مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بول أوستر.. الكتابة طنين فى الرأس
نشر في صباح الخير يوم 22 - 05 - 2024

فى آخر أيام أبريل 2024، توفى الروائى العالمى بول أوستر، مؤلف ثلاثية نيويورك، الطاغوت وكتاب الأوهام، عن عمر يناهز 77 عامًا.
كتب بول أوستر مؤلفاته، فى الغالب، باستخدام قلم حبر، لكن فى بعض الأحيان باستخدام قلم رصاص- خاصة للتصحيحات. «لو كان بإمكانى الكتابة مباشرة على الآلة الكاتبة أو الكمبيوتر، لفعلت ذلك. لكن لوحات المفاتيح كانت تخيفنى دائمًا!». لم يتمكن أبدًا من التفكير بوضوح بأصابعه فى هذا الوضع.

القلم هو أداة أكثر بدائية وأقرب للروح. تشعر أن الكلمات تخرج من جسدك ثم تقوم بحفر الكلمات فى الصفحة. لقد كانت الكتابة دائمًا تتمتع بتلك الجودة الملموسة بالنسبة له. إنها تجربة جسدية. وكان يقول: «فقط الشخص الذى يشعر حقًا بأنه مجبر على الكتابة هو الذى سيغلق على نفسه فى غرفة كل يوم.. عندما أفكر فى البدائل– كم يمكن أن تكون الحياة جميلة، كم هى مثيرة للاهتمام– أعتقد أنها طريقة مجنونة لتعيش حياتك.. أنا فقط أشعر بمزيد من الحياة فى الكتابة».. وينصح أوستر تلميذه المؤلف الشاب: لن تتمكن أبداً من تحقيق ما تأمل تحقيقه. يمكنك أن تقترب أحيانًا وقد يقدّر الآخرون عملك، لكن أنت أيها المؤلف، ستشعر دائمًا أنك فشلت. أنت تعلم أنك بذلت قصارى جهدك، لكن أفضل ما لديك ليس جيدًا بما فيه الكفاية. ربما لهذا السبب تستمر فى الكتابة. لذلك يمكنك أن تفشل بشكل أفضل قليلاً فى المرة القادمة.



بلد الأشياء الأخيرة
ولد بول أوستر فى نيو آرك، نيوجيرسى، فى الثالث من فبراير عام 1947. كان والده مالكًا للعقار، وكان يمتلك مبانى مع إخوته فى جيرسى سيتى. الأسرة من الطبقة المتوسطة ولم يكن زواج الوالدين سعيدًا. نشأ أوستر فى ضواحى نيوارك فى جنوب أورانج ومابلوود. قرأ الكتب بحماس وطور اهتمامًا بالكتابة بشكل لافت. ثم التحق بالمدرسة الثانوية فى مابلوود، على بعد حوالى عشرين ميلاً جنوب غرب مدينة نيويورك. بعد طلاق والديه، خلال سنته الأخيرة فى المدرسة الثانوية، انتقلت والدته مع أخته وهو إلى شقة فى قسم ويكواهيك فى نيوارك. وبدلاً من حضور حفل تخرجه من المدرسة الثانوية، توجه أوستر إلى أوروبا. زار إيطاليا وإسبانيا وباريس وبطبيعة الحال دبلن جيمس جويس أثناء سفره عمل على رواية.
عاد إلى الولايات المتحدة فى الوقت المناسب ليبدأ دراسته فى جامعة كولومبيا فى الخريف. فى أوائل عام 1966 بدأ علاقته مع ليديا ديفيس وهى كاتبة أيضًا، كانت تدرس فى ذلك الوقت فى كلية بارنارد.
فى عام 1967، غادر أوستر الولايات المتحدة إلى باريس، وأصيب بخيبة أمل بسبب الوجود الممل داخل البرنامج العقيم وترك الكلية. لكنه أعيد إلى جامعة كولومبيا عندما عاد إلى نيويورك. تزامنت سنوات أوستر الجامعية فى كولومبيا مع فترة من الاضطرابات الاجتماعية، لكنه لم يشارك بنشاط فى السياسة الطلابية. لقد دعم نفسه بمجموعة متنوعة من الوظائف المستقلة وكتب مقالات لمجلات الجامعة.
فى يونيو من عام 1969 حصل أوستر على درجة البكالوريوس. فى اللغة الإنجليزية والأدب المقارن. وفى العام التالى حصل على درجة الماجستير، وتولى وظيفة فى مكتب الإحصاء. خلال هذه الفترة بدأ أيضًا العمل على روايتى «فى بلد الأشياء الأخيرة» و«قصر القمر»، والأخيرة لم يكملها إلا بعد سنوات عديدة.
