لن تتوقف جهود مبارك والادارة المصرية لحظة واحدة تجاه ما يجري في لبنان، فقد كان التحرك المصري غاية النشاط يعمل في هدوء بعيدا عن الصدام.. وربما كان ذلك موضع نقد من بعض الملتحفين بالثورة الهشة والمتسرعين الذين لا يدركون عواقب الامور، في عالم صار غريبا في اطواره تحكمه آليات جديدة انانية وطامعة كما ان اي تصعيد عربي في غير موقعة تستغله وتوظفه اسرائيل ومعها امريكا لصالحهما. لكن من المهم لحسم هذه الاعتداءات الوحشية علي شعب لبنان والفلسطينيين ان يكون هناك رأي عربي واحد يصل الي الصعيد الدولي ويتكاتف معه.. الا اننا نجد ان ذلك يواجه بعضا من الصعوبة.. لان هناك مجموعات دولية تحكم علي الامور لصالحها متجاهلة كرامة ومصالح الشعوب الاخري.. ومن هذا المنطلق المظلم تظلم الحق وتتجاهله. لذلك كان علي كل البلاد العربية بذل اقصي الجهود الدبلوماسية من خلال خطة موحدة واستراتيجية متفق عليها.. منذ اللحظة الاولي للعدوان الظالم علي لبنان. وعندما يطلب الرئيس مبارك من امريكا وقف اطلاق النار الفوري والجلوس لحل المشكلات فهو يتكلم بحنكة الرجل السياسي لانه يري في ذلك حلا جذريا للمشكلة التي فجرها حزب الله، ومبارك لا يميل الي الخطب الكلامية المدهونة بحماس زائف والتي تحض الاخرين علي المغامرات الفاشلة، وعندما نجد ان مؤتمراً وما قد اخفق في الاتفاق علي دعوة لوقف فوري لاطلاق النار نلاحظ علي الصعيد الآخر قمة مصرية سعودية طالبت بوقف اطلاق النار كانت بمثابة رسالة قوية موجهة الي مؤتمر روما قبيل انعقاده ولا يفوتنا ان نتساءل لماذا أصرت امريكا علي استبعاد سوريا وايران من المشاركة في روما؟ ومن الكلمات التي فاه بها الرئيس أن ما يحدث في المنطقة فوضي هدامة وليست فوضي خلاقة" وللاسف لم يأت مؤتمر روما بجديد، بل كان هذا التخاذل العالمي والتقصير الانساني في حل المشكلة اللبنانية عاملا مشتركا مع عدم اتفاقنا نحن العرب علي خطة واحدة ولا اقصد بذلك الحرب ولكن اعود لاضرب مثلا بالوحدة الاوروبية والتي بدأت بالوحدة الاقتصادية والتي عجزنا عن تحقيقها كعرب، ثم تكونت وحدتهم في الفكر والمنهج ووحدة الرأي وليس بالفكر الخطابي الذي كلت منه الحناجر وهجرته الآذان. وان كان نصر الله نجح في ان يقول للامة العربية هانذا قد قذفت عمقا معينا داخل اسرائيل وربما تقول له الامة العربية هذا شيء جميل لكنه كلف شعب لبنان ثمنا غاليا من هدم بنيته التحتية ومرافقه الحيوية ومستقبله السياحي واستقراره الحياتي. وهل كان حصاد الكاتيوشا مماثلا لحصاد اسرائيل من الارواح التي ازهقتها اوار الحرب والذين قارنوا بين نصر الله والزعيم عبد الناصر وصلاح الدين تناحرت مفاهيمهم واختلطت اوراقهم في عشوائية الحماس المؤقت.. ربما نفكر ان ما فعله حزب الله زلزل كيان اسرائيل وسيكون ما حدث احد المواقع التي سيراجعها العرب للاستدراك. لكننا نتذكر ايضا ان شعب لبنان قد اصابه الضرر العظيم جراء اقدام حزب الله علي فعلته وفي هذه الحرب اطلق نصر الله ما يزيد علي الفين وخمسمائة صاروخ وسقط قتلي وجرحي اسرائيليون ولم يرق عددهم لتلك الاعداد الهائلة التي استشهدت من الشعب اللبناني.. ويا حسرتي علي هؤلاء الاطفال.. لقد قتلت اسرائيل الرجال العزل واغتالت براءة الاطفال في وقاحة ووحشية.. مسكين هذا البلد الذي يدفع الثمن.. فعندما امر جنود نصر الله اسيرين من احدي النقاط الاسرائيلية هل كان يقصد الحرب مع اسرائيل.. وهل كان ينوي بناء علي هذا الاسر جرها للمعركة.. وكيف تصرف كذلك.. هل جلس مع قائد الجيش ليتداركا معا العواقب لوضع خطة واحدة؟ الواضح ان حزب الله لم يدقق في الامر. ان الشعوب العربية ثارت وتألمت وبعضها تمرد علي الحكام العرب واصفاً اياهم بالتخاذل وكان ايضا علي الشعب العربي ادراك خطورة مناخ الحرب.. لانه في حاجة للسلام.. وقد صرح احد الخبراء من لبنان علي قناة المستقبل الفضائية مطالبا بوجود حكومة لبنانية واحدة لا وجود لحزب الله داخلها. ويتبقي سؤال هل ستصر اسرائيل ان تضرب بكل النداءات عرض الحائط كما تعودت هل سيصمد حزب الله؟.. وما هو الحال الذي ستصل اليه لبنان هل تضمد جراحها ام تصبح هذه الجروح غائرة في ذلك الجسد الجريح.. وهل سيستمر حزب الله في اطلاق صواريخه ويستمر الجحيم المتبادل ويضيع لبنان لذا كان الاسراع بوقف اطلاق النار هو المطلب الانساني والواقعي في الشرق الاوسط المهان.. ويبقي التساؤل الاخير ألم يحن الوقت ليصبح لبنان حرا لتكون له اراداته بمفرده؟