بين جمعة المحاكمة الشعبية للفساد، وبين يوم أحد «عيد العمال» اختلف ميدان التحرير هذا العام. 48 ساعة كست الميدان بطعم الثورة، بعدما اجتمع عمال مصر أو «الشغالين» للاحتفال بعيدهم.. علي أصداء حرمان المحاكمة الشعبية لرموز الفساد من حب مصر والمصريين. من التحرير هذا العام، طالب العمال بإسقاط قانون تجريم الإضرابات، وطالبوا بإلغاء قانون الطوارئ وهناك اتفق العمال مع المحاكمة الشعبية علي ضرورة الإسراع بعقوبة المتورطين في تعذيب الشعب، في الوقت الذي زادت فيه المحاكمة الشعبية بإصدار أصعب الأحكام: حرمان رموز الفساد من حب مصر. في التحرير، حدد العمال ب «اللافتات» ما يرونه ضرورة للتحول الديمقراطي، صحيح اجتماعهم كان أقوي من مجرد لافتات، إلا أن ما نادي به العمال في عيدهم ظهر علي لافتاتهم، كما ظهر علي وجوههم. طلبات العمال كانت مؤشرا علي مطالب مهمة في الطريق للتحول نحو الأفضل، في وقت تسابقت فيه القوي الوطنية لتنظيم نفسها في أحزاب ونقابات.. ومحليات، وهي المطالب التي كانت تصب في اتجاه ما ادعي به أحمد عمارة المحامي رئيس هيئة الادعاء بالحق المدني في المحاكمة الشعبية بالتحرير ضد الذين أفسدوا مصر لصالح ضحاياهم من المصريين في ميدان التحرير.. يوم جمعة «المحاكمة». - إعادة تشغيل المصانع تنفيذ الأحكام القضائية بحل مجالس إدارات الاتحاد الرسمي ونقاباته كان علي رأس مطالب الاحتفال بعيد العمال، إضافة إلي تشغيل جميع المصانع المتوقفة عن العمل التي هرب رجال أعمالها، ووضع حدين أدني وأقصي للأجور ربما يكفل حياة كريمة للعمال والموظفين. طالب العمال أيضا بتعديل قانون العمل 12 لسنة 2003 بما يضمن استقرار وأمان علاقات العمل والحد من سلطات صاحب العمل في شأن قرارات الفصل، مع عزل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات والهيئات التي بددت المال العام وسهلت الاستيلاء عليه. كما طالب العمال بإلغاء جميع القرارات التعسفية التي صدرت ضد القيادات العمالية التي تناهض الفساد وإيقاف سياسة الخصخصة التي بددت ثروات الشعب. أحد عمال «التحرير» قال: لم يكن ممكنا قبل 25 يناير أن نحتفل بعيد العمال في ميدان التحرير، كما نحتفل اليوم، دون أن نواجه جحافل الأمن المركزي وجلادي أمن الدولة الذين يحولون العيد إلي مأتم بعد مواجهات غير متكافئة بين بضع عشرات من العمال المسالمين وآلاف الجنود المسلحين بالبنادق والعصي وقنابل الغاز لكننا اليوم نزلنا إلي الميدان، وكلنا حماس وإصرار علي تحقيق مطالبنا. يضيف: أهم مطلب هو حل اتحاد النقابات العمالية وانتخابه بدلا من تعيينه لأن التعيين يدخل الفساد والرشوة في الاتحاد، كما نطالب بحد أدني للأجور 1200 جنيه حتي نستطيع تحمل مصاريف الحياة ومتطلباتها. وتساءل عبدالعال فريد: كيف يكون رئيس اتحاد النقابات العمالية متورطا في موقعة الجمل؟ كما أنه متهم في الكثير من قضايا الرشوة والفساد؟! بينما يري علي حامد عبدالعال - أن البطالة قنبلة موقوتة تهدد عمال مصر وشبابها وإذا انفجرت ستصبح مصر في كارثة. - محاكمة المهربين في جمعة «المحاكمة الشعبية» انقسم التحرير لعدة مجموعات.. مطالبهم مختلفة لكن هدفها واحد.. تطهير البلد وإصلاحه. الجزء الأكبر تجمهر للمطالبة باستمرار محاكمة مبارك، ورؤوس الفساد الذين خربوا البلد ونهبوا ثرواتها. ووقف طفل صغير لم يتجاوز العاشرة وهو يحمل لافتة كتب عليها: جمال وعز وصفوت مثلث الفساد. سألناه: هل تعرف أحمد عز؟ فرد في براءة: آه ده اللي كان بيسرق حديد مصر فيما انشغل الآخرون في الهتاف ضد رجال أعمال مازالوا هاربين وينعمون بثرواتهم التي جنوها من عرق الشعب المصري، وقد رفعوا شعار: يا رجال الأعمال.. بقيتوا عبيد للمال. ياسر عبدالرحيم -موظف - كان يهتف بحماس ضد الهاربين قال: لقد تباطأ المسئولون حتي أعطوا فرصة لرجال الأعمال أن يهربوا بأموالنا، لذلك علي المسئولين أن يعملوا بخط متواز للقبض علي هؤلاء اللصوص الهاربين. في «جمعة المحاكمة» طالبت مجموعة من المتظاهرين بسرعة الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوهم قبل الثورة وبعدها، وكانت تهتف بذلك فتاة في العقد الثاني من عمرها اسمها أميرة، قالت: هؤلاء المعتقلون السياسيون تم القبض عليهم واعتقالهم لأنهم كانوا يدافعون عن البلد في ظل الفساد الذي طغي عليه، كما أنهم أول من دعوا للقيام بثورة ضد الظلم والفساد. - لغز الحصانة مجموعة أخري تطالب بمجلس شعب «بدون حصانة» في التحرير يوم «جمعة المحاكمة» قال «الأمير نورالدين»: كل من يركض وراء هذا المنصب طامعا في الحصانة.. سيولي ظهره إذا أصبح هذا المنصب خدميا فقط ولا استفادة منه.. وبذلك نتأكد أن كل من يرشح نفسه في الانتخابات لا غرض له إلا مصلحة الوطن والشعب. وأضاف «محمد السني» أنه يجب علي عضو مجلس الشعب أن يكون قدوة، فلم لا يدفع مثلا غرامة لأخطائه ومخالفاته.. بل علي العكس يجب أن يكون أكثر الناس حرصا علي تطبيق القانون حتي يفعل الناس مثله. - وكان الشعب القاضي في «جمعة المحاكمة»، أصدر الشعب حكمه: «حكمت المحكمة علي كل رءوس الفساد بحرمانهم من حب مصر والمصريين» أحمد عمارة المحامي رئيس هيئة الادعاء بالحق المدني عن أسر الشهداء والمصابين في المحكمة الشعبية قال: بعد تباطؤ قرارات المسئولين تجاه الفاسدين ومحاكمتهم.. قرر عدد منا برئاسة المستشار محمود الخضيري عقد محاكمة شعبية لمحاسبة الفاسدين أمام الناس، وطالبنا بالحكم بمبلغ رمزي علي سبيل التعويض المؤقت جبرا للأضرار المادية والمعنوية التي أصابت أسر الشهداء والمصابين والمتضررين من كل من حسني مبارك، وحبيب العادلي، ويوسف والي، ويوسف بطرس غالي، وعاطف عبيد وأمين أباظة. يضيف: طالبنا أيضا بإعدام رموز الفساد ورءوسه من النظام السابق وذلك ليس تشفيا ولا انتقاما لأن المسلم لا يتشفي، لكن لتحقيق الردع العام، وليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم. وأنهي عمارة كلامه: جاءتنا طلبات من بعض المسئولين لتعليق المحاكمة لحين تقديم الفاسدين للمحاكمة، وهو ما أثار عجبي، فجميعنا يعلم أن الأجهزة الرقابية طوال السنوات السابقة كانت تفتح فقط ملفات الفاسدين الصغار.