أجواء وكتب وندوات كرنفالية وورش فنية للأطفال هي أبرز ملامح معرض الكتاب الذي افتتح بالجامعة الأمريكية في التحرير علي مدار 4 أيام ويذكرنا بسور الأزبكية، وحظي بتشجيع وافتتاح الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة، الذي قال ل « صباح الخير »: هذا المعرض ليس بديلا عن معرض الكتاب الذي سيقام في يناير القادم. سألناه: هل معرض الجامعة الأمريكية انطلاقة لسلسلة من المعارض التي ستقام في الجامعات فأجاب : « أتمني ذلك والمجلس الأعلي للثقافة قام بهذه التجربة كمعارض متنقلة بين الجامعات المصرية ومراقبة نجاح كل منها وتقييمها، ونحن في الفصل الدراسي الأول أقمنا معارض في 12 جامعة بالقاهرة والإسكندرية وطنطا والصعيد. • «جولة» تجولنا بين العارضين من دور النشر والمكتبات وقال لنا محمد هاشم مدير دار ميريت للنشر: هذه هي أول مرة يتم توجيه الدعوة لنا من الجامعة الأمريكية وأنا سعيد جدا بهذه الفكرة، لأننا في أمس الحاجة لتشجيع الأنشطة المرتبطة بعرض الكتب للوصول لكل الناس ولكن الأمر الذي أتحفظ عليه هو الإيجار الغالي للعرض فمن المفترض تشجيع الثقافة وتقديم التسهيلات لدور النشر لتستطيع تقديم الكتب بأسعار مخفضة. أما محمد مصطفي وطارق صبري وخالد جابر من مكتبة الديوان فيعرضون العديد من إصدارات الكتب والعديد من التخفيضات عليها، ويقول مصطفي : «المعرض فرصة رائعة للدعاية للكتب، خاصة في هذه الفترة من الركود وطريقة سريعة لنشر الثقافة، فنحن نذهب للشباب في الجامعة بدلا من أن يأتوا إلينا وهذا نشاط ثقافي رائع، خاصة أن هناك أيضا ندوات وورش عمل . • الاتجاه للكتب السياسية ويري شريف الليثي مدير التسويق بدار ابن النفيس : «تجربة عرض الإصدارات من الكتب مفيدة جدا، فكل هذا الثراء الفكري في مكان واحد تجتمع فيه كل دور النشر والمكتبات فرصة للتعرف علي أحدث الإصدارات، خاصة في الوقت الذي نعيشه الآن من حالة زخم ثقافي معرفي سياسي مرتبط بجو الثورة، فقد زاد جدا شراء الكتب السياسية، التي تتكلم عن الدساتير كأن الشعب كله أصبح يريد الثقافة السياسية ويطلبها فهي أكثر الكتب مبيعا الآن. وفي قسم آخر تعرض مكتبة الأنجلو أيضا العديد من الكتب ويقول مينا إدوارد: سوق الكتب الآن ليست كالسابق وهناك فترة ركود تحتاج لمثل هذه المعارض لتنشيطها، ولكني أري احتياجا أكبر للدعاية لمثل هذا الحدث الثقافي ليزيد الإقبال عليه. • «مشغولات فنية» وتحت اسم « خان مصر طولون » باللغة الإنجليزية كان هناك العديد من المشغولات اليدوية من إكسسوارات وأدوات منزلية مزخرفة تعرضها سيدة فرنسية تدعي «ماريس» MARYSE سألناها عن معروضاتها اليدوية فقالت : لي محل بجوار جامع ابن طولون ومهتمة بالأعمال اليدوية ذات الطابع المصري، وهذا المعرض فرصة كبيرة لعرض هذه الأعمال والتفاعل مع الناس. • طلبة تساند اللاجئين أما «STAER » فهم طلبة من الجامعة الأمريكية تساعد الطلبة اللاجئين لتعلم الكمبيوتر واللغات والمهارات اليدوية ويتم عرض منتجات هذه الرابطة من الطلبة.. فاطمة سليمان هي مديرة المنتجات الفنية تقول : « كل هذه المنتجات من صنعنا وصنع الطلبة اللاجئين وفكرة عرضها في الجامعة هي عادة متكررة». • روح التحرير في المكان وقد اصطف العديد من المهتمين بالمعرض ليشاهدوا المشغولات الفنية وآخرون لتصفح الكتب ومعرفة الجديد وآخرون تسابقوا لشراء كتب حديثة لكتاب شباب ومن هؤلاء الفنان فريد فاضل الذي قال لنا: «أفضل ما في هذا الحدث هو التوقيت بعد الثورة والمكان في قلب الثورة لذا فروح الثورة تسيطر علي المكان كذلك كل هذه الخضرة والجمال تشجع الإنسان علي المجيء، وكذلك أجد أن هذا المعرض فرصة لتخطي الإحباط الذي أصاب العديد من المثقفين والناشرين والكتاب بعد إلغاء الحدث الثقافي المتمثل في معرض الكتاب فجاء كحدث تعويضي».. وأري أن الثقافة في الفترة القادمة يجب أن تتواصل أكثر مع الشباب وطلبة الجامعات. • شباب يفرح وهناك مجموعة كبيرة من البنات والشباب جاءوا للجامعة الأمريكية لمطالعة أحدث الإصدارات منهم هالة محمد - طالبة بكلية الفنون الجميلة التي تقول : عندما علمت بهذا المعرض تحمست للمجئ خاصة أننا جميعا في حاجة الآن لتثقيف سياسي، فالسياسة أصبحت جزءا من حياتنا وهذا المعرض فرصة لرؤية أكبر تشكيلة منها خاصة بعد إلغاء معرض الكتاب وأتمني أن يكون في كل الجامعات مثل هذا المعرض». أما ليلي مجدي بكلية الآثار فتقول : « جئت مع صديقاتي عندما علمت بهذا المعرض علي الإنترنت وتحمست جدا لأني بالفعل لي فترة طويلة لم أشتر كتابا، وهنا فرصة كبيرة للاختيار بين العديد من الكتب وبأسعار مخفضة ويقول عبد الله حسين طالب بكلية الطب : المعرض فرصة كبيرة لشراء الكتب خاصة أن كليتي لا تدع وقتا لمطالعة الكتب ويجب أن أقتنص أي فرصة لإخراج نفسي من جو المذاكرة وكنت أبحث عن نوعية من الكتب السياسية ووجدتها هنا في المعرض. • رسم وتلوين وقراءة قصص الأطفال كانت لهم مساحة كبيرة في هذا الكرنفال الثقافي فورش عمل تلوين ورسم وقراءة للقصص في المكتبة حازت إعجاب الأطفال وأقبلوا عليها. من بين هؤلاء الأطفال لوجي 7 سنوات كانت مستغرقة في الرسم يقول والدها الأستاذ تامر بريكه ووالدتها السيدة هويدا سيد: «علمنا عن الورش الفنية المخصصة للأطفال عن طريق الإنترنت وفرحت لوجي بالاشتراك فيها كما أنها فرصة للتعرف علي أحدث الكتب في هذا العرض الكبير. لمي 8 سنوات أيضا من بين الأطفال الذين شغلتهم الألوان بالحديث معنا تقول أختها الكبري: «لمي تحب الرسم والتلوين وعندما جئنا اليوم للمعرض اندفعت للرسم والتلوين مع صديقتها لوجي وهي أول مرة أحضر فيها ورشا بالجامعة الأمريكية ولكنها بالفعل أمتعت الصغار والكبار..». ومجموعة أخري من الأطفال منة 7 سنوات وفاطمة 9 سنوات وفوزية 7 سنوات التففن حول لوحاتهن ممسكات بالألوان، تقول السيدة سونيا والدة منة: «علمت من صديقة لي عن معرض الكتاب وأنه يحتوي علي ورشة رسم وتلوين وكذلك قراءة قصص للأطفال فسارعت بالمجيء لأن الألوان والرسم أكثر ما يشد منة وكنت أتمني مزيدا من الأنشطة والأشغال الفنية للأطفال. السيدة نهلة والدة فاطمة وفوزية تقول: «البنات سعداء جدا بالرسم والتلوين