إذا كان الفن والثقافة هما مرآة الشعوب التى تعكس فكرها وتاريخها وحضارتها.. فإن الحفاظ على الفن وحرية الإبداع فيه هى من أهم الأولويات للحفاظ على هوية أى أمة، ومن أجل الحفاظ على حرية الإبداع من أى تيار قد يعرضها للقمع سواء كان تيارا سياسيا أو دينيا قامت حشود من فنانى ومثقفى مصر بالمبادرة لعمل مسيرة حاشدة فى أول أيام انعقاد جلسات مجلس الشعب لإيصال صوتهم إلى المجلس ويحملون معهم توصيات جبهة الحفاظ على حرية الإبداع، التى من أهم أهدافها الحفاظ على حرية المبدعين فى التعبير عن رأيهم ورفضهم لسياسة تكميم الأفواه، خاصة مع سيطرة شبح التيارات الدينية على الساحة.. وفى السطور القادمة يتحدث معنا مجموعة من مثقفى ومبدعى مصر عن مخاوفهم هذه وآليتهم فى الدفاع عن فنهم أمام أى تيار دينى أو سياسى. فى البداية يقول الكاتب والسيناريست يسرى الجندى إن التيارات الدينية ليست واحدة، فمنها ما هو مرفوض مثل السلفيين والجهاديين لتشددهم فى التعامل مع الغير، فهم يرفضون أى حوار، وإما تكون معهم أو ضدهم، بل وصل الأمر أن طلب أحد قياداتهم أن نرحل من مصر، أما التيار الإخوانى فهو الوحيد الذى يقبل الحوار وليس انحيازاً لهم لأن تاريخهم معروف ويدركون ما حولهم سواء على المستوى المحلى أو الدولى، فهو كيان سياسى مدرب وهدفه معروف، وهو السلطة ولا نشك أن يحدث بيننا مشاكل، ولكن ليست كبيرة، فخلافنا سيكون على الدستور حيث كنا نتمنى أن نضعه أولا قبل أى شىء، وربما نتفق معهم فى بعض الأشياء لأن الفن فى المرحلة السابقة وصل إلى مرحلة من التسطح خاصة للكتاب والمؤلفين وهو من صناعة نظام مبارك، حيث كانت مهمته تهميش المبدعين الحقيقيين، وهذا هو مطلبهم، وإذا كان السلفيون يحتلون عدداً كبيراً من المقاعد فى البرلمان فإن الإخوان لهم الأغلبية وهذا شىء مطمئن لصناع الفن. ∎ الخطاب الفنى سيتغير فى المرحلة المقبلة وأكد المؤلف طارق عبدالجليل أن الإخوان المسلمين مؤسسة منتظمة تحت راية واحدة من خلال مرشدهم العام، أما السلفيون فهم جماعات مختلفة فيما بينهم من آراء، والدليل أن تجد سلفيا فى أسيوط يختلف فى ثقافته عن سلفى فى الإسكندرية وأحب أن أقول لهم قبل أن تتحدثوا عن الفن ما الذى ستفعلونه فى مشاكل الحياة اليومية التى يحتاجها المواطن المصرى ولماذا لم يسألهم أحد عن برنامجهم الذى سيقدمونه للشعب المصرى، فإذا استطاعوا أن يحلوا مشاكلنا فنحن جاهزون أن نتحد على دولة الفن لأن الخطاب الفنى سيحدث له تغيير فى المرحلة المقبلة، بمعنى أن العرى الذى يحدث الآن سينتهى تماما، فهناك فرق بين الفن والفحش ونحن مع الفن المبدع وليس الرخيص ونطمع أن نقدم فناً يشاهده السلفى قبل المواطن العادى ولا أحد يجبرنى على فعل شىء دون إرادتى لأننا فى عصر الديمقراطية الحقيقية وليست المزيفة. ∎ « السلفيون كلامهم ملون وليس لهم تجارب فى الفن» ويشير الكاتب محمد صفاء عامر إلى أنه لا أحد يستطيع أن يجبر الكاتب على شىء إلا لو كان هو يريد أن يبيع نفسه، لأن بيده المنع، فالتيار السلفى ظهر فجأة على الساحة السياسية، ونحن لا نعرفهم فماضيهم مجهول لكل الشعب، والغريب أن كلامهم ملون وليس لهم تجارب فى الفن ولن نحكم عليهم حتى تتضح الرؤى، أما الإخوان فيقال إن شبابهم يختلف عن الحرس القديم الذى كنا نعرفه، وهذا شىء يدعو للتفاؤل خاصة أنهم غير متشددين حسب ما سمعنا عنهم ونتمنى أن يكون بيننا حوار وليس صداماً ∎ « على الجميع أن يعلم أنه إن لم يعجبنا أى نظام سنسقطه» أما الكاتب والسيناريست مصطفى محرم فقال مادام الشعب اختار الإخوان المسلمين فعلينا أن نحترمهم فهم أصحاب خبرة فى المجال السياسى منذ القدم بداية من النظام الملكى