول فيما يتعلق بتوقيت التعاطى مع من، ومتى يكون، أو العمل مع من، فى هذه الحالة فإن الإخوان هم القوى الأقرب والأنسب.
وليس هذا كل شىء فبتاريخ 24 يناير 2013 تم استجواب السيناتور جون كيرى فى الكونجرس الأمريكى لترشيحه كوزير للخارجية وفى الاستجواب ألقى الضوء على التعاون بين أمريكا والإخوان ، وكيف قبلت أمريكا بالإخوان من أجل ضمان أمن إسرائيل.
راند باول يسأل: كيف تقبل أمريكا أن تدعم الإخوان بكل هذه الأموال الضخمة ووصولهم للحكم وفى الوقت ذاته لمرسى تصريحات سابقة ضد الصهيونية ويصف اليهود بالخنازير والقردة؟
إجابة جون كيرى: لقد تم إيقاع اللوم على مرسى وهو قام بدوره بالاعتذار وأصدر تصريحين لتصحيح تلك التصريحات المشينة ضد اليهود. والأمور السياسية لا تسير بالأبيض والأسود.. إن لنا فى مصر مصالح حرجة من أهمها أمن إسرائيل، والإخوان تعهدوا بالحفاظ على أمن إسرائيل ويقول إن اسرائيل تهتم بشئون تتعلق بالأمن القومى فى سيناء.
ويرد بأول تعليق على كيرى فيقول: ظلت أمريكا تدعم وتغذى الإرهاب الإسلامى الراديكالى مثل تنظيم القاعدة وبن لادن فى أفغانستان بالأموال والأسلحة وهى تفعل نفس الشىء الآن مع الإخوان فى مصر وسوريا وفى نفس الوقت وعلى الجانب الآخر تدعم إسرائيل بالسلاح!!، كيرى قال معلقا: من ندعمهم بالسلاح لا ندعمهم بنفس قدر الدعم لإسرائيل فنحن نحافظ على التوازن بحيث تبقى إسرائيل الأقوى.
وعلى جانب آخر قدمت مجموعة الأزمات الدولية تقارير عن عدة دول عربية منها مصر واليمن جاء تقرير بعنوان (نقطة الانهيار .. قضية اليمن الجنوبى) دعت فيها إلى الاعتراف بالقضية الجنوبية فى صورة تمهيدية يقصد بها تسييغ لفكرة انفصال جنوب اليمن تحت حجة تقرير حق المصير كما حدث فى جنوب السودان، ولكن العرب الأحواز الذين تحتلهم إيران ممنوعون من هذا الحق التقريرى والفلسطينيون ممنوعون أيضا وإقليم الباسك فى إسبانيا وولاية كاليفورنيا ممنوعون من حق تقرير المصير لأنه لايخدم الصهيونية المكلفة بتشجيع الحروب الطائفية وزعزعة الاستقرار فى الوطن العربى.
وصدر تقرير جديد مؤخرا لمجموعة الأزمات الدولية بتاريخ 12 فبراير 2013 تحت عنوان: «الانتقال فى مصر: دوران فى حلقة مفرغة».. هذا هو التعبير الأمثل حلقة مفرغة هم صاغوها وصنعوها وأحكموها لنتجمد بداخلها. جاء فى التقرير الوضع الحالى بمصر من انعدام للأمن وقلق بالشارع المصرى وفوضى وأحداث سلب ونهب وانتشار لعصابات إجرامية ووردت مصطلحات كالعنف الفوضوى والتدهور الاقتصادى وانهيار القانون والنظام وتآكل احترام المؤسسات الحاكمة وكون الوضع فى مصر عبارة عن دوامة؛ ويوصى التقرير بضرورة التعاون بين قوى المعارضة وحزب الإخوان الحاكم بعد الانتخابات البرلمانية القادمة وذلك عن طريق تشكيل ما أسماه التقرير «حكومة ائتلاف وطنى» تشارك فيها قوى المعارضة الليبرالية بالحياة السياسية جنبا إلى جنب مع الإخوان.