عندما تتشابك الخطوط.. وتختلط الرؤى ويكاد الطريق يضيع.. ونصبح فى أمس الحاجة إلى الإستعانة بالمتخصصين.. السطور القادمة تضع القضية تحت مجهر الطب السلوكى.. وعلم الاجتماع والقانون الجنائى لنرى الصورة أكثر وضوحا.. وأبعد عمقا.. الوصول المجتمعى لفكر النقاب: تقول الدكتورة سوسن الغزالى أستاذ الطب السلوكى بجامعة عين شمس وأستاذ زائر بجامعة واشنطن: إن موجة التدين الشكلى بدأت بعد النكسة وكأن حالة الفراغ النفسى وروح الهزيمة قد جعلت الشعب متخبطاً ولجأ البعض إلى الدعوة للعودة للدين من صلاة وصوم، وهذا شىء إيجابى، ولكن ما صحبه من مظاهر شكلية بدأت أول الأمر فى الطبقات الدنيا على صورة إيشارب على الرأس حتى مع فساتين ليست طويلة وإطالة الذقن للشباب، وبعد 37 حدث انفتاح وتم فى نفس الوقت تشجيع الإخوان المسلمين على نشر أفكارهم، وبدا واضحاً التغير فى المظهر للفتيات والشباب وأخذت تتغلغل هذه المظاهر التى تتمسح فى الإيمان كالأخطبوط وبدأت موجات النحيب والبكاء على ضرورة التحشم فى صورة إيشارب أخذ معنى الحجاب سانده سفر المصريين للدول العربية واستجلاب عاداتهم فى الملبس حتى وصل إلى أن 09٪ و59٪ من النساء تغطى شعرها بطرحة الحجاب بهدف التحشم الأخلاقى لتكون أفضل وتتميز دينياً، وكان من الطبيعى بعد ذلك أن تظهر فئة أخرى تريد أن تتميز أكثر وتتقعر بالدين فغطت وجهها، وطبعاً هذا كان نتيجة قول رجال الدين أن الحجاب فريضة والنقاب فضيلة فأى أحد يريد أن يكون أفضل ونسوا أو تناسوا أن كلمة الوجه تأتى من أنه ما يواجه به الإنسان الآخر لذلك سمى وجه حتى ولو كانت فاتنة فأين ثقافة غض البصر وأين الحياء الذى تربينا عليه، فالنظرة الأولى لك تقول الله أكبر عندما ترى امرأة جميلة ثم تغض بصرك، هذه هى الثقافة التى يجب أن تبث فى نفوس الشباب بدلاً من تنشئة بناتنا على التغطية ومزيد من التغطية؟ لماذا نربى بناتنا على إخفاء وجوههن، وسيلة مواجهة الآخرين التى خلقنا الله بها لنتعارف ونظهر هويتنا ليأمنا من يواجهنا، فتغطية الوجه لن تطفئ الغريزة فلو غطت كل النساء وجوههن سيتطلع الرجال لشكل هذه المغطاة تماماً وشكل جسدها مهما كانت تلبس ملابس فضفاضة.. إذاً الحل فى تنمية روح الحياء لدى الشباب والأخلاق وغض البصر. لن نستطيع النظر للنقاب كحرية شخصية: تضيف الدكتورة سوسن أن النقاب ليس حرية شخصية بدليل أنه يبعث على الخوف والقلق وعدم الطمأنينة لمن هم حول هذه المنقبة وتقول: أنا عندما أرى امرأة منقبة فكأنى رأيت شخصاً ملثماً لا أستطيع التفرقة إذا ركبت تاكسياً أو أسانسير أتخوف جداً من فكرة وجود إنسان يخفى ملامحه ويخفى وجهه وأنا لا أتجنى على حرية المنقبات، ولكن الإنسان عدو ما يجهل، فأنت لن تستطيع الجزم بأن من يغطى وجهه أمامك قد تأمن شره خاصة هذه الأيام وما نسمعه من استغلال كثير من ضعاف النفوس لفكرة النقاب لإخفاء نواياهم الإجرامية وجرائمهم الأخلاقية، كما أن أى أماكن عامة بها كاميرات لتسجيل ما يحدث لن تستطيع أن تكشف شخصية من يرتدى النقاب إذا قام بأى فعل مشين أو إجرامى ويكفى أنى سمعت من د.