مع نهايات العام 1102 تلقيت مجموعة من الكتابات للأطفال ورسوماتها الجميلة وفكرت أن أبدأ سنة جديدة مختلفة بعرض هذه الأشعار المفرحة تحت عنوان «تعالوا نفرح» ثم كان ذلك اليوم الأحمر بلون النيران! لم أستطع القول تعالوا نفرح بين هذا الخراب الذي لحق بوطننا وتساءلت: كيف نفرح؟ ومع ذلك لم أرد إهمال هذه الفرحة بالكتب البسيطة المعبرة في حب الوطن والخوف عليه.. وقبل الكتابة عنها أحدثكم عن أشياء لنفهمها معا. ∎ حريق.. و.. حريق عندما نقرأ في تاريخ حريق القاهرة يناير 2591 قبل الثورة المصرية في يوليو 2591 نجد أن حريق القاهرة كان مقتصرا علي محلات للملابس وأخري للحلوي وبعض دور السينما وفندق «شبرد» القديم لم تستهدف تلك الحرائق المدبرة هيبة الدولة في إحراق أماكنها التاريخية وأماكن تراث عظيمة أو التهديد بإحراق «البرلمان» ومجلس الوزراء هل كانوا بالرغم مما فعلوه وطنيين يحبون الوطن؟ لابد أنهم كذلك كانوا يريدون فقط «هز» العرش الملكي في ذلك الزمن. ∎ أطفال.. و.. أطفال كان أطفال زمان قبل ثورة 32 يوليو 2591 وما بعدها ولسنين كثيرة تهتم بهم المدارس وتأخذهم إلي رحلات تثقيفية إلي أماكن تاريخية.. متاحف.. مساجد.. كنائس.. حتي للبرلمان ومنها الأماكن التي احترقت الآن ليتعرفوا علي تراث الوطن وتاريخه ليشاهدوا عظمة بلادنا ليسمعوا حكايات تربي فيهم الوطنية حب الوطن وتشتعل أحلامهم الجميلة بالعمل علي رفعته. لكن.. موجعة.. أن أطفال المدارس في الثمانينيات والتسعينيات وإلي القرن الواحد والعشرين أصبحت رحلاتهم المدرسية معظمها إن لم تكن كلها إلي مطاعم أمريكاني للسندويتشات وإلي الملاهي ليلعبوا.. جميل أن يذهبوا إلي أماكن ترفيهية لكن الأجمل أن يذهبوا إلي رحلات تثقيفية لزرع الوطنية في أرض الطفولة الخصبة علي أي حال فهم أطفال لديهم عائلات تطعمهم وآباء وأمهات يرعونهم في بيوت تحميهم ومهما كان تعليمهم فهم يستطيعون في مستقبل حياتهم أن يعرفوا قيمة تاريخ بلادهم. لكن الموجعة ماذا عن هؤلاء الأطفال المشردين الذين يطلق عليهم أطفال الشوارع وشاهدناهم بوجوههم المكدرة بالكراهية وهو يلقون بالحجارة علي حراس البلاد يلقون بالنار علي مباني التراث ليحرقوها انتقاما من سنين عاشوها بالإهمال والجوع والتشرد. لقد صدعوا رءوسنا من سنين قريبة ماضية عن مشاريع هائلة لإنقاذ هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا يتزايدون! وقد شاهدنا مشروعا أو اثنين لعدة عشرات منهم ولابد أنهم لم يجدوا الرعاية الكافية والتعليم فتسربوا مرة أخري إلي الشوارع فلماذا يتزايدون؟ ويرحبون بمن يدفع لهم أموالا من أعداء البلد ليخربوها، من الذي علمهم أن يرقصوا للنار التي يشعلونها شاهدنا بداية رقصة النار من شاب كان من هؤلاء الأطفال.. وكبر.. امتلأت شاشة التليفزيون بهؤلاء الأطفال والشباب المهمشين المطرودين من المجتمع بكيت من أفعالهم وبكيت عليهم فلم يعلمهم أحد معني الوطن ولم يشعروا به.. أعود للكتب الجميلة. ∎ إحنا والوطن صحاب! عنوان كتاب أشعار الشاعر «شوقي حجاب» يبدأ أشعاره الجميلة بعنوانه.. يشرح فيها حرف الصاد ومعني الصحاب منها: «الصحاب جنب الصحاب قوة ضد الاكتئاب غنوة نفتح بيها باب أو فريق والكل لاعب» ومنها «صاد يا صبر وماله حد.. والألف إنسان بجد أما حه حب الوطن. ب بلد.. بنت وولد.. مصر أغلي وطن» ومن