لا ثورة بلا غناء.. ولا وطن بلا ذاكرة.. وهكذا تصبح ذاكرة الغناء هى العامل المشترك بين الثورة والوطن. من هذه المعادلة الفنية السياسية.. خرج علينا عرض «غنا للوطن».. الذى قدمه خالد جلال من خلال ثمانين شابًا وفتاة ليبعث أكثر من رسالة راقية فى الوقت ذاته. أولاً: أن الأغنية الوطنية المصرية هى أحد المكونات المهمة فى حياتنا الوطنية.. وهى تشكل نهرًا متدفقًا متجددًا ربما تحسدنا عليه أمم أخرى. لقد صار الغناء الوطنى بعلاماته المميزة وإنجازاته الرائعة.. زادًا ننهل منه.. ولا ينضب.. ولا يتوقف عن العطاء. ثانيًا: إن تواصل الأجيال عبر الفن الراقى الأصيل الذى لا يموت يثبت أن دعاوى مثل الأغنية الشبابية و«الأغنية العصرية» هى دعاوى كاذبة مضللة كان المطلوب منها فقط أن يتخلص النظام السابق من تراث المحبة للوطن.. ومن معانيه الخالدة الباقية.. حتى أن الشباب «العصرى» لم يجد سوى هذا التراث المجيد ليعبر به عن سعادته بأحدث ثورات مصر. ثالثًا: إن مصر مليئة بالمواهب الحقيقية.. وليست المواهب الزائفة التى فرضها علينا الإعلام المضلل بادعاء أن هذا عصر «الصورة الحلوة»، وليس عصر الصوت الجميل!! رابعًا: من خلال التجربة المتميزة لخالد جلال فى مركز الإبداع.. ومعه مجموعة العمل الرائعة «عماد الرشيد فى الموسيقى- ونجاة على فى الإلقاء»، نكتشف أن الشباب المصرى قادر على العمل الجماعى والإبداع الجماعى والتنازل طواعية عن الأنانية الفردية. يذوب الكل فى عمل ناجح ويشعر الكل بنشوة النجاح، ويتساوى الكل فى الإحساس بالإنجاز مهما زاد، أو تواضع، حجم مساهمته فى هذا النجاح. ولقد تلقينا- فى صباح الخير- هذه الرسائل.. وتلقينا ما هو أجمل وأعظم بحضورنا هذا العرض فى مركز الإبداع ثم باستقبالنا لهؤلاء الشباب فى «صباح الخير» لنبشر بهم كما بشرنا من قبل بكل عمالقة الفن والأدب المصرى منذ عام 1956 وحتى اليوم. إنها رسالتنا التى لم يكن من الممكن أن نقوم بها.. لولا تدفق نهر الإبداع المصرى قويًا متمكنًا.. متجاوزًا كل العوائق.. ومحلقًا فى سماء الإنسانية.