وعبد الناصر والسادات وأخيرا مبارك وأرى أن قياداتهم فى أماكن مرموقة فى المجتمع. ونحن كصناع للفن لا نخاف منهم، مادامت قياداتهم متحضرة والدليل أن الشيخ حسن البنا أنشأ مسرحاً، ونحن نريد تقديم فن راق يتماشى مع مجتمعنا الشرقى، وعلى الجميع أن يعلم أنه إن لم يعجبنا أى نظام فلابد أن يسقط وأنا على المستوى الشخصى متفائل، أما التيار السلفى فأرى أنهم سيغيرون من فكرهم، وينظرون إلى الفن على أنه جزء من المجتمع لا غنى عنه بعيدا عن الإسفاف والعرى الذى كان يقدم فى المرحلة الماضية وهذا ما نتمناه. ∎ « المجتمع المصرى لا يحتاج وصاية أحد» وكذلك يقول المؤلف مجدى صابر إنه لابد أن نفرق بين التيارات الإسلامية، فهناك فرق بين السلفيين والإخوان وغيرهما من التيارات وأرى أن الإخوان المسلمين لهم رؤية متوافقة مع المجتمع فى حين يختلف معهم التيار السلفى المتشدد المعادى للعديد من الفنون مثل التمثيل والنحت والغناء والموسيقى، والمعروف أن المجتمع المصرى بطبيعته متدين ولا يحتاج وصاية من أحد، خاصة فى التدين ولا أعتقد أن يكون هناك صدام من أى تيار إسلامى إلا لو حاول السلفيون أن يفرضوا بعض آرائهم فى الفن ولهذا سيحدث الصدام ونحن فى عام « 2102» لا يستطيع أحد أن يفرض على المجتمع المصرى آراء تحرم أى نوع من الفنون ∎ «السينما سلاح فى يد المسلمين» ويضيف السينارست فداء الشندويلى: لا أنكر أن لدى أصدقاء من الإخوان المسلمين كانوا يمدوننى بمادة علمية لبعض المسلسلات الكوميدية كما أن الشيخ يوسف القرضاوى أيد السينما وقال إنها سلاح فى يد المسلمين يستخدمونها ضد اليهود والشىء الذى أذكره أنه لا يستطيع أن يحارب الفن لأنه الهواء الذى يغزو القمر الصناعى ولو تم منعه فى مصر سيشاهد فى أى دولة فى العالم ولا ننكر أن هناك تجاوزات من بعض المخطئين لصناع الفن وبدأت تنتقل إلى التليفزيون، وعلينا أن نطور من أنفسنا أولا حيث إننا فى مجتمع شرقى، كما لابد أن نعترف أن النظام السابق كان يستخدم بعض الرموز من الكتاب والمخرجين والكل يعرفهم ضد جماعة مثل الإخوان المسلمين حتى أنه رصد الملايين فى أحد المسلسلات لتشويه صورتهم، ومع ذلك فإن الإخوان اكتسحوا الانتخابات وهذا يؤكد أنه إعلام موجه ضد هذا الفصيل فنحن لسنا مع التطرف وأخيرا أقول للسلفيين إنكم لن تكونوا أوصياء علينا ولن يجبرنا أحد على كتابة شىء دون إرادتنا. قال الفنان الشاب أحمد عيد: إن فوز الإسلاميين لا يعنى على الإطلاق أى خوف لأنهم لو طبقوا صحيح الإسلام سنقدم فناً راقياً نظيفاً وهذا ما يحلم به كل فنان أصيل، أما إن فعلوا غير ذلك فإنهم سيكونون نقضوا العهد، أما رئيس الجمهورية القادم يجب أن يكون مدركا لكل ظروف مصر وظروف الشارع ويحقق مطالب الثورة وألا ينسى دماء الشهداء لأن تلك الثورة وتلك الدماء كانت سببا فى أن يصبح رئيسا للجمهورية. ∎ قيمة مصر أما النجم الكبير الفنان عزت العلايلى فقال إن على من يحكم مصر سواء أكان حكومة أو رئيسا للجمهورية أن يستوعب أنه يحكم مصر بما لها من قيمة وقامة فى المنطقة العربية بل فى العالم أجمع وأن يستوعب دروس الماضى جيداً بما فى ذلك أحداث ثورة 52 يناير الماضى وأنا شخصياً لا يهمنى من يحكم، إسلاميون أو سلفيون أو غير ذلك، كل ما يهمنى هو أداء من يحكم وأن يضع فى اعتباره قيمة مصر العظيمة وثقلها التاريخى وموقعها الجغرافى وريادتها فى كل المجالات بما فى ذلك الفن. وأرجو أن يتذكر الحكام القادمون سواء فى البرلمان أو رئاسة الجمهورية أن مصر لها وضعية دينية خاصة جدا عند المسلمين أو المسيحيين فهى الدولة التى ذكرت فى القرآن 7 مرات وهى الحصن الإسلامى الحصين حتى الآن وهى الدولة التى احتضنت