حالة من الرعب باتت تسيطر على سكان محافظة الإسكندرية بسبب انتشار مافيا العمارات الكرتونية- على حد وصف د. أسامة الفولى المحافظ- وهى عمارات تبنى بطريقة عشوائية بالمخالفة لتراخيص البناء أحيانا وبدون تراخيص من الأساس فى أحيان أخرى، ولا يتوقف الأمر على منطقة بعينها، بل امتد إلى جميع أنحاء المحافظة. وبحسب ما يؤكده د. أسامة الفولى فإن عدد هذه العمارات المخالفة التى أنشئت فى الإسكندرية بعد الثورة بلغ حوالى 8 آلاف عمارة تم تحرير 29 ألف مخالفة ضدها لكن لم يتم تنفيذ قرار الإزالة ضد أى منها.
يصل ارتفاع العمارات فى بعض الأحيان إلى 20 طابقاً يتم بناؤها جميعا فى مدة لا تزيد على شهر وفى شوارع لا يتجاوز عرضها ال 3 أمتار.
الفولى يؤكد أنه بح صوته فى المطالبة منذ توليه المنصب لسن تشريع يجرم البناء بدون ترخيص وينص على مصادرة الأراضى والعقارات التى تقام بدون ترخيص، مشيرا إلى أنه أرسل للرئيس محمد مرسى فور توليه المنصب وقبل حادثة سقوط عمارات حى الجمرك يوم السبت الماضى بأيام تقريرا من 70 صفحة يتضمن تحذيرا من كوارث البناء المخالف فى المحافظة.
وفى عام 2012 شهدت الإسكندرية موجة خطيرة من مافيا الهدم والبناء وكانت المحافظة قد قررت إخلاء 3 عمارات من السكان فى منطقة الفلكى عقب انهيار أجزاء منهما تأثرا بانهيار عمارة أخرى بسبب قيام أحد المقاولين بهدم عقار مكون من 8 طوابق بدون ترخيص.
وشهدت منطقة أرض شاكوس بالمنتزه بالإسكندرية مأساة حيث انهارت عمارة سكنية جديدة بالكامل فى الفجر مكونة من 14 دورا، وهى من العمارات الجديدة التى تم بناؤها فى الإسكندرية بعد الثورة وتم بناؤها خلال 3 أشهر وتبين أن العمارة بكل دور شقتين، شقة 70 متراً والأخرى 76 متراً هى فى شارع عرضه 5 أمتار ولا يوجد سوى 4 شقق فقط منها مسكونة.
وقد تلقى قسم شرطة أول المنتزه بلاغا بانهيار العقار رقم 31 شارع إبراهيم هريدى بالجزيرة الخضراء، حيث تبين أن العقار مساحته 160 متراً خالياً من السكان ومكوناً من 14 طابقاً وانهار حتى سطح الأرض وقد لقى مصرعه تحت أنقاض العقار هيثم أحمد رمضان 29 سنة صاحب مخبز ويمتلك شقة بالطابق الرابع بالعقار، حيث تم استخراج جثته وتبين أنه تصادف تواجده بالعقار أثناء انهياره لأخذ بعض المتعلقات من الشقة.
وقال سكان العقار أن العقار كان مكوناً من 6 طوابق لكن أصحاب العقار قاموا فى الأسابيع الأخيرة ببناء 8 طوابق فوق العقار مما أدى لانهياره بالكامل.
وكما شهد حى الجمرك من قبل تحول عمارة لكومة تراب فجأة وتم إنقاذ سكانها عقب سماعهم أصوات انهيار العقار وقد تبلغ لقسم شرطة الجمرك بانهيار العقار رقم 13 شارع مسجد أبوعلى وتبين أن العقار مساحته 70 مترا بناء قديم ومشغول بالسكان ومكون من 3 طوابق متكررة وقد انهار حتى سطح الأرض بسبب قيام أحد المقاولين بهدم عقار مجاور له.
وأصيب أحد السكان بكسور فى الانهيار بينما هرب باقى السكان وتبين أن العقار سبق صدور قرار إزالة له من الحى.
كما انهار عقار مكون من 6 طوابق لكن لم تحدث أى إصابات، ولقى 3 أشخاص مصرعهم تحت أنقاض عمارة سكنية فى تقاطع شارعى ابن منقذ وابن القاضى، وأصيب عدد آخر بكسور تصادف مرورهم من تحت العقار أثناء انهياره فجأة.. العقار انهار بكامله حتى سطح الأرض، كان مكونا من 5 طوابق وتسبب الانهيار فى تصدع 3 عقارات أخرى مجاورة.
قبل ذلك انهارت عمارة سكنية مكونة من 9 طوابق على كورنيش البحر بالإسكندرية ولقى شخص مصرعه تحت أنقاضها، وتسبب الانهيار فى تهدم أجزاء من العمارات المجاورة للعمارة المنهارة، وانهار عقار مكون من 4 طوابق فى منطقة كرموز بالكامل فجأة دون حدوث أى إصابات.
كما قرر حى غرب الإسكندرية إخلاء عقارين من السكان كل عقار مكون من 4 طوابق فى إحدى المناطق الشعبية، وذلك بسبب التصدعات التى أصابت العقارين بسبب انهيار عقار مجاور لهما.
ومن جهته قال د. هشام سعودى عميد كلية الفنون الجميلة: إن سبب الكارثة التى تتعرض لها الإسكندرية أن كل العمارات التى تخرج فى شهر لا توجد أى أوراق لها سواء تراخيص هدم أو بناء كما لا توجد أى قواعد هندسية لها ولذلك يقتصر دور الجهات الإدارية على تحرير المخالفات فقط.
وأضاف: إن سبب انتشار هذه المافيا أن الإسكندرية مدينة جاذبة للسكان وكذلك عدم وجود أى أراضى للبناء فيها، حيث يقومون بأعمال البناء بدون تراخيص أو تعلية لعقارات قديمة.
وطالب بأن تتحرك الدولة وتصدر تشريعاً عاجلاً بمصادرة هذه العقارات لصالح الدولة وأن يتم نزع ملكيتها من أصحابها وأن يكون هناك قانون يجرم هذه الأعمال.
وأضاف: إن سبب الكارثة أيضا ما يسمى بالكاحول الذى انتشر بصورة خطيرة، حيث يتم تحرير كل العقود باسم شخص مجهول، حتى إذا صدرت أحكام ضده لا يكون له أى وجود ولذلك يجب أن يتم إلغاء التوكيلات فى التقدم للحصول على تراخيص البناء فى الإسكندرية.
وكان نشطاء سكندريون قد أطلقوا حملة للتصدى لهدم المبانى الأثرية بالمدينة وأصدروا بياناً قالوا فيه: إن ما يحدث فى مدينة الإسكندرية هذه الأيام من محاولة لطمس هويتها وتشويه تراثها وحضارتها غير مقبول وهذه المجموعة تتكون من عدد من النشطاء ومتخصصين فى هيئة الحفاظ على التراث، ومجموعة من الطلبة والمعيدين بكلية الفنون الجميلة، وأساتذة من كلية الهندسة، وغيرهم.