أحمد الطيب فى أحد البرامج التليفزيونية كمية حالات الغش التى تقوم بها المنقبات خلف هذا الزى، ثم إن ما ترتكز عليه الحرية الشخصية فى النقاب أنها من المفترض أنها تضع هذا الحاجز لتعتزل المجتمع وتنتقب لأنه علاقة بينها وبين ربها، ولكن ما يحدث أن سيكولوجية المنقبة تقوم الآن على سياسة الإشهار والتواجد فى كل مكان والاختلاط بالناس على جميع الأصعدة، وكأنها تتباهى أو تريد إشهار موقفها للشعور بأنها أعلى درجة ونصح الأخريات، وهنا تخرج على أنها علاقة بينها وبين ربها أو أنها حرية شخصية بل امتدت لتؤثر فى إحساسنا نحن من حولها وتختلط بنا بعدم الأمان. ويأتى السؤال الأهم: هل مع زيادة الاحتشام المظهرى تنامت الأخلاق.. تجيب د. سوسن الغزالى عن تساؤلها مؤكدة: بالطبع لا، الأخلاق فى النازل، لأننا قبل أن نعلم بنتنا الصغيرة أن تتحجب أو تتنقب لم نربها على الصبر وأن يكون الظاهر كالباطن وزرع معان كالصدق والأمانة بدلاً من أن نخاف من إظهار تعابير وجهها وعدم الخضوع بالقول كما أمرنا الله حتى لا يطمع فيها من فى قلبه مرض، والعودة للحياء وغض البصر، ويكفى أن يتمسك الرجل بالنقاب حتى يكون ذلك اعترافاً منه بأنه لا يقدر أن يمسك نفسه. ومجموعة من الملحوظات تطرحها د. سوسن أهمها: بالملاحظة اكتشفت أن الرجال الذين يعملون مع منقبات يركزون على جسدها ليعرفوها فعندما سألت موظفا فى الجامعة عن كيفية التعرف على زميلته المنقبة من الأخرى وجدته يقول: فلانة طويلة، ممتلئة من الأسفل والأخرى قصيرة وممتلئة من فوق تخيلوا!! لقد اضطر للنظر لشكل جسدها وتفاصيله ليتعرف عليها، لأنه لم ير وجهها وتأملوا معى حديث الرسول: من رأى امرأة فاشتهاها فليأت امرأته فكيف يرى الرجل امرأة إذا وهى منقبة أصلاً!! المنقبة تحتاج لعلاج نفسى: الكثير من المنقبات والكلام على لسان الدكتورة سوسن الغزالى يحتجن إلى علاج نفسى ليفهمن أن الوجه هو طريقة التواصل مع الآخر مادامت احتكت بالمجتمع وقد قال رسول الله تبسمك فى وجه أخيك صدقة وبالطبع المخاطب الرجل والمرأة فهم شقائق فكيف تبتسم فى وجه زميل أو زميلة لها فى العمل وهى تخفى ملامح وجهها، ثم إن العلاج النفسى ضرورى لمن خلعته لتعرف حالة التطرف النفسى التى دفعتها لارتدائه ثم إلى خلعه، هل هى تمر بقهر أو بحالات من التخبط الفكرى، وتؤكد الدكتورة سوسن قائلة: فى ظل أزماتنا التى نعيشها والتى أصبح أكبر جزء منها أخلاقيا فنحن فى حاجة للتصرف بوضوح وجدية واستقامة، وتطالب الدكتورة سوسن بأن تتخذ الدولة إجراءات أكثر صرامة فى مواجهة اختلاط المنقبات فى المجتمع، وتقول: لا يكفى أن نمنع النقاب فى مدارس البنات مثلاً إذا كانت الفصول كلها بنات فماذا فعلنا؟ لا شىء، ثم لماذا نأخذ من السعودية مثلاً العادات الشكلية فى لبس النقاب ولا نمنع السواقة للسيدات المنقبات مثل السعودية؟! أنا أطالب بقانون فى قانون المرور يحرم القيادة أثناء تغطية الوجه المعروف بالنقاب لتحاشى مآسٍ قد تحدث وهى ملثمة ولا نستطيع ضبطها بعد ذلك. وأنا سعيدة جداً لأنى استطعت إقناع دكتورة على قدر كبير من الثقافة والتدين وسعة العقل بخلع النقاب للتعامل مع مجتمعها مادامت هى تريد الاختلاط بالمجتمع، وعندما قالت لى أن كل من حولى يحبوننى حتى وأنا أخفى وجهى رددت عليها بأن من حولك لأنهم يعرفونك يحبونك سواء لبست النقاب أو خلعت النقاب لأنهم يعرفون فكرك وشخصيتك أما من لا يعرفك فقد صنعت حاجزاً بينك وبينه وبدأ فى أخذ الحيطة والحذر منك لعدم رؤيته لوجهك وهو ما تواجهين الناس به. جرائم تحت ستار النقاب: الدكتورة فادية أبوشهبة رئيس قسم بحوث المعاملة الجنائية بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية وعضو الجمعية المصرية للقانون الجنائى احتكت بكثير من الجرائم الأخلاقية والجنائية، كان النقاب هو الساتر الذى تخفى وراءه المجرم لينفذ فعلته بعدما أعطاه المجتمع ذريعة يتخفى بها ويسير بها بين الناس، تقول الدكتورة فادية: أنا ضد النقاب ومع الحجاب فأى فتاة تختلط بالمجتمع لها حرية فى تغطية شعرها أو كشفه، ولكن عندما يتطور الأمر لتغطية وجهها هنا تكون قد تعدت مرحلة الحرية الشخصية فدفع الضرر يسبق جلب المنفعة وأنا أؤيد الحملة ضد اختلاط المنقبات بالمجتمع فى العمل والشارع، فهو ليس فرضاً وإنما تطرف، وفى ظل الارتباط القوى هذه الأيام بين الجريمة والتخفى فى النقاب أصبح مؤكداً ضرورة البت فى هذا الموضوع فلقد وجدت مئات الجرائم من سرقة ونشل يرتدى فيها المجرم النقاب، كما أن هناك جرائم اغتصاب عديدة جداً كان المغتصب يدخل المكان من بيت أو مدرسة مستتراً بلبس النقاب كما أنى رصدت حالات زنى عديدة كان الرجل يتردد على المرأة المتزوجة فى بيتها أمام أعين الناس تحت هذا الستار وكانت من أشد الجرائم وحشية وأصعبها فى التوصل للجانى جريمة قتل عمد لم يستطع الشهود معرفة الشخصية التى ترددت على القتيل لأنه كان يلبس ملابس امرأة منقبة، هذا فضلاً عن حالات الغش فى الجامعات التى تعد بالآلاف لفتيات استغللن هذا الزى فى إخفاء المعلومات والأوراق تحته لمساعدتهن فى حالات الغش، الحالة سيئة جداً ويجب أخذ قرار رادع من المجتمع أولاً ومن الدولة ثانياً ليسود الأمن والاطمئنان ولا نعطى المجرمين وسيلة للتخفى بل ونبارك مرورهم أمامنا على أنهم سيدات منقبات، فالله لا يرضى بذلك، فالعلاقة الإيمانية بين العبد وربه لا يشوبها إحساس الآخرين