فى فبراير 1971 غادر أوستر مرة أخرى إلى باريس. لقد دعم نفسه هناك بمجموعة متنوعة من الوظائف الغريبة والمهام الأدبية البسيطة. كما عمل فى العديد من المشاريع السينمائية، أحدها فى المكسيك. وفى عام 1973 انتقل مع ديفيس إلى بروفانس، حيث أصبحا قائمين على مزرعة. بعد عودته إلى الولايات المتحدة عام 1974، كتب أوستر قصائد ومقالات وروايات وسيناريوهات وترجمات. وأخرج أول فيلم سينمائى له عام 1995. وعاش فى ضاحية بروكلين، بمدينة نيويورك مع زوجته وطفليه.



فى روايته (بلد الأشياء الأخيرة) تخيل أوستر مدينة أمريكية فى المستقبل القريب، يسكنها بالكامل تقريبًا سكان الشوارع، ويضعون أياديهم على المبانى المدمرة، ويجمعون القمامة بحثًا عن لقمة العيش. تقدم نوادى الانتحار طرقًا مثيرة للموت مقابل رسوم، لكن الأغنياء فروا بمجوهراتهم، وأولئك الذين بقوا يعيشون على ما ستمنحهم إياه مراكز التجارة النقدية القليلة من أجل محصول اليوم. تركز هذه الحكاية الآسرة الشبيهة بالحلم حول مجتمع مميز، يعيش على محنة امرأة شابة، آنا بلوم. لدى «آنا» ذكريات عن حياة ألطف، لكنها تأتى إلى المدينة فى «سفينة خيرية» للبحث عن شقيقها المفقود.
تجد فى البداية مأوى مع رجل مجنون وزوجته، وبعد ذلك تعيش تجربة قصيرة مع الكاتب صموئيل فار. ويعيشان معًا فى روعة المكتبة العامة الرخامية المتدهورة. يتم إحياء الوعد فى النهاية عندما يفكر الناجون فى السير على الطريق كسحرة- وهو عمل يشير إلى أن الفن والوهم يمكن أن يكونا بمثابة طوق نجاة. أوستر، المصمم البارع، يخلق نغمة تجمع ببراعة بين الغربة والغرابة. يعزز الرؤية المخيفة من خلال صوت الراوى الذى يتعلم كل شىء من يوميات آنا.
موسيقى القصة
بشكل عام، لم يكن يريد أن يفعل أشياء يفعلها الجميع. يشعر بالكسل وعدم التحفيز. يحدث ذلك فقط عندما تستحوذ عليه فكرة ولا يستطيع التخلص منها، عندما يحاول عدم التفكير فيها، ومع ذلك فهى تنصب له كمينًا طوال الوقت.. هكذا يبدأ الأمر.
الكتاب، فى الوقت نفسه، له أيضًا علاقة بما أسماه طنينًا فى الرأس. إنها نوع معين من الموسيقى التى بدأ يسمعها. إنها موسيقى اللغة، ولكنها أيضًا موسيقى القصة. «يجب أن أعيش مع تلك الموسيقى لبعض الوقت قبل أن أتمكَّن من وضع أى كلمات على الصفحة. أعتقد أن السبب فى ذلك هو أننى يجب أن أجعل جسدى يعتاد على موسيقى كتابة هذا الكتاب بالذات. إنه حقا شعور غامض».
سألوه عن «ما بعد الحداثة» فرد: مصطلح لا أفهمه.. هناك غطرسة فى كل هذه التصنيفات، ثقة بالنفس أجدها مقيتة، إن لم تكن غير أمينة. كان يحاول أن يكون متواضعًا فى مواجهة حيرته، ولا يريد أن يرفع شكوكه إلى مكانة لا يستحقها. حقا متعثر. حقا فى الظلام. لا يعرف الطريق. وإذا كان هذا- ما يسميه الصدق- يرقى إلى ما بعد الحداثة، فلا بأس، ولكن ليس الأمر كما لو كان أرغب فى تأليف كتاب يبدو مثل جون بارث أو روبرت كوفر.
كانت تشغله مسألة الهوية.. ومن أين تأتى الأفكار.. كان يعتقد أنها تأتى فى سن الخامسة أو السادسة تقريبًا لحظة تخطر ببالك فكرة وتصبح قادرًا على إخبار نفسك، فى الوقت نفسه، أنك تفكر فى تلك الفكرة. يحدث هذا الجدل عندما نبدأ فى التفكير فى تفكيرنا. بمجرد أن تتمكن من القيام بذلك، ستكون قادرًا على رواية قصة نفسك لنفسك. لدينا جميعًا رواية مستمرة وغير منقطعة داخل أنفسنا حول هويتنا، ونستمر فى سردها فى كل يوم من حياتنا.
