الاتحاد الأوروبي غير مستعد لأزمة غاز جديدة    بعد محاولة الانقلاب في بوليفيا.. لافروف يؤكد دعم موسكو للرئيس آرسي    المصري يحقق فوزا ثمينًا على الإسماعيلي بديربي القناة    شرط واحد يمنع رحيل سانشو عن مانشستر يونايتد    وزارة الشباب والرياضة تواصل اكتشاف المواهب الكروية بالتعاون مع مدرب رديف بايرن ميونخ    إحالة عامل للمفتي لاتهامه بقتل ربة منزل وسرقة حلق ذهبي بالقليوبية    إزالة 7 حالات تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء في الغربية    عضو بارز بالنواب الأمريكي: رصيف مساعدات غزة غير فعال ومضيعة للمال    على مستوى الجمهورية.. الوادي الجديد تحتل المركز الخامس في تقييم القوافل العلاجية ضمن مبادرة حياة كريمة    محمد مهنا: «4 أمور أعظم من الذنب» (فيديو)    أفضل دعاء السنة الهجرية الجديدة 1446 مكتوب    باحث: الداخل الإسرائيلى مفتت والنظام السياسى لا يحظى بتأييد الشارع.. فيديو    أيمن غنيم: سيناء شهدت ملحمتي التطهير والتطوير في عهد الرئيس السيسي    انطلاق مباراة الإسماعيلي والمصري في الدوري    عبدالمنعم سعيد: مصر لديها خبرة كبيرة في التفاوض السياسي    كريم عبد العزيز يعلن موعد عرض الجزء الثالث لفيلم "الفيل الأزرق"    يسرا عن مسرحية ملك والشاطر: دي ممكن تبقى آخر مسرحية في حياتي    قائد القوات الجوية الإسرائيلية: سنقضى على حماس قريبا ومستعدون لحزب الله    لطيفة تطرح ثالث كليباتها «بتقول جرحتك».. «مفيش ممنوع» يتصدر التريند    يورو 2024.. توريس ينافس ديباى على أفضل هدف بالجولة الثالثة من المجموعات    الأعلى للجامعات يعلن قواعد تنسيق الجامعات لطلاب الثانوية العامة.. تعرف عليها    محافظ شمال سيناء: 30 يونيو انتفاضة شعب ضد فئة ضالة اختطفت الوطن    فيروس زيكا.. خطر يهدد الهند في صيف 2024 وينتقل إلى البشر عن طريق الاختلاط    تخريج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    الشاعر محمد البوغة: «لو زعلان» لون غنائي جديد على ماجد المهندس ولم يخشى التغيير    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    «رحلة التميز النسائى»    مستشار الأمن القومى لنائبة الرئيس الأمريكى يؤكد أهمية وقف إطلاق النار فى غزة    أسعار التكييفات في مصر 2024 تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة    لهذا السبب.. محمد رمضان يسافر المغرب    بائع يطعن صديقة بالغربية بسبب خلافات على بيع الملابس    اندلاع حريق هائل يلتهم محصول 100 فدان كتان بقرية شبرا ملس بزفتى.. صور    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    لتكرار تجربة أبوعلى.. اتجاه في الأهلي للبحث عن المواهب الفلسطينية    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    «هيبطل كورة».. شوبير يكشف عن تهديد الزمالك لنجم الإسماعيلي    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    جهاز تنمية المشروعات يضخ تمويلات بقيمة 51.2 مليار جنيه خلال 10 سنوات    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    ضبط 103 مخالفات فى المخابز والأسواق خلال حملة تموينية بالدقهلية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    كندا تحارب السيارات الصينية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرور على الطريقة الأمريكية.. البنى آدم أولاً!!
نشر في صباح الخير يوم 02 - 11 - 2010

لا أحب أن أبدأ رصد مشاهداتى عن رحلتى إلى أمريكا بالجانب التشاؤمى والذى مبعثه هو أننى «كبنى آدم» قارنت بين الأحوال هنا فى مصر وهناك فى أمريكا.