والجو رائع ومناسب لهذه الأنشطة الفنية وهي أنشطة محببة للأطفال وبلا مقابل. • الثورة المصرية والأدباء وتحت عنوان « أثر الثورة المصرية علي حرية التعبير » أقيمت علي هامش المعرض مائدة مستديرة شارك فيها العديد من الكتاب والأدباء لطرح آرائهم بعد الثورة والحياة الثقافية كما يجب أن تكون وأهم مخاطر هذه المرحلة، ومن بين الحاضرين الدكتورة هدي وصفي والكاتب الكبير جلال أمين والكاتبة سامية محرز والكاتبة سلوي بكر والكاتبة هالة البدري ورئيس اتحاد الكتاب العرب محمد سلماوي والكاتب حمدي أبو هليل وتكلم الكاتب محمد توفيق عما بعد الثورة قائلا: الشعب علم أن له حقوقا ولن يتسامح فيها ولن يقبل هذا الشكل من التجاوزات وفي رأيي أن النشاط الثقافي بعد 25 يناير سيكون نابعا من الناس أنفسهم في القري والمحافظات وسيكون هو المستفيد الأول منها، وستحدث ثورة ثقافية حقيقية. • لم يكن كل ما فات سيئا أما محمد هاشم مدير دار ميريت للنشر فقد أشار إلي أن مستقبل الثقافة مسئولية النخبة لما لها من كلمة مسموعة وأنه جار الآن لقاءات موسعة مع وزير الثقافة والمثقفين للبحث عن الهوية المصرية وتعميقها وكيفية التعامل مع الحرية. أما الكاتب جلال أمين فقد أشار إلي أنه لا يوجد ما يسمي بالتخطيط الثقافي، فالتخطيط في الاقتصاد والسياسة كما أشار إلي أن التوتر الطائفي سببه السياسات الاقتصادية السيئة والإعلام المتدني الذي منع أصحاب العقول المستنيرة من الظهور وأتاح فرصة لمن هم أقل رؤية ومستوي. • فترة الصراخ أما الكاتبة هالة البدري فقد وصفت ما نعيشه في الأوساط الاجتماعية والثقافية بحالة الصراخ، فالكل يتحدث كمن كتم فمه وعندما رفع عن فمه هذا الكبت بدأ بالصراخ فالكلام عن الخوف علي الثورة والخوف من المركزية وهي تري أن الكتاب عليهم الهدوء والتأمل قبل الكتابة وعدم التسرع في كتابة الأدب. • لا يمكن شطب تاريخ المثقفين أما محمد سلماوي - رئيس اتحاد الكتاب - فقدأكد علي دور الثقافة والمثقفين المصريين قائلا : « من الإجحاف وضع دور الثقافة المصري موضع الدور الهامشي، فاتحاد الكتاب أول من أنزل البيان يوم 26 يناير بتأييد الثورة والثوار، والمسألة لم تكن مجرد بعد نظر، وإنما لأن هؤلاء الكتاب هم من رفعوا شعارات علي مدي سنوات طويلة مطالبين بالكرامة والديمقراطية، فالثقافة دورها ريادي لا يتغير بتغير العصور، فالردة في الحياة الثقافية من صنع النظام والثقافة أحد أسلحة مصر الثقيلة، فعبد الناصر لم يحكم بالسلاح أو الاقتصاد وإنما بالثقافة المصرية فهي الثورة الناعمة». والتحدي الكبير الذي يواجهنا ككتاب كسر الحاجز بين الصفوة والشعب . • جيل الثورة ليس بلا أساتذة أما الدكتورة هدي وصفي فقالت إنه ليس صحيحا أن جيل الثورة بلا أساتذة أو بلا آباء فهذا « عيب » في حق مصر ويسيء لهذا الجيل فكل مرحلة تغذي ما بعدها. وأهم شيء الآن هو أن نكون مدركين أن هناك خطرا ونستعد لهذا التيار المقاوم للنجاح ويعلم الجميع أننا دولة قانون وليس « قعدة تصالح » لأن دولة القانون هي أكبر دليل علي نجاح الثورة والوصول لبر الأمان.