ستون إنجازا فى ستين شهراً.. آخر إنجازات الحكومة والذى يتم تداوله حاليا بغرض أن تعرفنا الحكومة بحجم النعمة التى نعيش فيها دون أن نشعر بها.. ليس لأن الإنجازات لا سمح الله غير موجودة على أرض الواقع.. ولكن لأننا شعب جلده سميك ودمه ثقيل، وبالتالى فقدنا الإحساس بأى شىء .. لهذا السبب فقط (أننا عديمو الإحساس) قررت الحكومة أن تحتفل بالذكرى الخامسة لتوليها حكمنا بأن تذكرنا بأفضالها علينا. وللأمانة الحكومة فى هذا الكتاب أغفلت الكثير من إنجازاتها والتى كان يمكن أن ترفع العدد الكلى إلى ستمائة إنجاز أو ستة آلاف إنجاز فى ستين شهرا. نسيت مثلا تعد عدد المرات التى ذهب فيها وزراؤها إلى مكاتبهم.. أليست هذه إنجازات..؟! عدد الأوراق التى وقعوا عليها بإمضاءاتهم الكريمة.. إنجازات.. عدد مرات ظهور السادة وزرائها فى تليفزيون الحكومة للترويج لسياسات الحكومة أو الحزب الحاكم.. إنجازات بالطبع.. رغم أنها تؤدى لنتائج عكسية لكن مش مشكلة. عندك مثلا كشوف الحضور والانصراف فى دواوين الحكومة.. أليست إنجازات لموظفى الحكومة..؟! وقس على ذلك مليون إنجاز آخر كان يمكن للحكومة إضافتها ولكنها من باب التواضع قررت ألا تمن علينا إلا بستين فقط من إنجازاتها. السؤال الذى لم أجد إجابة عنه.. إذا كان كل ما تقوم به الحكومة إنجازات.. ما هو الشغل العادى الذى تقوم به..؟! أو بمعنى آخر.. فى غير أوقات الإنجازات.. بيشتغلوا إيه..؟! لأنى واثقة أنكم جميعا تعرفون النكتة القديمة.. والتى تروى باختصار عن تعيين الحكومة لأفراد على مطالع الكبارى ومنازلها لضرب المارة بالقلم. وأن الاحتجاجات تزايدت من الشعب ليس من عملية الضرب.. ولكن لقلة عدد من يقومون بالضرب مما أدى إلى التكدس.. كانت كل المطالب هى زيادة عدد الضاربين. الحكومة قررت نشر إنجازاتها فى الوقت الذى فاحت فيه رائحة فضيحة الزراعات التى تروى بماء المجارى.. لأنها واثقة أننا نستاهل ما هو أكثر.. فضيحة مثل هذه فى أى بلد يحترم أفراده أنفسهم (أكرر يحترمون أنفسهم) قبل أن يطالبوا أى أحد باحترام آدميتهم هى كفيلة بإسقاط حكومات وليست حكومة واحدة.. ولكن نحن بقدرة قادر تحول الأمر لدينا لمادة صحفية للتسلية.. نقرأها ونطوى الصفحة، وكأن الحديث عن كائنات أخرى فى المريخ.. أو كأن الأطعمة الملوثة بالمجارى لا تدخل جوفنا نحن.. حتى يا أخى لم يصبنا أى نوع من القرف.. مستمرين ببلادة فى التعامل مع مصيبة من هذا النوع.. ونتابع ببلادة برضة الاتهامات المتبادلة بين وزارة الزراعة ووزارة الإسكان.. كل يلقى القتيل فى حضن الآخر.. والنتيجة فى النهاية أننا مستمرون فى الأكل من المجارى، مستمرون فى الحياة مع أكوام زبالة تحاصرنا.. مستمرون فى عدم احترام أنفسنا.. وكل مطلبنا فى الحياة زيادة عدد من يضربوننا بالقلم علشان نخلص بسرعة..!! لا أعرف ما الذى جعلنى أتذكر السويس وأنا أقرأ خبراً عن الفيوم..!! أذكركم بأنه فى السويس طلب المحافظ إحالة سبعة عشر من أولياء أمور طلبة تسربوا من التعليم إلى التحقيق.. حدث هذا منذ أسبوعين تقريبا.. وكان الطلبة قد انقطعوا عن الدراسة بعد السنة السادسة الابتدائية. أما فى الفيوم.. حيث لم يحدث تسرب ولايحزنون.. ولكن أكمل الطلبة تعليمهم وأنهوا المرحلة الإعدادية.. وتقدموا للالتحاق بمعهد للتمريض ومن شروط المعهد إجراء اختبار للطالبات المتقدمات إليه.. وكلهن بالمناسبة حاصلات على مجاميع مرتفعة فى امتحان الإعدادية.. وبعضهن حاصلات على 58٪ وأكثر. فكان الاختبار فى الإملاء.. تسعة منهن حصلن على صفر من عشرة.. والباقيات كانت أحسن درجة حصلن عليها هى ثلاثة من عشرة!! عندما كتبت عن مشكلة السويس تحديت أن يكون واحد من المتسربين بعد السنة السادسة يعرف القراءة أو الكتابة، وبالتالى فلا لوم على أهاليهم من توفير مصاريف دراسة لا داعى لها. أما فى حالة الفيوم وبصرف النظر عن أنها تؤكد كلامى وتزيد إنه حتى بعد الإعدادية لايعرفون القراءة أو الكتابة.. أقول بصرف النظر عن هذا أقطع ذراعى.. (سوقيه مش كده؟!) لو كان هناك من اهتم بهذه المصيبة.. ليست مصيبة الأمية فقط بعد الإعدادية رغم أنها كارثة. ولكن مصيبة أن أحدا لم يشغل باله ليحقق أو حتى يتساءل كيف تحصل طالبة على 58٪ وهى لاتعرف القراءة والكتابة..؟! من أولى بالتحقيق معه.. أولياء أمور السويس الذين منعوا أطفالهم من تمثيلية هزلية اسمها التعليم؟! أم المسئولون عن التعليم بالفيوم الذين كافأوا طالباتهم على الاستمرار فى الهزل التعليمى بمنحهم 58٪، وأكثر رغم أميتهن..؟! أم المسئولون على مستوى أعلى الذين يعلمون بهذه المهازل ويكتفون بغض البصر عنها على أساس أنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان..؟! هل تدركون الآن إلى أى مدى بلدنا حتتقدم بينا..؟!