لا أعرف من الذى أفتى لراغبى الاعتصامات بحقهم فى قطع الطريق ومنع الآخرين من المرور فيه. لقد انتشرت هذه البدعة على كل الطرق المحورية من الصعيد إلى الدلتا. بداية مما حدث فى قنا وسوهاج حتى وصلت الآن لطريق الصعيد الزراعى أمام مركز «أبو قرقاص» المنيا وأمام قرى المحمودية التابعة لمحافظة الدقهلية من الشمال إلى الجنوب والأسباب مختلفة لقطع الطرق الطوالى وشل حركة الانتقالات والسفر وتعطيل مصالح الجمهور والسبب الاحتجاج على نقص اسطوانات البوتاجاز! بينما كانت اعتصامات قنا احتجاجاً علي تعيين محافظ غير مرغوب فيه بالنسبة للمواطنين. ودخلت فى اعتصامات قطع الطريق تعطيل مرور القطارات على قضبان السكك الحديدية سواء بنزع بعض هذه القضبان أو بإلقاء الأحجار الثقيلة عليها! وكم عانى ركاب القطارات من تعطل مرور القطارات بالساعات. وأخيرا وصلت بدعة قطع الطرق إلى قلب مدينة القاهرة فى شارع القصر العينى وشارع مجلس الشعب وشارع محمد محمود بالقرب من مبنى وزارة الداخلية! وتعقدت خريطة المرور أكثر مما هى معقدة وتسبب الاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء لأن ينتقل المجلس بنشاطاته إلى مقر وزارة التخطيط وطالب الدكتور الجنزورى أن يفض المعتصمون اعتصامهم دون أن تتدخل قوات الأمن لتفريقهم، وبطبيعة الحال لا يريد الدكتور الجنزورى أن يبدأ عمله بافتعال خناقة مع المعتصمين باستخدام العصا الكهربائية أو القنابلالمسيلة للدموع فالعنف نتائجه معروفة للجانبين. ولكن استمرار بدعة قطع الطرق وتعطيل الحياة لابد لها من نهاية، والنهاية لن تأتى إلا بحل يحفظ للمعتصمين حقهم فى إعلان مطالبهم ويحفظ للسلطة حقها فى تسيير الأعمال دون أعطال أو مزايدات. ولن يتأتى هذا إلا من خلال جهاز أمين يتبع رئيس الوزراء شخصيا يتلقى كل المطالب المكتوبة ويجيب عنها بمنتهى الصدق والشفافية خلال فترة زمنية محددة لا تتجاوز الأسبوع وتعلن نتائج البحث فى التليفزيون والصحف ليعلم بها الجميع وبضمان رئيس الوزراء شخصيا. على أن يتم اختيار العاملين فى هذا الجهاز من العناصر الشابة والتى كان لها دور واضح فى تجمعات الشباب بميدان التحرير على أن يساعدهم بالخبرة قيادات إدارية وقيادات جامعية مشهود لها بالإنجاز السريع والفهم الكامل لمتطلبات المرحلة الحالية. بهذا نضمن للمعتصمين وصول مطالبهم إلى القيادات المسئولة دون اللجوء للنوم على الأرصفة فى عز البرد ودون الاضطرار للوقوف بالساعات فى عرض الطريق. وكذلك نضمن للجمهور سهولة الحركة فى الطرق والقطارات ونحفظ لهم كرامتهم بدلا من البهدلة بالساعات والأيام فى انتظار فتح الطريق أمامهم. من الذى يضمن حماية السياحة وتعويض خسائرها؟ كان هذا هو القلق الذى غمر الآلاف من العاملين فى قطاع السياحة وتجسد فى مظاهرتهم الحاشدة يوم الجمعة الماضية ارتفعت الأصوات تسأل عن المصير أمام مؤشرات ما يدبره السلفيون وعتاة الإسلام السياسى من فرض رؤيتهم المتشددة الخانقة للنشاط السياحى والذى يهدد هذه الصناعة الحيوية فى الاقتصاد المصرى والتى وصلت استثماراتها إلى 300 مليار جنيه وتضيف سنويا دخلا يصل إلى 13 مليار جنيه بالإضافة إلى سمعة مصر عالميا فى مجالات السياحة المختلفة. هل نهدم بأيدينا كل ما بنيناه فى السنوات السابقة؟ هل نشطب على اسم مصر فى أسواق السياحة العالمية والتى كان لها دور بارز فيها بشهادة الخبراء؟. كيف نضحى بكل هذا الجهد ونسدل الستائر السوداء على عظمة تاريخنا وجمال طبيعتنا الساحرة؟ أسئلة لا يقبلها العقل أو المنطق! ولكن فى زمننا هذا توارى أصحاب العقل والمنطق وتركوا الساحة لكارهى الحياة وكارهى الجمال وكارهى الفن والذوق. وزير السياحة منير فخرى عبدالنور خرج للمتظاهرين مؤكدا أن السياحة ستبقى راسخة وقال: سنحافظ على تراثنا الأثرى وعلى شخصيتنا المنفتحة على كل الحضارات. سعد الكتاتنى أمين عام حزب الحرية والعدالة «الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين» قال فى حوار مع جريدة الأهرام «إن السياحة مصدر رئيسى للدخل القومى ويعمل بها عدد ضخم من المصريين وبالتالى يجب أن تكون على رأس أولويات أى حزب جاد». نصدق من؟ هل نصدق التصريحات الوردية أم نصدق أصحاب ومحركى التكتلات السوداء والتحركات الطائشة؟ التجربة العملية أكدت لنا مرارا أن القوة هى التى تفرض شروطها قوة المثقفين والعلماء والفنانين قوة أصحاب الفكر المستنير وأصحاب الرؤية المستقبلية.. ولا يصح إلا الصحيح.