الثورة علي الاحتكار والفساد وقهر الناس ليس مكانه فقط ميدان التحرير أو بقية الميادين ولكن مكانه أيضا الجامعات والمعامل البحثية - فالأفكار والأبحاث الجديدة هي أقوي سلاح لمواجهة من أذلوا خلق الله باحتكارهم كل شيء حتي أسياخ الحديد.. أهم أداة من أدوات البناء من هنا كان التفكير في الحل البديل لصنف الحديد.. وهو الجريد.. نعم الجريد بدلا من الحديد في المباني. هذا هو البحث الجديد الذي توصل إليه الطالب أحمد أسامة الحديدي.. طالب بالفرقة الثالثة شعبة هندسة بالجامعة البريطانية الذي نتمني ألا يظهر له من يحتكره هو الآخر ليصبح «جريد عز» يقول: «كانت دائما مسألة ارتفاع أسعار الحديد تصيبني بالغيظ من هؤلاء المحتكرين لأن الناس عزفت عن البناء وانتشرت العشوائيات والبيوت غير الآمنة بسببهم». فكرت في حل بديل فوجدته في الجريد - جريد النخل - بعد أن أخضعته للبحث والاختبار من حيث قوة المتانة والتحمل الشديد مثل حديد التسليح في الخرسانة بدأت أنفذ به سقف غرفة في قنا مساحتها (3*3) أمتار. أشرف علي البحث أساتذتي بالكلية د. مصطفي ود. عمرو حلمي - والحمد لله من أول تجربة ثبت قوة ومتانة الجريد في السقف ولم يحدث أي شروخ أو ترييح في السقف «بلغة المهندسين» وهو ما شجعني بعدها.. لتصميم نموذج كامل لمنزل مساحته (6*8) متر من أول الحفر والقواعد الشريطية ثم الحوائط الحاملة ثم السقف الخرساني المسلح بجريد النخيل المعالج كيميائيا. وصممت أيضا نموذجاً لمحلات تجارية كل محل (3*4) متر وبعدها نقلت الفكرة لقرية «أبوالريشا» بمحافظة أسوان. عمره الافتراضي ويضيف أحمد: قبل استخدام الجريد يعالج كيميائيا وذلك لضمان عدم وصول المياه داخل الجريد أو خروجها منه والمحافظة علي المواصفات الكيميائية والفيزيائية للجريد وإعطائها الصلابة الكافية ليصل إلي عمر افتراضي أطول.. فقد ثبت أن أقل عمر افتراضي للجريد (40) سنة والفارق بينه وبين الحديد هو عشر سنوات فقط أما فوائد استخدام الجريد بدلا من الحديد فهي عديدة «اقتصادية، بيئية». من الناحية الاقتصادية فإن المباني الخرسانية بجريد النخيل تصل تكلفتها لربع تكلفتها بالحديد، يعني لو مبني هيتكلف (80 ألف جنيه) حديد تسليح - بالجريد يتكلف (450,18) ألف جنيه بالضبط. أما من الناحية البيئية.. فإن الوطن العربي به مائة مليون نخلة تنتج سنويا نتيجة عملية التقليم المفيدة للنخل حوالي (965) ألف طن من جريد النخيل الذي يلقي في الأرض دون استخدام ولدينا في مصر (15) مليون نخلة تنتج من 15 - 20 جريدة نتيجة التقليم وإذا لم تقلم تصاب بالإيدز وتدمر. ومن مزاياه أيضا أنه يقلل درجة الحرارة داخل المبني (12) درجة مئوية في الصيف. ويرفعها في الشتاء (12) درجة وأيضا إذا ما حدث زلزال أو كوارث فإن انهيار المبني الجريدي يكون تدريجياً وليس مثل الحديد انهيار مفاجئ لذلك في اليابان يستخدمون الجريد لتدعيم قواعد المباني ناطحات السحاب مع الحديد. ما هو أقصي ارتفاع للمبني الجريدي؟ يستطيع الجريد إنشاء مبني سكني يصل إلي خمسة أدوار حيث إنه يتحمل الأحمال والمباني التي تزيد علي 200 كيلو متر للمتر المسطح. في كل مكان هل هناك أماكن تصلح أكثر لهذه النوعية من المباني عن الأخري؟ - الجريد يمكن أن يستخدم في أي منطقة من إسكندرية لأسوان فهذه الفكرة تتواءم مع فكرة د. فاروق الباز في مشروع ممر التنمية لتعمير الصحراء فإذا حدث تلاقي بيننا إن شاء الله نستطيع أن نعمر كل صحاري مصر هو بتخضيرها وزراعتها وأنا ببنائها بهذه الفكرة. فاستخدام الجريد برؤية عملية واستثمارية سيزيد من حركة المعمار المتوقفة الآن نتيجة انخفاض حركة البناء وسوف يزيد تشغيل القوي العاملة وأصحاب الأعمال الحرة وسيدخل المستثمرين في إنشاء القري السياحية وبالتالي سنقضي علي البطالة. ما هي أجود أنواع النخيل وأين تتركز؟ - بعد التجارب العديدة مع الدكتور حامد الموصلي الأستاذ بجامعة عين شمس.. وجدت أن أجودها في صعيد مصر وتحديدا أسوان حيث الأطول والأقوي والأكثر صلابة. ما هي تكلفة إنشاء منزل شبابي بالجريد؟ - مبدئيا الألف جريدة ب250 جنيهاً فقط أضف إليها 250 أخري تكلفة معالجة كيميائية. يعني 500 جنيه كافية لبناء حجرة (6*6) بالقواعد الشريطية والسقف وتكلفة منزل (10*10) هي 12 ألف جنيه. ما هي الجهة التي اعتمدت مشروعك وما هي الجوئز التي حصلت عليها؟ - تقدمت للحصول علي البراءة من أكاديمية البحث العلمي وتم تسجيله وجار الحصول علي البراءة إن شاء الله.. وحصلت بنفس المشروع علي جائزة أوراسكوم عام 2011 وحصلت علي المركز الأول علي مستوي مصر في المهرجان الأول للعلوم عام 2011 تحت رعاية جامعة عين شمس وحصلت علي جائزة الإبداع في الهندسة المدنية من منظمة )EEEI( العالمية فرع مصر في يوم الهندسة المصري 2011 وتم تكريمي من قبل السيد وزير الاتصالات د. محمد سالم. وإن شاء الله سأتقدم لمؤتمر البناء الأفريقي هذا العام في الجامعة الأمريكية وهو معرض علي مستوي القارة الأفريقية واخترت مكاناً في نيروبي وسأمثل الجامعة في مؤتمر الفكر العربي في جائزة الإبداع المجتمعي هذا العام وسأتقدم للمسابقة العلماء الشباب لجمعية عصر العلم تحت رعاية الدكتور عصام شرف. بماذا تحلم في المستقبل؟ - أحلم بانتشار الفكرة علي مستوي الوطن العربي لرفع العبء عن كاهل المواطن محدود الدخل ولحمايته من الكوارث الطبيعية والزلازل.. التي لا تتحملها العشوائيات. وباحلم أن أتوصل لبديل آخر للأسمنت بأرخص الأسعار حتي تكتمل عوامل البناء كلها.