كتاب كليلة ودمنة من أكثر كتب التراث شهرة وأوسعها انتشارا علي مستوي العالم، وهو من كنوز الفكر الهندي ونقله إلي اللغة العربية عبدالله بن المقفع في عصر الدولة العباسية، وهو كتاب حكايات قصيرة معظم حكاياته تدور علي ألسنة الحيوانات وأخذت الحكم من أفواهها. تروي إحدي حكاياتها أنه اليوم الثالث الذي لم يذق الذئب فيه طعم اللحم، فبدا هزيلا ضعيفا لايقوي علي الجري، فراح يمشي مترنحا عله يحظي ببعض الطعام الذي يسد جوعه، وقاده الطريق إلي حدود القرية القريبة من الغابة التي يعيش فيها، وأمام أحد بيوتها وجد كلبا سمينا تبدو عليه ملامح السعادة والهناء وهو يجلس أمام الباب يحرس صاحبه وأمواله، فكر الذئب الجائع أن ينقض علي الكلب السمين. ولكن حجم الكلب والخوف من الناس منعاه من ذلك، فما كان منه إلا أنه اقترب من الكلب وقال له بابتسام: صباح الخير أيها الكلب الجميل، ما أروعك! فأجابه الكلب بفخر: شكرا لك، يمكنك أن تكون مثلي سمينا معافي، قال له الذئب بلهفة: وكيف لي أن أكون كما تقول؟ وما الذي يجب علي أن أفعله؟ قال الكلب: شيء بسيط جدا، ما عليك إلا أن تمنع اللصوص، وتطارد المتسللين والدخلاء، وأن ترضي سيدك وتتبعه وتأتمر بأمره، وسيكون لك ما تريده من فضلات الطعام واللحم وبعض من المرح.. أطرق الذئب قليلا وراح يتخيل السعادة التي سوف يكون عليها، ولكن شاهد فجأة عنق الكلب خالية من الشعر، فسأله ما هذا يا صديقي؟ قال الكلب: لا أهمية لهذا.. قال الذئب: كيف وعنقك خالية من الشعر؟ أجاب الكلب: إنه من تأثير الطوق الذي يضعه صاحبي ويقيدني في بعض الأوقات.. قال الذئب: هذا يعني أنه لا يمكنك أن تجري وأن تذهب إلي حيث تشاء ومتي تشاء؟ أجاب الكلب: ليس دائما.. وهل لهذا أهمية؟ قال الذئب: إنه مهم جدا أيها الكلب فأنا لن أستبدل حريتي بشيء من فضلات الطعام.