هذه المقارنة التى أفضل ألا أبدأ بها مباشرة والتى أيضاً أفضل أن تستنتجها وحدك دون الحديث عنها بشكل مباشر وصادم وموجع أيضاً رغم أنه من الطبيعى جداً عندما تزور دولة أخرى -أياً كانت الدولة - فهناك أمر إنسانى يجبرك على استحضار صورة بلدك وشعبك الذى تنتمى له والمقارنة بينهما.
كانت أولى محطات الرحلة إلى ولاية مريلاندMaryland :
تقع على الساحل الشرقى للولايات المتحدة الأمريكية وعاصمتها أنابوليس وتعتبر مدينة بالتيمور من أكبر المدن فى هذه الولاية وتضم 23 مقاطعة، وسميت مدينة بالتيمور نسبة إلى اللورد سيسيل بالتيمور الذى منحه الملك تشارلز المرسوم الملكى لأرض مريلاند عام1632 وقد انضمت هذه الأرض إلى الاتحاد وأصبحت الولاية السابعة عام 1788.
يتراوح عدد سكان هذه الولاية من ستة ملايين نسمة ونصف إلى حوالى سبعة ملايين. كان أول ما لفت نظرى فى مدينة بالتيمور هو الغابات الممتدة من الأشجار المرتفعة التى تراها عيناك أينما كنت وأينما ذهبت، حالة من الامتداد الأخضر الرائع، التى ستتحول إلى غابة جليدية بعد أسابيع قليلة، وستستبدل الألوان المختلفة البديعة التى كست هذه الأشجار وتتوحد متحولة إلى اللون الأبيض.
فى هذه المدينة قد يضطر الناس إلى البقاء فى بيوتهم لأيام متتالية غير قادرين على الذهاب حتى إلى أعمالهم ومدارسهم بسبب ارتفاع الجليد والثلوج أمام البيوت لدرجة لا تسمح بالحركة، ففى أيام وأسابيع كثيرة يتوقون إلى أشعة الشمس.. لا لرفاهية التدفئة ولكن لمجرد إذابة جزء من الثلوج حتى يعود كل فرد إلى أداء مصالحه.
رغم قسوة هذه الحياة، ورغم شعورى بأننا مرفهون ومنعمون فى مصر، لأن الله منحنا الشمس تعويضاً عن كوارث عظيمة ابتلينا بها، وهى كوارث أنت تعرفها جيداً ومن المؤكد أنك لم تكن منتظراً رحلتى إلى أمريكا لأذكرك بحجم الكوارث الإنسانية التى نعيشها، ولكن لنكن إيجابيين ونتذكر أننا فى مصر لدينا شمس دافئة شتاء، حارقة صيفاً!!!
ما علينا، أعود بك إلى قسوة الحياة وسأدع لك الاستنتاج.. أين يقع مقر القسوة؟! بدأت الرحلة كما ذكرت بولاية مريلاند وقمت بزيارة ولايات أخرى ثم عدت ثانية إلى مريلاند وكان الطقس قد تغير قليلاً وبدأت إعلانات البرد الصريحة تعلن عن نفسها، حيث أمطار غزيرة وشمس لا تظهر، ولكن الأمر الذى أثار غيظى ودهشتى هو أنه لا يوجد دليل إثبات واضح وصريح عن الأمطار والسيول بشكل مقنع، فلم أشاهد شوارع غارقة أو بركاً من مياه الأمطار راقدة بلا تصريف ولا مرور معطل بسبب أن الشوارع غرقت فى «شوية مطر».
الأمور دائماً طبيعية أو هكذا بدت بالنسبة لى..