ذلك الطنين مرة أخرى! بعض الناس قادرون على رواية قصة أكثر أو أقل صدقًا عن أنفسهم. والبعض الآخر متخيلون. إن إحساسهم بمن هم يتعارض تمامًا مع ما يشعر به بقية العالم تجاههم لدرجة أنهم يصبحون مثيرين للشفقة.. ثم هناك الطرف المتطرف الآخر، الأشخاص الذين يقللون من شأن أنفسهم فى عقولهم. غالبًا ما يكونون أشخاصًا أعظم بكثير مما يعتقدون، وغالبًا ما يحظون بإعجاب كبير من قبل الآخرين. ومع ذلك، يقتلون أنفسهم فى الداخل. بحكم التعريف تقريبًا، الأشخاص المثاليون هم أقسى البشر (على حد تعبير محفوظ فى صدر روايته أفراح القبة)- والأشخاص الأقل جودة يعتقدون أنهم الأفضل. «البشر لا يمكن تقديرهم، ونادرا ما يمكن التعبير عنهم بالكلمات. إذا فتحت نفسك على جميع الجوانب المختلفة لشخص ما، فعادة ما تكون فى حالة من الحيرة». فى مدينة الزجاج
فى كتابه (المفكرة الحمراء: قصص حقيقية) تقطع القصص الجذابة فى هذه المجموعة البسيطة التى كتبها أوستر شوطا طويلا نحو الإجابة على السؤال الدائم «لماذا نكتب؟» يحتوى الكتاب على أربع روايات قصيرة: «الدفتر الأحمر»، «لا يعنى شيئا»، «تقرير حادث»، و«لماذا أكتب؟» جميع الحكايات والمقالات القصيرة، التى تحوم فى مكان ما بين الحقيقة والخيال، تتميز بمصادفات أو روابط صغيرة مذهلة.



فى فصل واحد مختصر، يخسر أوستر (كبطل الرواية) سنتًا واحدًا فى مزراب فى بروكلين فقط لينظر إلى الأسفل، ويجد سنتًا فى وقت لاحق من نفس اليوم. وفى قصة أخرى، يقوم بالدخول إلى غرفة فندق غامض فى باريس ويجد رسالة مجعدة من المكتب إلى صديق مقرب- كان شاغل الغرفة السابق. ومع ذلك، فإن القصص الأكثر تأثيرًا تروى إحساسًا لا يوصف بالارتباط: يصل أوستر إلى أسفل الدرج ليمسك بابنته الصغيرة فى الوقت المناسب لمنعها من الإبحار عبر النافذة؛ عندما كان صبيًا فى معسكر صيفى، كان فى نزهة جماعية عندما ضرب البرق الصبى المجاور له وقتله.
ما تشترك فيه جميع القصص ليس نتيجة أو معنى ثابتًا، بل إحساسًا بالمعنى النمطى للحياة. سوف يلمح القراء هنا كيف أن فعل المشاهدة فى حد ذاته يوفر خلاصة الأمر. وكما تعلم أوستر بالطريقة الصعبة عندما التقى ويلى ميس فى أحد الأيام ولم يكن لديه قلم رصاص ليوقع له، فإن الشعور بالدهشة يزدهر من وقتها. لقد كان أوستر دائمًا مهووسًا بالنوع الأدبى، وهنا يضع للقراء لغزًا جديدًا. ومن المؤكد أن يكون هناك نقاش حول مدى «صحة» هذه القصص، الأمر الذى من شأنه أن يحفز الاهتمام بالمجموعة.
فى روايته (مدينة من زجاج) لا نعرف الكثير عن دانييل كوين. نحن نعلم أنه يبلغ من العمر 35 عامًا، وأنه كان لديه زوجة وابن، وقد ماتا الآن. يكتب ألغازًا تحت الاسم المستعار ويليام ويلسون، وعندما يطلب شخص غريب التحدث إلى بول أوستر، يقرر كوين الرد على هذا الاسم أيضًا. المتصل بيتر ستيلمان، وهو رجل ذو ماض غير عادى، ويخشى أن يقتل على يد والده، الذى تم إطلاق سراحه مؤخرًا من إحدى المؤسسات. يوافق كوين (فى دور أوستر) على تعقب ستيلمان الأكبر، الذى يقضى أيامه متجولًا فى شوارع نيويورك. كيف ينجذب كوين تدريجيًا إلى حياة ستيلمان ونفسيته ثم يصبح مهووسًا بها فى النهاية، مما يخلق قصة مثيرة للاهتمام ومتاهة. عمل مثير للإعجاب، إن لم يكن كبيراً، لمؤلف كتاب اختراع العزلة.
