زياد العليمي للأسف الشديد قرأت هذا المقال البديع والذى يفيض بالصدق والتواضع متأخراً، وأحزننى ذلك جداً. المقال الرائع عنوانه «أرجوكم.. لا تفسدونا» وكتبه واحد من خيرة شباب مصر الذين صنعوا ثورتها المجيدة فى 25 يناير وهو الشاب النابه «زياد العليمى». إن صرخة «زياد العليمى» الصادقة الآن تذكرنى بصرخة الشاعر الفلسطينى الشاب - وقتها - «محمود درويش» عندما كتب مقاله الرائع فى أعقاب هزيمة يونيو 67 يقول فيه «انقذونا من هذا الحب القاسى» ويطالب فيه النقاد والأدباء أن يتناولوا أشعارهم وقصائدهم بمنظور شعرى وميزان أدبى لا سياسى، وأن تكون الحفاوة بالقصيدة لا بالموقف الثورى لمجرد أنهم ينتمون إلى فلسطين وتسميتهم «شعراء الأرض المحتلة». إن النقد الجاد والصادق هو الذى يحمى الموهوبين والثوار من شر النفاق والغرور وتحويلهم إلى أنصاف آلهة!! ومن هنا أهمية صرخة ونداء زياد العليمى ومقاله المنشور فى المصرى اليوم بتاريخ 24 يونيو 2011 كتب «زياد العليمى» يقول: «لم يعتد أى منا الظهور الإعلامى أو أن يكون شخصية معروفة، سوى البعض القليل منا الذى عرف وظهر إعلامياً بسبب تميزه فى مجال عمله أو مهنته، لم يهتم أحد بوجودنا سوى بالسؤال والفضول لمعرفة ما جرى بعد كل اعتقال لأى منا«!!» فجأة وبعد ظهور بعض منا وتصديهم لأدوار قيادية خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير، أصبح الكثير منا معروفين نسبياً، وعرفت كيف إننا كمصريين كيف نبنى الاستبداد ونحفزه، فجأة أصبحنا نرى من يوقفوننا فى شوارع المحروسة لالتقاط الصور «!!» وفجأة أصبحنا ضيوفاً فى معظم وسائل الإعلام، وفجأة أيضاً أصبحت «النخبتان» الحكومية والمعارضة السابقة تتسابقان لتبجيل وتأليه شباب الثورة «!!». والحقيقة إننى أرى أن الثورة المصرية ليست ثورة الشباب فهى ثورة كل شعب مصر، ربما يكون الشباب قد لعب فيها دور المبادر والقيادة الميدانية وهذا طبيعى، فكل الثورات فى العالم يلعب فيها الشباب هذا الدور بحكم القدرة البدنية على المواجهة والكر والفر، والحقيقة أيضاً أن هؤلاء الشباب الذين كان لهم دور قيادى خلال الثورة وأعرف معظمهم فى محافظات مصر المختلفة لم يكونوا أبداً نبتاً شيطانياً، كما أنهم لم يولدوا يوم 25 يناير زعماء بالفطرة، فمعظمهم كان له دور سياسى قبل الثورة، وتعلم المهارات السياسية والقيادية والتنظيمية المختلفة على إيدى المئات ممن سبقونا لدفع ثمن محبتهم لهذا الوطن. ويمضى «زياد العليمى» قائلاً بنفس صدقه النبيل والجميل قائلاً «لنا ولهم»: بعد رحيل مبارك ونجاح الجزء الأول من ثورة الشعب المصرى تعاملتم مع من يمتلك بعض المهارات القيادية والكاريزما التى جعلته يؤثر على أعداد كبيرة من الجماهير باعتباره زعيما مفدى «!!» ومن يمتلك بعض المهارات التنظيمية التى أصقلتها تجربة فى بناء مجموعات شبابية لم يؤمن بدورها أحد قبل ثورتكم باعتباره «قائداً بارعاً» ومن يمتلك القدرة على الإقناع والمحاججة أصقلها الاطلاع والاهتمام بالشأن العام باعتباره منظراً جهبذاً «!!».. وحين أسمع هذا الكلام أشعر بأنكم تتحدثون عن أشخاص غيرى وغير الكثيرين ممن تقصدونهم وأعرفهم جيداً، نعم يمتلك بعضنا هذه المهارات، وهو ما جعل معظمنا من الناجحين المعروفين فى مجال عملهم، إذا كنتم تحبوننا فعلاً لا تستبدلونا بالنخب القديمة وتصنعوا منا نخبة ثورة «!!» إذا كنتم ترون فينا أملاً حقيقياً يمكن أن يلعب يوماً ما دوراً فى بناء هذا البلد فلا تقنعونا بأن كل ما نفعله هو الصواب، وأننا الوحيدون الذين يقدرون الأمور بشكل صحيح، ووجهوا لنا النصح وانقلوا لنا ما أكسبته لكم الأيام من خبرات وواجهونا بعيوبنا وأخطائنا. ويختتم «زياد العليمى» ندائه قائلا «لنا ولهم»: وجهونا وصوبوا أخطاءنا بدلا من أن تقنعونا بأننا دائماً على صواب، انقلوا إلينا ما أكسبته لكم الأيام من خبرة بدلا من أن تظهروا لنا إننا علماء، أهلونا لأن نلعب يوما دوراً قيادياً فى بناء هذا البلد بدلاً من أن تقولوا لنا اذهبوا فأنتم زعماء، إجعلونا ذخيرة لهذا الوطن بدلاً من أن تجعلونا نخبة عليه، أرجوكم.. لا تفسدونا». انتهى مقال ونداء وصرخة «زياد العليمى» برجاء: أرجوكم لا تفسدونا وأضيف عليه: فما أكثر الحكام والزعماء الذين تم إفسادهم بنفس الطريقة!!