علي مدارعامين من قيام ثورة 25 يناير، لم يدعُ أحد للعنف أو للتخريب، فالثوار الحقيقيون مازال مفهومهم نحو التغيير هو مشهد ال18 يوما في ميدان التحرير، مطالبين بإسقاط النظام السابق باللافتات «ارحل» و«يسقط حكم مبارك»، ورسومات علي جدران وأراضي الميدان بعبارات «عيش - حرية - عدالة اجتماعية»، «مش هنمشي هو يمشي»، وكذلك صور الشهداء، بالإضافة للأغاني التي خُلقت من رحم الثورة، وإن كنت أجزم أن الشعب المصري يرددها في كل مسيراته، مثل أغنية «يا بلادي» ل«رامي جمال» و«عزيز الشافعي»، وأغنية «في كل شارع في بلادي» لفريق «كايروكي»، و«إزاي» ل«محمد منير» وغيرها من الأغاني الوطنية. وبين ليلة وضحاها خرج وزير العدل المستشار «أحمد مكي» - في عهد الإخوان - بمشروع قانون التظاهر الجديد، الذي نص علي حظر استخدام الرصاص الحي في غير حالة الاعتداءات علي المنشآت، والابتعاد عن المؤسسات الحيوية والسفارات والوزارات والهيئات بمسافة لا تقل عن500 متر، وإخطار وزارة الداخلية بالمظاهرة قبل موعدها ب5 أيام، بالإضافة إلي حظر «الأقنعة»، «الجرافيتي»، «الخيام»، «الأغاني»، واللافتات المسيئة، ليؤكد «مكي» - ومعه الإخوان - أن هذا القانون سيعامل الشعب المصري علي أنهم بشر، في الوقت الذي لا يسمحون بإخراج الطاقة الإبداعية للثوار! الكل أجمع علي أن هذا القانون ليس لحماية الثوار أو المنشآت العامة، وإنما لحماية الرئيس «د.محمد مرسي» وجماعة الإخوان المسلمين، علي أن المسيرات والمظاهرات القائمة جميعها، تدعم الرئيس، تقوي مكانته في الحكم، بالإضافة إلي الدور القوي الذي تقوم به وزارة الداخلية، خاصةً أنها تخلت عن التعنت والإجرام والقتل بعد الثورة! أين الحرية والديمقراطية والشرعية في قانون التظاهر الجديد؟!.. القانون كلام فارغ، لا يصدقة عقل».. هكذا عبر المطرب «حمزة نمرة» عن مشروع قانون التظاهر الجديد، متذكراً ال 18 يوماً في ثورة 25 يناير، وما صاحبتها من مولد فنانين جدد مثله ومثل «رامي عصام»، «رامي جمال»، وفرقة «كاريوكي»، وغيرهم، ممن غنوا للثورة المصرية العظيمة بأغانٍ تركت بصمة واضحة في نفوس الشعب المصري.. وأضاف «نمرة»: «هناك مشهد آخر وهو الرسومات واللافتات التي كان يرفعها الشباب في وجه النظام السابق، مطالباً إياه بالرحيل، فهل يعقل أن يصدر قانون يمنع كل هذه الحقوق التي تعبر عن الرأي بسبب بعض الأغراض والقواعد التي وضعها النظام الحالي؟! .. وأؤكد أنه لا يمكن تكميم الأفواه مهما حدث.. الكل يطالب بعيش، حرية، عدالة اجتماعية، بصورة سلمية، من خلال الإبداع. من جانبه قال الشاعر «عمرو قطامش»: إن هذا القانون الجديد الذي يمنع الشعب من استخدام الوسائل المختلفة للتعبير عن رأيهم هو مجرد لعبة لن ينفذها أحد كما حدث في حظر التجول الذي فرضه الرئيس «مرسي» في الأحداث الأخيرة علي مدن القناة، ولم ينفذها سكان هذه المدن، بل كانوا يخرجون مع بداية الحظر، للعب الكرة في الشارع، مشيراً إلي أن هذه الفكرة لم ينجح في تطبيقها سوي الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر»، ولكن الآن الشعب يقول للرئيس «مرسي»: «ده كان زمان»! .. وأضاف «قطامش»: «سنكسر الحظر علي التعبير عن آرائنا، وسنستمر في قول الشعر والغناء، ولن نتوقف، ولن ننفذ هذا القانون، ولن نلتزم به، ولن نتوقف عن التعبير، فهذه القرارات والقوانين غير مدروسة، وتسبب الشلل للشعب، لذلك لن ننفذها، ولن نخضع لها.. وأتساءل: هل من المنطقي أن يُقمع شعب بعد ثورة قام الشعب بها؟!.. هل سيكتم الرئيس الجديد أفواهنا وهذا الشعب هو الذي