في خطوة مفاجئة، وأملا فى تغيير مسار القضية، تنازل والد الممثلة اللبنانية الراحلة سوزان تميم وزوجته ونجلاهما عن الدعوة المدنية ضد رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، المتهم الثانى فى قضية مقتلها، والمتهم بتحريض محسن السكرى ضابط أمن الدولة السابق على ذبحها بمسكنها ببرج الرمال بدبى، دولة الإمارات العربية المتحدة.. ورغم تضارب الأنباء حول حقيقة التنازل الذى لم يصل إلى القاهرة قبل مثول المجلة للطبع، إلا أن مصادر قريبة من أطراف القضية أكدت ل«صباح الخير» صحة خبر تنازل أسرة القتيلة. وقالت المصادر أن أسرة سوزان تميم قد سجلوا عبر القنوات الشرعية فى لبنان، تنازلهم عن الدعوى المدنية ضد مصطفى، فى الوقت الذى سرت فيه أنباء عن أن الاتفاق على التنازل قد تم بين أسرة سوزان وبين مقربين من هشام مصطفى فى باريس، وهو ما ربطه البعض بتواجد شقيقة هشام طلعت «سحر» بباريس للإشراف على إتمام الاتفاق، ما أدى إلى غيابها عن الجلسة الرابعة لإعادة محاكمته فى سابقة لم تحدث منذ حبسه على ذمة القضية. وعلمت صباح الخير أن أسرة سوزان أقرت فى اوراق رسمية بالتنازل طوعا عن الدعوى المدنية ضد «هشام طلعت مصطفى» مشيرين إلى أنهم «تنازلوا ايضا عن دعوى التعويض لمقتل ابنتهم» مؤكدين على أن «اتهامهم لهشام جاء بناء على اعتقاد تولد لديهم متاثرين بما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة بعد حادثة مقتل ابنتهم، وبتأثير من المحادثات الهاتفية التي تلقوها من أشخاص مجهولين»! وأكد تفاصيل اتفاق التنازل، بيان صدر عن مكتب المستشار بهاء ابوشقة محامى هشام طلعت فى ساعة متاخرة من مساء امس الأول، بناء على رغبة هشام مصطفى وبعد 3 ساعات من المناقشات بين اسرة هشام وبين بهاء ابو شقة وابنه د. أحمد خلال الزيارة الأخيرة بسجن المزرعة بطرة. وفيما أكد البيان صحة تنازل والد سوزان تميم عن الدعوى المدنية، فإنه أشار فى الوقت نفسه إلى أن أوراق التنازل التى لم تصل إلى الجهات الرسمية فى القاهرة لازالت لدى محامى لبنانى اسمه نجيب ليان، انتظارا لتمريرها عبر الخارجية اللبنانية. وأكد البيان صحة ما تناقلته وكالة الأنباء الفرنسية أول أمس، لكنه فى الوقت نفسه أشار إلى أن الحديث عن تأثير التنازل على مسار الدعوى وتخفيف موقف هشام طلعت فى القضية ليس صحيحا، وليس له مبرر قانونى، وهو ما وصفه البيان بالأمر الذى «لا يتوقف أمامه أعضاء هيئة الدفاع» لأن وضع المتهمين فى القضية، وتأثير ما يطرأ عليها من أدلة أو قرائن جديدة تعتبر ملكا كاملا للمحكمة التى تنظر الدعوى.. واعتبر بيان ابوشقة أن «الشهادة الموثقة التى تتضمن تنازل عائلة سوزان تميم عن دعواهم المدنية ضد هشام طلعت، تعد ورقة من أوراق الدعوى المطروحة أمام المحكمة لها الحق كله فى أن تنزلها المنزلة التى تراها، وفق تقديرها بغير معقب من أحد».. وأشار البيان الذى اعتبره مراقبون قانونيون بادرة لانقلاب من نوع ما فى الدعوى لصالح المتهمين إلى أن «ما يهم الدفاع هو ما جاء على لسان والد سوزان فى وسائل الإعلام من أنه ينفى اتهامه لهشام كلية، وانقطاع علاقته تماما بواقعة قتل ابنتهم، وأن شخصا آخر وراء الحادث، ما يؤكد