بمجرد أن تصافح عيناك لوحات الفنانة التشكيلية الكبيرة زينب السجينى تتجسد أمامك كل مشاعر الأمومة والبراءة والعطاء والسلام والوداعة وأحياناً الحزن الشفيق من خلال بطلات أعمالها الدائمات سواء أكن أمهات وأطفالهن أو مجموعة من البنات اللاتى يلعبن بعرائسهن المميزة وخلال 53 لوحة تتزين بها جدران قاعة الزمالك للفن تدخل إلى عالم زينب السجينى حيث مشاعر المرأة المختلفة وطموحها الدائم للأمل، وتتألق المرأة والبنات بوجوههن المصرية ذات السمرة الداكنة والملابس البيضاء المطرزة والمسكونة بالأحداث والحواديت والشجن مع التأكيد على الموروث الشعبى فى أسلوب يميل للتلخيص والتبسيط. ورغم أن أعمال المعرض مرسومة أغلبها قبل ثورة 52 يناير إلا أن تأثر الفنانة زينب السجينى بالأحداث ورعبها من الفتنة الطائفية التى ما كانت تسمع عنها طيلة حياتها جعلها ترسم فتاة من فتياتها تجسد الوحدة الوطنية من خلال استخدامها لعنصرى الهلال مع الصليب، وهناك لوحة أخرى لبنت تحمل عروسة مرسوم عليها علم مصر وبقية الأعمال تدور فى سياق عالم زينب السجينى حيث البنت وعلاقتها بالعروسة الشعبية كما تظهر الطيور والعصافير والحيوانات الأليفة وكلها تشكل علاقة وئام وتخدم العمل الفنى وهناك مجموعة من البورتريهات لوجوه نساء وبنات ذات ملامح مميزة للفنانة زينب السجينى التى حافظت فى المعرض الجديد لها على ألوانها المعروفة كالبرتقالى والأخضر والبنى فى تفاعل فنى يشى بالبراءة والنقاء. وتقول لى الفنانة الكبيرة أن أغلب أعمال المعرض تم رسمها قبل ثورة 52 يناير التى أسعدتها كثيراً جداً ولكن تطور الأحداث إلى الأسوأ جعلها تتحرك فى دائرة من القلق والتوجس الطاردين لأى فكر إبداعى وجعلها تؤجل إقامة المعرض لأكثر من مرة لقناعتها بأن الأزمات والأحداث السيئة التى تمر بها البلاد والشهداء أيضاً يستحقون التعاطف معهم إلى أن استفزتها أحداث الفتنة الطائفية فرسمت لوحة البنت التى تجسد الوحدة الوطنية وجعل الآخرين يتحمسون لإقامة المعرض للتعبير عن استمرار الحياة والوقوف ضد التيارات المتطرفة التى تسير بمصر إلى مسالك خطيرة. وتضيف أنها حزينة من أوضاع البلد وترى أن ما يحدث الآن لا يعبر عن مصر التى تعرضها، مصر الجميلة، مصر الجمالية والأحياء الشعبية وطيبة الناس وتعاونهم وحبهم الجارف لبعضهم البعض، مصر التى لم تسمع فيها عن فتنة طائفية أبدا، فكلنا أهل وجيران وإخوان، مصر اللى تخليك تحلم، ورغم كل هذا إلا أنها تتمنى أن تنصلح الأمور وتكون هناك بارقة أمل حتى تعود لتعمل مرة أخرى، وهى تتابع كل ما يحدث فى البلد ولديها مؤشرات أمل بأن تنصلح الأمور من خلال الحكومة الجديدة وتوحيد الصفوف لتعود مصر من جديد. وتشير الفنانة زينب السجينى أن هذا المعرض كان طوق نجاة لها بعد ظروف صعبة قاسية، وقد شعرت بالفرح عندما وجدت فى الافتتاح كل أحبائها وأصحابها ومصريين حقيقيين يحبون مصر ويحبون الفن الذى أفنت عمرها فيه، وقد جاءوا ليشاهدوا نساءها وبيوتهن البسيطة وعيالهن منكوشى الشعر وكلهن بطلات أعمالها اللاتى عشن معها طوال سنوات عمرها حيث تظهر على وشوشهن - كما شخصيتها - مشاعرهن وحبهن لأولادهن وبناتهن وإن كانت هناك لمسة شجن على الوشوش فإنها تلازمها مثلما تلازم بطلاتها. وتؤكد أنها ترسم ما بداخلها وتحاول دائماً أن تعكس المشاعر الداخلية لبطلاتها على الأعمال وتلجأ للحلول والخروج عن المألوف أحياناً وتلك المحاولات ترتبط دائماً بالتقنيات مع الحفاظ على الأسلوب الذى أصبح واحداً من ملامح تجربتها الفنية رغم أنها لا تقصد ذلك فكل ما تفعله أنها ترسم ما يحلو لها وتنسى أنها مصورة محترفة ولذلك فهى ترفض أى كلام تنظيرى عن أعمالها كما ترفض أى تكريم أو ترشيحات عن جوائز أو خلافه لأن كل ما تسعى إليه هو أن تكون هى نفسها »الست البسيطة اللى بتعمل اللى فى دماغها بكل صدق ودون أى حسابات«. وتضيف أنها ليس لها طريقة فى الرسم وأنها تمسك بالاسكتش وترسم ما يعتمل بداخلها، وأحياناً ترسم أكثر من اسكتش إلى أن تتضح ملامح العمل أمامها فترسمه حتى ولو أحدثت فيه تغييرات كثيرة ويبقى المهم أن تظهر نساءها وعيالهن ومشاعرهن بداخلها ولن تتركهن أبداً وأحياناً تهرب من صدمة الواقع إلى الدنيا اللى جواها ومعها كم كبير من المشاعر والخبرات المختزنة بما فيها ألوانها التى تحبها وتحب تستعملها كالبرتقالى والأخضر والبنى.