أتعجب كثيراً من الذين أطلقوا على يوم 25يناير احتفالية!! أتعجب كذلك من الذين يقولون أن الثورة لم تفرز مطربًا أو شاعرًا أو ملحنًا. تراوح الإعلام وتذبذب فى نشرات الأخبار والبرامج الحوارية ما بين كلمة احتفالية وكلمة ذكرى، أما عن الأولى أو عن الذين أطلقوها فبماذا نحتفل؟. هل نحتفل بما خلفته لنا الثورة أكثر من ألف شهيد معظمهم إن لم يكن كلهم من أفضل شباب مصر أى شباب زى الورد فى عمر الزهور هل نحتفل لأنهم ماتوا، أم نحتفل بالعشرات الذين فقدوا أبصارهم، أم نحتفل بالآلاف من المصابين، أم أننا نحتفل بالذل والمهانة وقلة الحيلة التى يعاملون بها فى المستشفيات، أم نحتفل بالفجوة الكبيرة ما بين ما يطلقه المجلس العسكرى، وما تطلقه الحكومة كل يوم من لجان للاهتمام بأسر الشهداء والمصابين وما بين ما يلاقيه هؤلاء من صعوبة شديدة فى أن ينالوا حقوقهم. أى احتفال.. فقد فهم الإعلام الأمور بشكل خاطئ وظل يتراوح فى الإذاعة وفى التليفزيون حول كلمة احتفالية أم ذكرى. ما حدث يوم 25 يناير وتلاه يوم 27 وجمعة العزة والكرامة هى تذكرة لمن أخذتهم الدنيا بمشاكلها ونسوا أحزان الأسر الذين يعيشون مأساة حقيقية سواء بالموت برصاص مصرى أو الإصابة بيد مصرية كذلك. أما الذين يطلقون تصاريح بأن أغانى ثورة «25» تغلبت على أغانى ثورة يناير.. أقول كذلك إن هذا ليس صحيحًا.. نعم كانت أغانى عبدالحليم وشادية هى البداية ولكن بعدها توالت تجارب الشباب لتقف بجانبها عملاقة مثل ما سبق وذكرت أسماؤهم والأمثلة كثيرة أذكر بعضها وليس جميعها لأقول إن كان لابد لثورة يناير أن تأتى بالجديد أن تعبر عن نبض من قاموا بها فاختلفت وسائل التعبير، فنجد فرقًا كثيرة ظهرت مثل فرقة إسكندريللا، كايروكى وفرقة تاكسى ومطرب الثورة رامى عصام ومحمد محسن. نجد أغنية «فيها حاجة حلوة» والتى كتبها أيمن بهجت قمر ولحنها الموسيقار عمر خيرت وغنتها الشابة المتألقة ريهام عبدالحكيم وكانت الأغنية المصاحبة لفيلم «عسل أسود» بطولة أحمد حلمى.. إنها من الأغانى العبقرية التى تلخص حال معظم المصريين، الذين يذوقون الأمرين تحت سماء هذه الأرض من جوع وفقر وبطالة وقبح وغيرهما من المعانى المزعجة، إلا أنه تظل الحاجة الحلوة التى نجدها فى روح هذا البلد، لها الغلبة، ولها الأولوية لدنيا نحن المصريين. أغنية يا بلادى لعزيز الشافعى والتى سالت منها دموع المصريين. أغنية إزاى لمحمد منير التى كتبها شاب صغير قبل الثورة بعام هو «نصر الدين ناجى». ألبوم كامل لعلى الحجار «اصحى يا يناير» جمع فيه أغانيه الوطنية التى صاغها عبر مشواره الفنى الضخم بالإضافة إلى غنائه فى ميدان التحرير. والأمثلة كثيرة جدًا لا تسمح المساحة بذكرها. وفى النهاية أولاً: جمعة العزة والكرامة لم تكن احتفالية وإنما كانت ذكرى لمن ينعمون بالنسيان، ثانيًا أن للثورة فضلاً فى أن يستمع الشباب إلى الشعر من أمثال عبدالرحمن يوسف وهشام الجخ وشاعرنا الكبير عبدالرحمن الأبنودى هذا لم يتحقق من قبل، وتأتى بعد ذلك عشرات الأغانى الجميلة التى خرجت من عباءة الثورة. ∎ آخر حركة نفق مظلم طويل نسير فيه جميعا ولكن غير ظاهرة نهايته لنرى بؤرة الضوء.