شيء لا يصدقه عقل ولكن هذا ما حدث بالفعل ولازال يحدث!! لقد مضت 44 سنة بالتمام والكمال علي هزيمة يونيو 1967، لقد تحررت سيناء وعادت إلينا كاملة غير منقوصة، ولاتزال «الجولان» السورية حتي كتابة هذه السطور محتلة وتدنسها قوات الاحتلال الإسرائيلي!! ياه ما أطول الزمن وما أصعبه علي الجولان وأهلها وناسها، فمواليد سنة الهزيمة أصبح عمرهم الآن 44 عاماً، ومن كانوا في العاشرة أصبح عمرهم 54 عاماً ومن كانوا في العشرين أصبح عمرهم 64 عاماً. ولازال هؤلاء وهؤلاء يحلمون بتحريرهم أرضهم وأشجارهم وهوائهم من ذل وهوان ذلك الاحتلال!! وطوال 44 عاماَ لم يسمع أهالي الجولان الأحباء سوي شعارات المقاومة والممانعة والمعاندة والمساندة، فقط شعارات لا أكثر ولا أقل!! شعارات ظل يرددها الرئيس الراحل «حافظ الأسد» طوال فترة حكمه التي زادت عن الثلاثين عاماً، وكان وقت هزيمة يونيو 67 يشغل منصب وزير الدفاع السوري، ثم رحل الرئيس الأسد وخلفه ابنه «بشار» في أغرب وأعجب عملية توريث للحكم شهدها العالم العربي في تاريخه، وظن بعض الرؤساء العرب أنها قابلة للتكرار ثانية!! وفي ظل حكم «الأسد» - الأب والابن - لم تطلق رصاصة واحدة حتي ولو بشكل رمزي وتمثيلي تومئ عن قرب تحرير الجولان!! طوال 44 سنة وفي ذكري السادس من أكتوبر - تشرين - ينطلق الإعلام السوري الأرضي والفضائي - المكتوب والمسموع - في وصلة طرب كاذبة تشيد بالمقاومة والممانعة والمساندة والهجوم والتهجم البذئ علي مصر التي تخلت عن المقاومة والممانعة والمساندة وتقود معسكر المسالمة والمهادنة!! 44 عاماً وأهل الجولان الأحباء ينتظرون التحرير ولا يأتي، يحلمون بالخلاص ولا يحدث، يأملون بغد بلا احتلال فلا يتحقق!! وفجأة مع مطلع يناير 2011 بدأ ربيع التحرر العربي من الفساد والطغيان والاستبداد والقهر والفقر، ومن تونس ومصر انطلقت شرارة التحرر والتحرير وكان من الطبيعي أن تصل إلي سوريا الحبيبة الجديرة بالحرية والعدالة والكرامة والتحرر. إن ما يحدث في سوريا الآن يثير الحزن والأسي والدهشة، ما كل هذا الرصاص الذي ينهمر علي شباب وشابات وأبناء وبنات سوريا وليس إلي العدو الإسرائيلي! كيف لم تطلق «رصاصة سورية واحدة باتجاه الجولان» وانطلقت ملايين الرصاصات تجاه صدور أبناء درعا وحماه واللاذقية وأدلب! كيف لم يستشهد جندي سوري واحد في سبيل تحرير الجولان ويموت ويستشهد كل هؤلاء في تصديهم لقوات الأمن السورية؟! ولايزال الرئيس بشار وإعلامه وأركان نظامه يرددون نفس الكلام المعاد والعبيط الذي يردده كل طاغية عن مؤامرات خارجية تستهدف المقاومة والممانعة والمساندة!! ألا يستوقف الانتباه ويثير الدهشة تصريحات قادة ومحللين داخل وخارج إسرائيل يؤكدون أن استقرار سوريا الأسد هو خير ضمان لاستقرار وأمن إسرائيل!! ألا يستوقف الانتباه موقف السيد «حسن نصر الله» وهو الذي ملأ الدنيا صراخاً وتحريضاً قبل سنوات للشعب المصري ضد نظامه!! ويقف - نصر الله - الآن ساكتاً ومسكوتاً داعماً لنظام أثبت أنه ضد شعبه! إن التفسير الوحيد لما يحدث في سوريا أنها بروفة نهائية يقوم بها «الأسد» لتحرير الجولان عن طريق قتل المدنيين!! ومن الطبيعي بعد ذلك أن يردد النظام السوري أن سوريا ليست تونس أو مصر؟!؟