حقيقة ما اعتصم به هشام منذ الوهلة الأولى للمحاكمة بشأن انقطاع صلته بالواقعة».. ونفى بيان أبو شقة «أى وجه للصحة بشأن ما تردد عن مفاوضات أو تسويات تمت مع أسرة سوزان عبر سحر طلعت مصطفى» فى إشارة تواجد سحر مصطفى فى باريس قبل أيام من تطاير الأنباء حول تنازل أسرة سوزان تميم.. قانونيا، ربما لا تشكل دعوى تنازل أسرة سوزان تميم سوى جزئية صغيرة قد تأخذ بها المحكمة وقد لا تاخذ بها، على أساس أنه يجوز فى الجنايات لأصحاب الحق المدنى التنازل عن دعواهم، فى الوقت الذى يسمح فيه القانون للنيابة العامة الاستمرار فى الحق الجنائى فى مواجهة المتهمين خلال التحقيق، كما يجيز لهيئة المحكمة الاستمرار فى الدعوى خلال المحاكمة بصرف النظر عن آية تسويات.. لكن التنازل من خلال رؤية أوسع، ونظرة أشمل يشير إلى تحرك الدفاع منذ اعادة محكمة النقض نظر القضية أمام دائرة أخرى فى أكثر من جهة، ما يعنى أن تنازلا من هذا النوع، وفى هذا التوقيت بالذات ربما يضيف ثقلا اكثر مما يبدو..فى الجولة الثانية من إعادة المحاكمة، اتضح أن دفاع هشام مصطفى بدأ بالطعن فى الصور المنسوبة للمتهم الأول محسن السكرى، على أساس الدفع بامكانية التلاعب بالكاميرات.. وهو الدفع الذى أدى بالمحكمة للموافقة على استدعاء المهندسين الذين قال دفاع هشام بقدرتهم على التلاعب بالكاميرات، واجراء «مونتاج » لبعض لقطاتها خلال الجلسة وامام المستشارين، الامر الذى لو أثبتت التجربة نجاحة لانتفت أول قرينة على علاقة السكرى بالصور التى أثبتت تواجده بمسكن سوزان تميم ليلة الحادث.. ما ينفى عنه تهمة القتل بالضرورة، وبالتالى ينفى تهمة التحريض عن هشام طلعت. فشل تجربة إثبات إمكانية التلاعب بالكاميرات أمام هيئة المحكمة ليست حتى الآن نهاية محاولات الدفاع فى تبرئة السكرى، ومنه تبرئة هشام.. إلا أن استمرار فشل الدفاع فى نفى علاقة المتهم السكرى بالجريمة، سوف يتحول الدفاع للشطر الثانى من خطته المتوقعة، وهى محاولة نفى العلاقة التحريضية بين هشام وبين السكرى، الأمر الذى يعنى بالضرورة التضحية بالسكرى ليواجه مصيره بتهمة القتل، فى الوقت الذى سيحاول فيه الدفاع نفى تهمة التحريض عن طلعت.. المحادثات التليفونية، ورسائل الموبايل، إضافة إلى حركة التحويلات المالية من حساب مجموعة هشام طلعت للسكرى، وهى العلاقات الثلاث الدالة على تورط هشام فى التحريض والمساعدة والتسهيل للجريمة. ويتوقع أن تكون محاولة خلخلة تلك الأدلة أو العلاقات هى المرحلة الأخيرة لدى دفاع هشام طلعت، فى حال باءت كل محاولات نفى تنفيذ السكرى للجريمة بالفشل. حتى الآن، فإن ثبوت الجريمة على السكرى لاتعنى بالضرورة ثبوت التحريض فى حق هشام، فلدى الدفاع بالتأكيد أكثر من فكرة للطعن على تلك الأدلة، أو على الأقل الطعن فى اثنين من أقواها.. وقتها يصبح وضع هشام افضل من الناحية القانونية، حال تقديم أوراق لهيئة المحكمة تؤكد تنازل أسرة القتيلة عن اتهام هشام بالتحريض، ما يعنى أن المدعى بالحق المدنى الذين هم أسرة سوزان تميم كما سيبدو وقتها، ينفون ضمنا أية علاقة بين هشام طلعت.. وبين محسن السكرى، الذى سوف يكون وقتها فى مواجهة حبل المشنقة.. وحده، حسب التوقعات.