بعدم الأمان لأنها بين العبد وربه، ولكن عندما تصل لترويع الناس وإخفاء المجرمين فإنها تبعد كل البعد عن تعريف العلاقة الإيمانية. ولعلم الاجتماع رأى تؤكد الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية على أنها لا تجد للنقاب أية ميزة، بل بالعكس فهى ترى أنه له آثار سلبية على المجتمع، فالله قد خلق الإنسان وقد جعل العلامة الشخصية التى تميزه على غيره هى وجهه، فالإنسان عندما يغطى وجهه، فهو بذلك يغطى شخصيته، ولا نستطيع إذن معرفة ما إذا كان الذى يرتدى النقاب رجلاً كان أو سيدة. فالنقاب أصبح يساعد على ممارسة السلوكيات السيئة، فقد نرى على سبيل المثال إحدى المنقبات تتصرف بطريقة خارجة مع الشباب، ونرى حالة أخرى وهى سيدة منقبة، توصل ابنها إلى المدرسة وأخرى منقبة من أقاربها ترجع به إلى المنزل مما يعرضه للخطر لأن حارس المدرسة لا يعلم ملامح أو هوية السيدة المنتقبة، فمن الممكن لأى شخص انتحال شخصيتها عن طريق ارتداء هذه الخيمة السوداء، وأخذ الولد بدلاً منها بمنتهى السهولة بدون معارضة الولد نفسه وكذلك يساعد النقاب على ارتكاب الجرائم، فتروى الدكتورة عزة قصة أحد زملائها الذى تعرض ابنه لعملية اختطاف من قبل اثنتين من المنقبات، وللأسف لم يتم العثور عليهما، نذكر أيضاً من السلوكيات السيئة التى قد تمارسها الفتيات المنقبات وهى انتحال شخصية الغير، فعلى سبيل المثال قد تدخل فتاة امتحان مادة معينة بدلاً من صديقتها، وذلك عن طريق ارتداء النقاب، ومن السلوكيات السيئة أيضاً للمرأة المنقبة هى اتهام غير المنتقبة بالتكفير، وهو الأمر الذى يعتبر سلوكاً يسىء للإسلام، فتروى الدكتورة عزة موقفاً قد تعرضت له، فكانت فى إحدى الأسواق وكانت هناك سيدة منقبة تقول أن النقاب فرض، فردت عليها وقالت: أبسط حاجة شوفى أسلوبك الذى تتعاملين به .. فهذا الأسلوب بمنأى عن أى سلوك إسلامى متسامح، وتعلل الدكتورة عزة ذلك السلوك العدوانى، بأن المنقبة تعانى من قيد داخلى لاشعورى يجعلها تتصرف بعنف شديد، وذلك لأن كل حريتها مقيدة بداخلها، فيجب إذن على المنقبات مراعاة سلوكياتهن التى لا تتفق وروح الإسلام المتسامح، فيجب ألا يكون النقاب وسيلة لتقليد الدول الخليجية مثل السعودية، ففى هذه الدولة يتم ارتداء النقاب فقط فى الشارع لأنه لا يوجد اختلاط بين الجنسين ولكن فى الجامعة يتم خلع النقاب. ولكن هنا فى مصر الوضع أصبح معكوساً فبمجرد أن الفتاة أصبحت تخاف من مضايقات الشباب فى الشارع، فأنا أنصحهن بالمكوث فى المنزل. فالمنقبة بطريقة أو بأخرى لا تستطيع أن تتواصل مع الآخرين لأنها لا يظهر منها سوى عينيها، وبالتالى لا تظهر انفعالات وجهها، فأنا أرى أن الفتاة المنقبة ينبغى عليها أن تجلس فى منزلها، ولا تذهب فى أى مصلحة رسمية، أو أى مكان عام مادمت تخشى من مواجهة الناس.