دعنى أنتقل بك إلى ملاحظة مشهد أكثر عمومية ولا يخص ولاية مريلاند تحديداً، بل هو أمر موحد فى أغلب الولايات الأمريكية التى زرتها أو التى سألت عنها وهو عدم وجود «عسكرى المرور»، إلا فى بعض التقاطعات القليلة أو المزدحمة فى الولايات الكبيرة، لكنه أمر غير شائع وعلى مدار شهر كامل لم أشهد عسكرياً أو ضابط مرور أو لجنة توقف السيارات فى منتصف الطريق للتفتيش عن الرخص أو تتابع ما إذا كان السائق يربط حزام الأمان أم لا.. كلها أمور بديهية لا تتطلب أن يوجد من يراقبها ولا يوجد منطق التفتيش وأن السلطة دائماً متوسمة ومفترضة سوء النية من المواطن، خاصة إذا كان هذا المواطن يسير وفق سيستم ونظام قانون يعلم جيداً أنه يطبق على الجميع سواء دون استثناءات، كما أن المواطن نفسه يعرف جيداً وقد تعلم منذ نعومة أظافره معنى «الحق والواجب».
من الأمور الطريفة أننى فى الأيام الأولى - باعتبارى قروية ساذجة - قلت لزوجى عندما كان يقود بنا على الطرق السريع أو free way ممكن تقف على يمين الطريق أجيب حاجة من شنطة العربية؟
اعتبرنى زوجى مجنونة لأن هذا الإجراء كارثى ولا يمكن لأى شخص عاقل أن يفعله لأنه يعرضه للمساءلة واستحضار الشرطة فوراً التى لا أعلم كيف تظهر من حيث لا يعلم الشخص، وأن هناك استثناءات للطوارئ للوقوف على جانب الطريق السريع.
من اللافت أيضاً أن مرور سيارة إسعاف أو مطافئ فى شوارع أمريكا - وفق القانون- يوجب على أى سيارة تمر أن تتوقف تماماً على يمين الطريق ولا تمر نهائياً مادامت هناك «سارينة الإسعاف أو المطافئ».
هل تريد أن تعرف إلى أى مدى هناك احترام مرورى لأن هناك احتراماً إنسانياً من قبل: إذا توقف أتوبيس مدرسة مستخدماً إشارة انتظار، فعلى كل السيارات خلف هذا الأتوبيس أن تتوقف تماماً ولا يجوز لها المرور من جانب الأتوبيس، لأن هناك احتمالاً وارداً أن يكون هناك طفل أو طالب يمر ويعبر الطريق من أمام الأتوبيس... ألم أقل لكم إن حياة البنى آدم هناك لها ثقلها واعتبارها ولها القوانين التى تحميه قبل أن تعاقبه... مواطن يحصل على حقه، حتى يجوز له أن يحاسب على واجبه!!
ولأن المرور موضوع مثير ومشاهداته أكثر إثارة فى هذه البلاد، فكان الأمر بالنسبة لى أشبه بالعجب، متسائلة فى كل مرة: ما الذى ينقصنا أو ينقص قدراتنا العقلية لكى نحترم القانون ونطبق القوانين المعقولة، هل أزمة أخلاقنا هى التى تمنعنا، هل حالة العشوائية قرار واختيار صنعناه بأنفسنا، هل صورتنا عن أنفسنا هى أننا مجتمع لا يستحق الاحترام والتحضر؟ هل سمعت عما يسمى Car pool only :-
عن نفسى.. لم أسمع عنها من قبل، ولكننى عندما شاهدت الجملة مكتوبة على لافتات بالطريق السريع وعلى الأسفلت ذاته فى ولاية كاليفورنيا، وفى بعض الولايات الأخرى الكبرى خاصة المزدحم منها بالسكان، نفس الجملة تتكرر على مدار الكيلومترات، انتابنى الفضول، وقتها عرفت أن هذه الجملة تعنى خدمة وتسهيل المرور، حيث تم تخصيص حارة أو lane من الطريق، وتحديداً هى أقصى يسار الطريق ولكنها مخصصة فقط للسيارات التى تحمل أكثر من فرد فيها، حيث إن هناك دعوة دائمة بمحاولة ترشيد الاستهلاك والقضاء على الازدحام بأن يجتمع الناس سواء الأصدقاء أو الجيران أو من أفراد الأسرة الواحدة فى سيارة واحدة بدلاً من أن يستخدم كل فرد سيارته، ولتحفيز الناس على هذا السلوك، تم تخصيص هذه الحارة أو المسار من الطريق فقط لهذه السيارات، وغالباً ما تكون هذه الحارة أكثر هدوءاً وسيولة مرورية من باقى الطريق خاصة فى ساعات الذروة.
