حسام عبد الهادى روزاليوسف الأسبوعية : 19 - 11 - 2011 توارد الأفكار صفة بشرية،ترتبط أكثر بالأعمال الإبداعية، خاصة فيما يتعلق بمجال الدراما التي منذ أن عرفها الإنسان وهي تقوم علي 36 عقدة أو «تيمة». هذه العقد أو التيمات هي التي تحرك الأحداث الدرامية في جميع الأعمال الفنية، ويدور في فلكها المبدعون من المؤلفين والكتاب، ولا تخرج هذه «التيمات» ال 36 عن أطر الزوج والزوجة والعشيق أو العشيقة، والخير والشر، والظلم والعدل، والقبح والجمال، وهناك فرق كبير بين توارد الأفكار والاقتباس، فتوارد الأفكار يحدث بطريق المصادفة في تشابه بعض الأحداث أو المشاهد في أي عملين أو أكثر، أما الاقتباس فهو نوعان: نوع يتم عن عمد مع سبق الإصرار والترصد وبطريقة نقل المسطرة وبالحرف الواحد صوتا وصورة - أي سيناريو وحوار - وهذا لا يسمي اقتباسا بقدر ما يسمي سرقة وسطوا مسلحا علي أفكار الغير الذين بذلوا فيها مجهودا كبيرا ليأتي غيرهم وهم يتكئون علي أرائك الترفيه والنعيم ل «يلطشوا» مجهودهم ويستبيحوه لأنفسهم دون الإشارة إلي أصحاب الإبداع الأصليين، وهو أمر غير مقبول. أما النوع الثاني فهو الممنطق الذي يقف عند حد اختلاف وجهات النظر وطريقة التناول حتي لو كان متشابها في الفكرة وبعض الأحداث والشخصيات، وهو ما يجتهد فيه أصحابه من أجل تحويله بشكل ممصر يتناسب مع طبيعة المجتمع الذي يعيشه المبدع ويعبر عنه برؤيته الخاصة التي تضفي علي العمل طابعا واقعيا مرتبطا بمحيط دائرته الإنسانية المجتمعية. الاقتباس كان - للأسف - هو السمة الغالبة علي أفلام العيد، فمن ضمن أربعة أفلام تم عرضها في موسم عيد الأضحي المبارك رأينا ثلاثة مقتبسة، واحد مقتبس بشكل محترم وهو «X لارج» وينطبق عليه النوع الثاني الذي بذل فيه أصحابه وخاصة مؤلفه «أيمن بهجت قمر» مجهودا واضحا من أجل تمصير الفكرة، والاثنان الآخران «سيما علي بابا» و«أمن دولت» وهما للأسف ينطبق عليهما النوع الأول حيث تم التعامل فيها بنظام نقل المسطرة الحرفي صوتا وصورة، حيث استسهل أصحابه نقل الكادرات - صورة طبق الأصل - من الفيلمين الأمريكيين المقتبسين منهما، نحن أمام ظاهرة تشير إلي نضوب الأفكار، واتجاه المؤلفين إلي طريق الاستسهال باللجوء للأفلام الأجنبية للنقل منها حرفيا، صحيح أنها ليست المرة الأولي ولن تكون الأخيرة، ولكن مشاكلنا لابد أن ننقلها بإبداعنا الخاص الذي نشعر فيه بنكهة سينما بلدنا، وليس بنكهة سينما الغرب، خاصة إن كان الاقتباس مجرد سرقة بالكربون وسطوا علي إبداع الغير بما لا يحق لنا أن نفعله، مهما كانت درجة إعجابنا بالروايات الأجنبية السينمائية التي نقتبس منها، فنحن قادرون علي أن نقدم أفضل منها، وإن كان لابد من الاقتباس فيما يتعلق بما نعجب به، فأضعف الأمور أن نضيف إلي ما يعجبنا رؤيتنا الخاصة التي تمنح العمل نكهة مصرية من خلال تغيير الملامح الأصلية للعمل المقتبس، وهو ما راعاه صناع فيلم «X لارج» المأخوذ عن الفيلم الأمريكي The Nutty porfessor بطولة «إيدي ميرفي» من إنتاج عام 1996 في الفيلمين البطلان «ميرفي» و«حلمي» يعانيان من نفس المشكلة وهي البدانة بصورة مفرطة، «البدانة» والحب في الفيلمين هما بطلا الأحداث، اللذان بسببهما يحاول كل من البطلين أن يغيرا اتجاههما بإصرار وعزيمة نحو إنقاص الوزن لينال كل واحد منهما إعجاب حبيبته التي رفضته لبدانته! صحيح أن فكرة الفيلمين واحدة، ومنطقية الأحداث واحدة، لكن تسلسلها اختلف بما يتوافق مع الرؤية المصرية التي يحرص عليها تحديدا «أحمد حلمي» في معظم أفلامه إن لم يكن كلها، ولذلك تجده «يشتغل» علي الفيلم حتي لو كان مقتبسا، سنتين وأكثر حتي يطمئن إلي أنه وصل للمعدل المعقول ليكون فيلما مصريا جاهزاً علي التنفيذ. فعل ذلك في «آسف علي الإزعاج» المأخوذ من الفيلم الأمريكي Beautiful Mind و«ألف مبروك» المأخوذ من الفيلم الأمريكي Ground hog day ل «بيل موراي» و«زكي شان» المأخوذ عن الفيلم الأمريكي Win Adate with Tad Hamilton، ولذلك تخرج أعمال «أحمد حلمي» رغم اقتباسها جيدة وتضيف إلي رصيده لا تنتقص منه. في «x لارج» نجح أيضا صناع الفيلم «حلمي وعرفة وبهجت» في جذب المشاهد إليهم منذ اللحظة الأولي رغم أن هناك أحداثا غير منطقية ومشاهد الوقت الزمني فيها أسرع من إمكانية حدوثها ولكن مع سرعة إيقاع الفيلم انشغلنا بالإيجابيات الأكثر عن السلبيات الأقل، كما كانت اللقطات المصورة DC Comic التي استخدمها شريف عرفة من البداية وهي الطريقة التي تم استخدامها في أفلام Spiderman وSuperman هي نوع من التميز الإخراجي، وإن كان يؤخذ علي الفيلم أنه يرسخ داخل المجتمع فكرة رفض البدناء علي اعتبار أنهم صورة مشوهة قد تمثل عبئا علي المجتمع يستوجب فرض الانطواء والعزلة عليهم وكأن ليس من حقهم العيش في الحياة بشكل طبيعي مثلهم مثل بقية أفراد المجتمع، وهو ما فرض صراعا داخليا علي «مجدي» من أجل السعي وراء الرشاقة ليفوز بالقلوب والصداقات بعد أن نفروا منه وهو بدين، الشيء المشترك أيضا بين «حلمي» و«ميرفي» منطقة الإبداع، ف «حلمي» الرسام و«ميرفي» صاحب المواهب العديدة كان إبداعهما هو المحقق لصدماتهما وأهدافهما الشخصية والمجتمعية معاً. أما الأفلام المقتبسة التي تنتقص من أصحابها ولا تضيف، بل إنها لا تحقق نجاحا من الأساس، نجد فيلم «سيما علي بابا» فهو فعلا اسم علي مسمي، ففي سينما علي بابا التي سمعنا عنها ونحن صغار أيام سينما الترسو التي كانت تعاني من الفوضي والعشوائية بلا ضابط ولا رابط، بل بلا ملامح أيضا، هذا بالضبط ما ينطبق علي «سيما علي بابا» ل «أحمد مكي»، فالفيلم عبارة عن قص ولزق من ستة أجزاء للفيلم الأمريكي Star Wars تأليف وإخراج «جورج لوكاس»، وهذه الأجزاء هي «تهديد الشبح» و«هجوم المستنسخين» و«انتقام السيس» و«أمل جديد» و«الإمبراطورية تعيد الضربات» و«عودة الجيداي»، ولأن النقل كان بالكربون فلم يفلح أن يصنع منها قماشة سينمائية جيدة وتاه في مشاهدها التي اقتبسها منها بالحرف الواحد وخاصة الجزء الأول «حزلقوم في الفضاء»، ويبدو أن «مكي» استمرأ اقتباس أفلام لا يحسن تقديمها وتهوي به إلي الحضيض الجماهيري مثلما حدث معه من قبل في فيلم «طير إنت»، المقتبس من الفيلم الأمريكي Bedazzied، ومع عملية الاقتباس الصريحة لأفلام «مكي»، فإن بعض أفلامه تدخل ضمن تصنيف عالمي جديد يطلق عليه اسم Parody وهي كلمة فرنسية تعني - أيضا - الاقتباس ولكن بطريقة أخري، فهي مدرسة سينمائية استحدثت بغرض السخرية من الفيلم الأصلي وقد انتشرت مؤخرا في السينما العالمية واستخدمها «مكي» في فيلمه الأخير «سيما علي بابا» الذي سخر فيه من فيلم Star Wars - حرب الكواكب - بطولة «هاريسون فورد» وأيضا في فيلم «لا تراجع ولا استسلام». يبقي فيلم «أمن دولت» المأخوذ عن الفيلم الأمريكي The paci fier بطولة «فان ديزل» أقل ما يوصف به هذا الفيلم أنه ساذج، وأصحابه لم يحسنوا حتي إجادة السرقة وفشلوا في الاقتباس، ظهر ذلك في الخلل الدرامي الواضح في الأحداث وسماجة ملامح شخصية البطل حسام الفرشوطي - حمادة هلال - التي ظهرت مهتزة وغير واضحة المعالم رغم أنه يمثل دور ضابط شرطة من المفترض أنه يمتلك ولو قدرا قليلا من الثقة والرصانة إلا أنه يفتقر إليهما ليبدو في صورة ماسخة وهو ما لم نتعوده من حمادة هلال في أفلامه السابقة التي كانت تجد - ببساطتها - استحسانا عند الجمهور. الفيلم صورة طبق الأصل من الفيلم الأمريكي، حتي في عدد أولاد الأسرتين الأمريكية والمصرية واختيار نفس المهنة للبطل، وهي ضابط أمن دولة مع اختلاف أن «ديزل» في الفيلم الأمريكي كان يحمي رجلاً مسئولا في منصب مهم لديه شريحة عليها معلومات خطيرة يريد حمايتها لحين تنفيذ المهمة المسئول عنها ويتم تهديده هو وأولاده الخمسة بالقتل، وحمادة هلال في «أمن دولت» كان يحمي سيدة مصرية مسئولة تعمل سفيرة لدي الأممالمتحدة بسبب تقرير كتبته وتضمن معلومات خطيرة ضد إسرائيل ويتم تهديدها هي وأولادها الخمسة أيضاً بالقتل، وتتطابق أحداث الفيلمين «كادر كادر» حتي نصل إلي كلمة النهاية!