السيدة العذراء والمسيح رضيعاً وطفلاً فى واديهما. كما أنها مقر الكنيسة الأرثوذكسية وزعيمة المسيحية فى أفريقيا، والتسامح والإخاء هو شعار الحياة فى مصر لذلك لابد أن تراعى تلك الأمور عند صياغة الدستور، ويجب أن يضعها رئيس الجمهورية فى حسبانه. ∎ الإنقاذ الاقتصادى وننتقل إلى الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد صاحبة المواقف الجادة والأدوار الهادفة والتى قالت إنها تريد نظاماً حاكماً مولوداً من رحم الثورة المصرية، نظاماً شارك فى صناعة الثورة وقيادتها وأن يكون ممثلاً حقيقياً لجميع ائتلافات الشعب وأطيافه، وأن تراعى فيه الكفاءة والقدرة على إيجاد حلول علمية وسريعة لإنجاز كل مشاكلنا خاصة المشاكل الاقتصادية لأن البلد على وشك الانهيار وكل ما يهمنى أن تكون جميع عناصر النظام سواء برلمانية أو حكومية متعاونة وتعمل فى اتجاه واحد. ∎ نظام تحت الاختبار السينارست الشهير تامر حبيب رغم تخوفه من سيطرة التيار الإسلامى على مجلس الشعب إلا أنه تخوف محدود ويغلب عليه التفاؤل ويقول: يجب ألا تكون نظرتنا سوداوية للموضوع، فالسلفيون والإخوان هما تياران سياسيان لهما مرحلة زمنية معينة سيكونان فيها تحت الاختبار. والشعب الآن نضج نضجاً ملحوظاً وبالتالى فإن أى أداء للحكومة القادمة تحت الاختبار، إن أحسنوا سيستمرون وإن أخفقوا سيرحلون. هل كان أحد يتصور أن الشعب قادر على القضاء على نظام استمر ثلاثين عاما، فهذا الشعب هو الذى سيحكم على النظام القادم ولن يحكمه هذا النظام. أما عن رئيس الجمهورية فأنا مشفق عليه جداً لأن مدة الرئاسة محدودة 4 سنوات والمطالب كثيرة جداً. ∎ انتخابات عبثية ويلتقط طرف الحوار الفنان صبرى فواز ويقول لابد أن نعرف أولا قيمة وحجم السينما والفن والثقافة كصناعات ثقيلة يتم تصدير كل إنتاجها للخارج مما يدفع عجلة الاقتصاد القومى للأمام ويزيد من رصيد ميزان المدفوعات من العملة الصعبة. لذلك أى عبث أو لعب فى هذه المنطقة هو لعب بالنار واقتصاديات الشعب ككل خاصة أننى أعتبر صناعة السينما والفن والثقافة هى صناعة متجددة وتستمر للأبد فهى ليست كالغاز والبترول ثروات تنضب مع الوقت ولا أملك إلا أن أحذر كل من ينوى أن يقترب من الفن وللحق أنا لم أشارك فى انتخابات دون وجود دستور وكيف تتم الانتخابات دون إطار شرعى وقانونى لها وأعتقد أن المجلس القادم عمره قصير جداً وستعود الانتخابات مرة أخرى بعد الدستور. والذى أرجوه من رئيس الجمهورية القادم والذى لا أعرفه حتى الآن أن يراعى مكانة مصر العالمية بين الدول الخارجية وأن تكون لمصر مكانة عالمية وخارجية. ∎ الطبقات الكادحة أما الفنان محمود الجندى فيرى أنه حتى الآن لم تتم الدراسة الكافية للبرامج الانتخابية للمرشحين سواء لمجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية وكان يجب على الإعلام أن يشرح برامج المرشحين حتى نعرف مواقفهم من الفن والثقافة والسياحة فهذه قطاعات كثيرة من المجتمع ومعظم هذه الطبقات كادحة. ∎ ما أسهل العودة لميدان التحرير وأخيراً يقول الفنان عمرو واكد المتواجد فى ميدان التحرير فى ذروة أحداث الثورة فى يناير وفبراير الماضيين كنت أتمنى أن يكون التغيير أسرع من هذا وأن يكون شاملاً كل عناصر النظام وكنت أتمنى أن أرى عناصر النظام الجديد ممن كانوا فى التحرير فى يناير وفبراير الماضيين. سواء رئيس الجمهورية أو أعضاء الحكومة ومجلس الشعب فهؤلاء هم الصناع الحقيقيون للثورة. وبشكل عام أنا لا أخشى على مصر من أى نظام قادم لأن الشعب الذى صنع الثورة لن يرضى ولن يسكت على أى تجاوز وما أسهل أن يعود لميدان التحرير. وهنا قال الفنانون كلمتهم فماذا سيقول الشعب؟