وبسؤالى الساذج: وماذا يحدث لو مرت سيارة بسائق واحد مخالفة فى هذا الطريق؟
والإجابة ببساطة أن أغلب الناس عادة تخاف وتقلق من المخالفة وأنهم لا يخاطرون بارتكاب الخطأ لأنهم يعرفون جيداً أن سيارة الشرطة قد تظهر للمخالف فى أى وقت. المهم أن هذه الفكرة ليست وليدة عام أو عامين ولكنها من خمسة عشر عاماً على أقل تقدير.!!!
ماذا أحدثكم.. عن أماكن الانتظار، عن كل محل أو مول أو سوبر ماركت وساحات الانتظار الكبيرة التى تتسع لمئات السيارات.. ألا يعتبر هذا ذكاء اقتصادياً، لأن الشخص الذى يعرف أنه سيصل إلى مكان الخدمة وسيتمكن من إيقاف سيارته بمنتهى السهولة، أليس هذا أمر يساهم فى ترويج البضاعة، فهو غير مضطر للخروج من المحل مسرعاً، لأنه «راكن صف تانى» خائفاً من أن يخرج فيجدها إما «مكلبشة» أو «مش موجودة» أو لأنه أعطى السيارة للمنادى وخايف من أنه «يأخد بها لفتين أو ينام بداخلها فى التكييف»!!!
ألم أقل لكم إننى لست مضطرة على الإطلاق أن أذكرك بمشاهد المقارنة، لأن حكمتك ستقودك بلا شك لمعرفة الفرق، وإن لم تكن تتمتع بالحكمة الكافية، فمن المؤكد ذاكرتك ستستحضر كل المواقف المرورية التى تؤكد أننا نعيش أتعس فترات حياتنا فى الشارع، سواء كنت تقود السيارة أو تركب المواصلات أو كنت سائراً على قدميك، كلها سواء، لأنك من المؤكد تحمل العديد من الروايات التى حرقت دمك من قبل، أو المواقف التى قمت سيادتك بحرق دم الآخرين بسببها.
ولأننى قادمة من ثقافة شارع تعلمنا من خلالها أننا نقف - نحن السائرين على أقدامنا - إذا وجدنا سيارة تمر، فكنت أتبع هذه الثقافة بحذافيرها وبمنتهى الانضباط، أجد سيارة تخرج من الباركنج، أقف، وهو أمر مدهش بالنسبة للسائق الأمريكى، الذى يتوقف هو بدوره منتظراً أن أمر أولاً... هناك الأولوية للسائر، لا يجوز للسيارة أن تمشى قبل أن يعبر المواطن أو غير المواطن، والحقيقة أننى وبعد عودتى من هناك، عادت إلى سريعاً الذاكرة، ذاكرة أننا أصبحنا من البلاد القليلة التى يسير فيها الناس والسيارات فى نفس الوقت واللحظة فى خطوط متقاطعة تشبه لعبة «البازل».
لن أورطك فى المقارنة، ولكننى أذكرك فقط: كم مرة شاهدت طفلاً يجلس على «حجر» أبيه وهو يقود السيارة؟
هل تعلم أن من يجرؤ على فعل ذلك أساساً لن يدخل السجن، لكنه سيدخل مصحة عقلية، وأقسم بالله أننى لا أبالغ ولا أسخر، ولكن هذا هو ما يحدث لأنهم سيعتبرون أنه قام بعمل جنونى يدل على خلل عقلى ولن يعتبروه عملاً مخالفاً للقانون فحسب.
ولكن الأمر المخالف هو أن يجلس الطفل بجوار السائق أو ألا يجلس فى مقعده الخاص فى المقعد الخلفى.
