بشري خير .. بدأت حملات رجال الشرطة لتطهير العاصمة من الباعة الجائلين والبلطجية ، وفي توقيت متزامن قام الشباب صباح السبت بفتح المحاور المرورية لميدان التحرير بعد عشرين يوما ظل خلالها الميدان ومحاور المرور المؤدية منه وإليه تحت قبضة المعتصمين ، ورغم تقديري الكامل للحقوق المشروعة في الاحتجاج والاعتصام والرفض، إلا أن قطع الطرقات وتعطيل المصالح لايمكن أن يكون وسيلة مشروعة للاحتجاج، المطالب المشروعة تفقد الكثير من الدعم عندما تقترن بقطع طريق، سواء كان ميدان التحرير أو خط سكة حديد أو شارع صغير ، لابد ان ننتقل من ثقافة الاحتجاج بقطع الطرق، إلي الاعتصامات والاحتجاجات الحضارية، التي لا تضر الآخر، ومادام ميدان التحرير تحول إلي رمز وقبلة لكل من يريدون الاعتراض وتوصيل أصواتهم واحتجاجاتهم للمجتمع ، ماذا يمنع أن يتم تخصيص زاوية داخل الميدان، تسمح لكل من يريد الاعتصام أو الاحتجاج بالتواجد، دون أن يؤثر هذا علي حركة المرور ومصالح الناس، ثقافة التظاهر والاحتجاج من الظواهر التي اقتحمت الحياة اليومية للمصريين منذ يناير الماضي، وطبيعي أن يتخلل ممارسة هذا الحق في البداية كثير من التجاوزات والفهم الخاطئ للحرية، لكن من المستحيل استمرار الممارسات الخاطئة من قطع طرق للسكك الحديدية والشوارع الحيوية ممارسات انتشرت في كافة أنحاء مصر تحولت إلي قنبلة موقوتة تهدد سلامة المجتمع، لابد أن تتصدر المشهد الأصوات العاقلة ، وأن تساهم المدارس والجامعات ووسائل الإعلام ودور العبادة في تأكيد الحقوق المشروعة في الاحتجاج والتظاهر، داخل ضوابط قانونية وأخلاقية، في مقدمتها تجريم قطع الطرق مهما كانت الأسباب، قطع الطرق ليس سلوكا طبيعيا للثوار وأصحاب الحقوق، أتفهم صعوبة التوافق علي رأي وسط التيارات المتعددة وربما المصالح المتناقضة التي تظهر داخل ميدان التحرير، لكن عودة الاعتصام وإغلاق طرق ميدان التحرير لم تعد ورقة ضغط مناسبة ، وبدأت تتحول بالتدريج إلي وسيلة لعزلة التحرير ومطالبه عن قطاعات كبيرة من الناس، وأصبح من الضروري منع تكرار مشهد إغلاق ميدان التحرير علي أقلية معتصمين وسط أكثرية من الباعة الجائلين.