مع الثورة ازدهر العديد من الفرق الغنائية والأغنيات التى لها ارتباط بالوطن والأمل والمستقبل، أختار من بين أصحاب هذه الأغنيات اسماً اعتبرته ماركة مسجلة لصدق الإحساس وعفوية الأداء وعمق التعبير. اخترت «أحمد زاب ثروت». ترسخ بداخلى الاقتناع بموهبة «زاب ثروت» نتيجة أنه استطاع أن يدق فى داخلى على نوعين من المشاعر المتناقضة: فقد كنت قبل الثورة بأيام قليلة قد شاهدت على الإنترنت أغنية له مع فريق «أسفلت» هى: «كاتب لبكرة جواب» وشعرت وقتها بوجع شديد فى قلبى من شدة الألم الذى تمطره حروفها، ثم على النقيض بعد الثورة رفرف قلبى وحلقت روحى من شدة الانتعاش معه ومع كايروكى وهانى عادل فى أغنية: «مبروك بقا اسمى»، كما تفاعلت مع مختلف أعماله سواء عند ارتباطه بقضايا الأمة والقدس والمسجد الأقصى مع «صدفة باند» و«محمد سويد» و «قزاز» فى أغنية «عنوانى» ومع «أسفلت» فى أغنية «مين المقصود»، أو مواصلته التعبير عن الثورة إلى أن قدم مؤخراً مع «كايروكى» أغنية «اثبت مكانك». حين استمعت من جديد مؤخرا ل «كاتب لبكرة جواب» وجدت نفسى وكأننى فى حالة من المفاجأة حول مقدار الألم الذى كنا قد وصلنا إليه قبل الثورة، فالكلمات تقول: «سجادة مفروشة نايم عليها ألوف.. الدب ببيادة قطع حبال الصوف مستورة، أنا كداب، م أنا خايف اتألم.. الضرب بالقايش فى عقولنا أهه معلم موجود ومش موجود عايش بدون صوتى.. ضحكوا لى سامعينك، بيشتروا موتى.. دى بلاد ما تسمعشى، فجوابى ده نعشى.. أنا كاتب لبكرة جواب خايف ما يوصلشى.. ماهو الكلام فى بلدنا يقطع ما يوصلشى.. خايف ما تفهمشى وتقول بعيد هامشى.. أنا لابس قميص م الهم أسود ما ينضفشى.. القطن صنع بلادى لكن ما يسترشى». الكلمات تجعلنى أستعيد حالة تبدو بعيدة جداً على الرغم من أن عمرها هو عام واحد، هى حالة عذاب محبى الوطن قبل الثورة، حيث كان ثمن التحدث بالحق يمكن أن يدفعه الإنسان من روحه: «جوابى ده نعشى»، وحيث كانت تكتم على أنفاسنا الشكوك الشديدة حول إمكانية تحقيق الآمال التى لا نعرف عنوان المستقبل الذى سنرسلها إليه: «كاتب لبكرة جواب خايف ما يوصلشى»، طالما أن الحاضر يتضمن ارتداءنا لقميص «م الهم أسود، ما ينضفشى»، وحيث ما أقسى أن يكون «القطن صنع بلادى، لكن ما يسترشى». هذه الحالة المظلمة حول المستقبل التى هزتنى بشدة قبل الثورة، على النقيض تماما منها رفرفت روحى بالأمل مع ما كتبه وقد عثرنا على عنوان المستقبل عبر الثورة حيث غنى مع كايروكى وهانى عادل: «كاتب لبكرة جواب وبعته لعنوانى.. واصف فى بكرة حاجات أتمنى تلقانى واصف شجاعة جيل.. واصف غنا ومواويل واصف محبة تساع من الخلق بالملايين». وهى أغنية «مبروك بقى اسمى» التى بدأها بهذه التهنئة الجميلة: «مبروك ولادة جيل مبروك بقى اسمى.. مبروك علينا النيل يروى شروخ جسمى.. مبروك أنا فرحان متلخبط اتكلم». ثم أضاف هذه الجملة التى تفيض بالفرحة حتى على من لا نعرفهم، حيث يقول: «بالريشة والألوان بالظرف أنا مزين». وصولا إلى أجمل حلم طالما حملناه، وحلمنا به مع الأغنية: «بأتمنى أشوف فى بلادى العدل شىء عادى».