أكثر ما أجبرنى على احترام الأمريكيين، أنهم يحترمون الطفل ويضعونه فى الأولويات دائماً هو وكبير السن والمعاق، أعتقد أننى ذكرت مراراً وتكرارا، أن مقياس تحضر الشعوب والحكومات يقاس بمدى احترامها للطفل وللمسن وللمعاق وللحيوان أيضاً، وبتطبيق منهج المقارنة الموجع والمؤلم فى بلادنا «أطفالاً، ومسنين ومعاقين، وحيوانات».... لاداعى للتفسير أكثر من ذلك ولاداعى لتقليب المواجع عليك.. فمن المؤكد أنك تحمل ما لا طاقة لك به من الهموم والمواجع.
أينما سرت فى الطريق، فى أى مزار، مطعم، متحف، مول، سوبر ماركت، مصلحة حكومية، مطار، محطة قطار، محطة أتوبيس.... إلخ، هناك دائماً مكان مخصص للمعاقين ولكبار السن وللأطفال للمرور بالعربات التى يركبونها، حتى دورات المياه داخل هذه الأماكن أو دورات المياه العامة، فهناك نمط ثابت وموحد لوجود مكان مخصص لكل منهم، وكثيراً ما توجد حجرات مخصصة للأمهات للعناية بطفلها سواء لتغيير ملابسه أو لإطعامه، ودائما لا يوجد من يقف على باب الحمام ليعطيك قطعة لا تجدى من المناديل الورقية مقابل بعض البقشيش.
للأسف قد تابعت من هناك قصة القتلى الذين لقوا مصرعهم بسبب شاب يقود سيارته بسرعة جنونية وأطاح بهم من على الرصيف.
وكما ذكرت، أن الطفل دائماً له الأولوية فى التخطيط وفى التعامل اليومى، فإنه من السهل جداً لأى أسرة أن تصطحب طفلها إلى حديقة عامة - بكل ما تحمله الكلمة من صدق - إنها حديقة أطفال عامة، بها وسائل للعب، حديقة نظيفة رائعة تفوق فى جمالها بعض حدائق الأطفال فى النوادى الكبرى.. شىء رائع ومحترم، حديقة آمنة مجانية متواجدة فى كل حى فى كثير من الولايات لخدمة سكان ذلك الحى الصغير.
فى إحدى هذه الحدائق بمقاطعة لونج بيتش Long Beach بكاليفورنيا، لفت انتباهى لافتة موضوعة فى منطقة واضحة بحديقة الأطفال تحرم وتمنع تدخين السجائر فى هذه المنطقة، والمقصود بهذه المنطقة هى خارج أسوار الحديقة وعلى مسافة 25 قدماً لضمان عدم وصول أى دخان سجائر للأطفال.
ألم أقل لكم إن الطفل شىء مقدس فى هذه البلاد.. لا أخفيكم قولاً... شعرت بالغيرة وحزنت لأطفال مصر، الذين هم بحق من أجمل وأروع وأذكى الأطفال وأكثرهم إبداعاً كما تقول دراسات كثيرة، وكما تقول نفس الدراسات أن هذه الجوانب الرائعة تقل شيئاً فشيئاً فى أطفالنا بسبب المدارس والتعليم ومعاملة المجتمع وعدم الوعى الأسرى فى كثير من الأحيان، ولهذا الموضوع شرح يطول... وهو أيضاً موجع ومؤلم.
بجد.. أنا صعبان علىّ: لن أقول المواطن المصرى، ولكن الطفل والمسن والمعاق والبنى آدم المصرى!!
من المؤكد أنك كنت تتوقع منى أن أقص لك بعض المشاهدات عن المزارات والمتاحف... وألا أنقل إليك صورة واقعية من هناك تثبت لك بوضوح موجع حقيقة الواقع الذى نعيشه هنا.
أما المزارات والمتاحف والمتعة وصور أخرى من الحياة الأمريكية ففى الأعداد القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.