استطاع أن يسقط نظاماً بأكمله في 18 يوما؟! .. وأؤكد أن هذه القرارات لن تقمع الشعب المصري لأنها قرارات لا نراها سوي محاولات استظراف أو خفة دم حاكم، كما سيكون هناك رد علي مثل هذه القرارات إذا تم تنفيذها علي أرض الواقع.. الشعب المصري شعب قوي، وله دور ضد هذه القرارات القمعية». المطرب «رامي عصام» قال لنا إنه لا يهتم في الأساس بقرارات هذه الحكومة لأن قوانينها لا تمثل له أي شيء - علي حد تعبيره - وأكد أن الفن أقوي من الرصاص الذي تطلقه وزارة الداخلية علي المتظاهرين، مشيراً إلي أن هذا القانون أكبر دليل علي نجاح كل فنان، سواء رساما أو شاعرا أو مطربا في توصيل رسالة قوية للنظام الحاكم.. وأضاف «عصام»: «أنا وغيري من المواطنين المصريين سنتجاهل هذا القانون، ولن نعيره أي اهتمام لأنه يرسخ لمبدأ القمع الذي عانينا منه لسنواتٍ طويلة في ظل الحكم السابق.. هذا القانون ليس بغريب من حكومة لا تمثلنا، ولا تمثل أي مواطن في الشعب المصري، لذلك سيكون لنا نحن الفنانين ردا قويا ضد هذه الحكومة - الغبية - التي تعتقد أنها من الممكن أن تخيف هذا الشعب بعد ثورة بقانون لقمع وتأييد الحريات، والثوار الموجودون حالياً في الميادين يعبرون عن رفضهم للسياسات الحكومية، وهذا دليل علي استمرارنا في مواجهة هذه الحكومة، ولن يستطيع أحد تحريك أي مواطن من مكانه، خاصةً أنهم موجودون لتحقيق أفكارهم مؤمنون بها، وهي القصاص، تحقيق العدالة، رد حقوق الشهداء، معاقبة المتهمين، وهذه هي المطالب الرئيسية لهؤلاء المواطنين الذين يسعون وراء أفكار، تعبر عن حقوقهم، فهم مستعدون للموت في مقابل تحقيق هذه الأفكار، ونحن كفنانين سنظل نعبر عما بداخلنا بفننا الذي كان له أثر بالغ في تحريك قضايا المواطن، وتحفزه علي المطالبة بحقوقه». «مصطفي عبدالعاطي» - رسام ومصور - أكد لنا أن الرسومات التي تتواجد في ميدان التحرير - خاصةً علي جدران شارع «محمد محمود» وغيرها من الجدران - هي التاريخ الذي سجلته ثورة 25 يناير، للتعبير عن روح الثورة وشهدائها والنظام القمعي في عهد «مبارك»، بل في عهد «مرسي» أيضاً لافتاً أنه لا يحق لأي مسئول أن يمنع أي مصري من التعبير عن رأيه لمجرد ترسيخ فكرة محاكمة من يخرج عن الحاكم، مؤكداً أن التغيير الذي كنا نطالب به لم يتحقق بعد، وإن كان الفاسد قد رحل، فمازال الفساد قائماً، وإن كان الطاغي قد تنحي، فشرعية الرئيس «مرسي» قد سقطت علي حد قوله.. وأضاف «عبدالعاطي»: «سأظل كما أنا أرسم ما أشعر به، وأعبرعن رأيي كيفما أشاء، ولن أخضع لقوانين احتكارية تقيد حريتي». بينما استنكر الرسام «محمد كمال» فكرة المشروع الخاص بقانون التظاهر الجديد، قائلا: «من المفترض منع الغناء، الرسم، الشتائم، لبس الأقنعة، وإخطار وزارة الداخلية قبل 5 أيام من التظاهر، والبعد 500 متر علي الأقل من المنشأة المقصود التظاهر أمامها، بل منع اللافتات، لهذا أتساءل: بعد هذا كله.. لماذا التظاهر من الأصل؟!.. أغلب التظاهرات التي تحدث حالياً تتظاهر من أجل اعتراضها علي سياسة الرئيس د.محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وعنف وزارة الداخلية، فبدلاً من إصدار قانون مثل هذا، كان علي الرئيس مرسي الاهتمام بمطالب الشعب، وليس قمعهم، والسير علي نهج نظام مبارك، وإن كان الهدف من القانون هو السيطرة علي البلاد، والقبض علي مثيري الشغب، فأعتقد أن وزارة الداخلية لديها جميع المعلومات عن البلطجية، أصحاب زجاجات المولوتوف، فالداخلية تغلق عيونها عنهم، وتصوب مدافعها علي ثوار مثل الجندي، كريستي، جيكا، وغيرهم!».