أشعاره «يعني إيه كلمة وطن» ومنها: «يعني جسم وروح ورأس.. جسم حي وروح محبة.. رأس تفكر للي جي.. يعني بيت أمان.. وغيط حنان.. وفاس يبوس خد الغيطان يبقي لحياتنا ثمن.. يعني يد صانعة.. وعين بترعي.. وقلب ينبض.. شمس طالعة.. والقلوب تصبح سكن هو دا معني الوطن». ∎ من خوفي ع الدنيا الكاتبة المبدعة والشاعرة د. عزة بدر في كتابها في هذه المجموعة «عالم السيرك المدهش» كتبت علي لسان حيوانات السيرك وما فيها من كرامة ورفض لوضعهم الحالي في السيرك، وعن البلياتشو المعروف بالمهرج في السيرك كتبت له وعنه «علبة ألوان» ومنها: «أنا خدي علبة ألوان.. خد منها ولون الدنيا.. أنا البلياتشو إنسان.. فنان ما عملتش من خدي مداس.. وبأقول الحق علي رقبتي.. أنا خدي علبة ألوان بترسم وتلون وبتهدي الضحكة للأسيان وللشقيان حتي للواقف ضدي ومش عاجبه الألوان لما تسيح علي خدي من عرقي من خوفي ع الدنيا» عندما قرأت أشعار «عزة» للأطفال وحثهم علي حب البلد والخوف عليها وتحكي لهم عن حيوانات السيرك تذكرت كتابها «أم الدنيا» والأطفال الذين كتبت عنهم في زيارتها لحديقة الحيوان في سنين التسعينيات الماضية وكيف هربت الحيوانات من وجودهم وشقاوتهم المؤذية وصرخت فتاة في الصبية الذين يفرقعون البمب تحت الأرجل فينتشر الزلط كالشرر في كل اتجاه ولم يؤنبهم أحد وضرب صبي أخته ضربا مبرحا ولم يتكلم أحد ولم يكفه عنها إنسان.. وتكتب في آخر صورة زيارتها للحديقة: «تدافعت وسط الجموع التي لم تفرح ولم تمرح لأنها لم تعرف أبدا ما الفرح وما المرح حيث الضحك آخره بكاء اندفعت الدموع في عيني أربت علي أكتاف الصغار ألتقط الكرة في آخر لحظة وهي في اتجاهها نحوي أقاسمهم قطرة فرح ونهر بكاء وإنتو جنبي يا حبايبي تبقي فرحة مالية قلبي وألاقي الدنيا دمعة علي وش القمر أغنية سمعتها عزة من راديو مع زوار الحديقة». «عزة» العزيزة في كتابها الجديد للأطفال تبث فيهم روحا جديدة من المحبة والخوف علي الوطن. ∎ يا سعف القيامة وكتاب الشاعرة «أمل جمال» للأطفال مجموعة أشعار تدعو لحب الحياة وما فيها من جمال وحب للإنسانية وللوطن تحت عنوان «تيجي معايا وهي أشعار طفلة تدعو طفلا لكل المعاني الجميلة في الحياة وحب الوطن ومن أشعارها «يا سعف القيامة» ومنها «يا سعف القيامة يا خروف العيد يا كل طفل لابس طقم جديد افرحوا واتهنوا ويا بعض وغنوا كلنا شعب واحد في كنايس ومساجد وبرغم المكايد هنفوت في الحديد» ومن أشعارها «حادي بادي مين في الدنيا زي بلادي نيل ونخيل أرض خضرا وفلاحين بحر كبير علي رمل كتير من سينا لأسوان والوادي مين في الدنيا زي بلادي هرم.. معابد وشمع قايد وأيقونات وآذان ومساجد دي هي بلدي ودول ولادها وإيد في إيد حارسين أبوابها يا مصر قومي تيهي واتهادي مين في الدنيا زي بلادي» ∎ الرسم للأطفال وعن الأطفال تتألق هذه المجموعة لكتب الأطفال عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برسومات الفنان الرسام «محسن رفعت» الذي يتألق في هذا المجال أجمل أطفال بالعيون المندهشة ونظرة الخوف والترقب والأمل والفرحة والشقاوة المقبولة.. وعيون الأمهات بنظرات الحب والحنان وحتي عيون الحيوانات في عالم السيرك، محبة عطوفة ومرحبة بالأطفال. أمنيتي لهذا العام الجديد أن نقول كلنا «إحنا والوطن صحاب» نسير معه ونرعاه لنصل معه إلي بر الأمان.