عن القرار والقدر قال: «أن تصبح كاتباً ليس «قراراً مهنياً» مثل أن تصبح طبيباً أو شرطياً. أنت لا تختاره بقدر ما يختارك، وبمجرد قبول حقيقة أنك غير مناسب لأى شيء آخر، عليك أن تكون مستعدًا للسير فى طريق طويل وصعب لبقية أيامك». عندما سُئل عن اللحظة التى قُتل فيها صبى كان يقف بجانبه فى معسكر صيفى بسبب صاعقة. كانت تلك هى التجربة المؤثرة فى حياته. فى سن الرابعة عشرة، كل ما تمر به يكون عميقًا. «أنت فى طور العمل. لكن كونى بجوار صبى انقضى أجله بإرادة الإله غيّر نظرتى للعالم بالكامل. لقد افترضت أن وسائل الراحة البرجوازية الصغيرة فى حياتى فى ضواحى نيوجيرسى ما بعد الحرب كانت تتمتع بنوع من النظام. ثم أدركت أنه لا يوجد شىء بهذا النوع من النظام. لقد عشت مع هذا الفكر منذ ذلك الحين. إنه أمر تقشعر له الأبدان، ولكنه يحرر أيضًا. يقول الأشخاص الذين لا يحبون عملى إن الروابط تبدو عشوائية للغاية. ولكن هكذا هى الحياة. كان يفكر فى الحب كنوع من الشجرة أو النبات.. وأن تلك الأجزاء سوف تذبل وقد تضطر إلى قطع فرع للحفاظ على النمو الشامل للكائن الحى. إذا ركزت على إبقائها كما كانت تمامًا، فسوف تموت أمام عينيك يومًا ما. لكى يستمر الحب، يجب أن يكون عضويًا. عليك أن تستمر فى التطور مع تقدم الأمر حتى يتشابك كل شىء، حتى الغرابة المطلقة فى كل شىء. إنها فكرة قوية. هذا الارتباط الذى لدينا مع الآخرين ومدى أهميتهم فى حياتنا. أهمية الحب. قد يكون من الصعب علينا أن نتحدث عنها بالطريقة التى تستحق أن نتحدث عنها. حب طويل الأمد ومستمر مدى الحياة وكل التقلبات والمنعطفات المحتملة التى سيستغرقها الأمر.
ماذا عن شعبه؟ «نحن الأمريكان متعجرفون جدًا. لدينا مثل هذه المشاعر من التفوق على بقية العالم. حتى أغبى الأشياء التى نقوم بها تعتبر جيدة لأنها أمريكية، وقد تم وضع خط تحتها ست مرات. يحاول الجناح اليمينى تقديم الرئيس بايدن على أنه نوع من الرجل العجوز المراوغ وغير الكفء، وهذا بعيد عن الحقيقة.. إنه قادر تمامًا ويعرف عن الحكومة أكثر من أى شخص فى واشنطن. لقد ارتكب أخطاء فادحة، ونحن نعلم جميعًا ذلك، لكنه ليس خيارًا سيئًا فى الوقت الحالى ولا يمكننى التفكير فى أى شخص أفضل منه اليوم».
لم تكن زوجته سيرى هوستفيت مجرد كاتبة جيدة، لكنها عبقرية من وجهة نظره. لكنها فى الظل. ظله. لعنة تابيثا كينج (زوجة ستيفن كينج المؤلفة). «أعتقد أن سيرى هى الشخص الأكثر ذكاءً الذى عرفته على الإطلاق. لديها موهبة لا تصدق فى التفكير واستيعاب المعلومات الجديدة، وتناول مواضيع جديدة، وخوض متاهات واسعة من المعرفة، ولديها عقل آكل اللحوم. كم كان من المثير بالنسبة لى أن أشاهد ما كانت تفعله طوال هذه السنوات التى قضيناها معًا». لقد تعلَّم منها الكثير على مر السنين. إنها مناصرة نسوية متحمسة وكان يتفق معها فى جميع مواقفها. «يعتقد الجميع أن الزواج من شخص يقوم بنفس العمل يمثل مشكلة، ولكن على العكس من ذلك، فهو مساعدة كبيرة. كل منا يفهم احتياجات الآخر. نقضى أيامنا فى نفس المنزل الذى يفصل بين طابقين. إنها فى الطابق العلوى، وأنا فى الطابق السفلى من منزلنا المبنى من الحجر البنى فى بروكلين. نحن لا نتحدث أثناء النهار.. نجتمع معًا بعد ذلك فى وقت متأخر من بعد الظهر أو فى وقت مبكر من المساء ونبدأ فى العيش كزوجين عاديين. خلال النهار، يسود الصمت فى المنزل».
آخر شىء قاله: «هناك أشياء كثيرة فى حياتى لا أفهمها. أفعالى على مر السنين. لماذا فعلت ذلك؟ لماذا هذا الدافع؟ يقضى الناس سنوات فى التحليل محاولين معرفة الإجابات. لم أفعل ذلك من قبل، لذلك كنت بمفردى إلى حد ما، أحاول اكتشاف الأمور، ويجب أن أقول بصراحة أننى لا أعتقد أننى حققت الكثير من التقدم».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.