وصف الفنان محمد فهيم شخصية «علاء» التى جسدها ضمن أحداث المسلسل الدرامى «عُملة نادرة»، بأنها تجسيد للصراع الداخلى الكامن فى نفوس الكثيرين ما بين الواقع ومحاولة التخلص منه، ما جعله متمردًا على هذه العادات والتقاليد، ويرجع تعاطف الجمهور مع هذه الشخصية إلى ما يمثله هذا الدور داخل كل مُشاهد. عن الذى وجده مُختلفًا فى «عملة نادرة» ليخوض به أولى تجاربه بالدراما الصعيدية، وكيف تعامل مع اللهجة الصعيدية وصعوبتها، وهل تأثر بشخصية «علاء» وتناقضاتها، وكيف وجد العمل مع المؤلف مدحت العدل والمخرج محمد العدل، كان لمجلة «صباح الخير» هذا الحوار مع الفنان محمد فهيم. • بداية.. ما الذى وجدته مختلفًا فى «عُملة نادرة» لتخوض به أولى تجاربك بالدراما الصعيدية؟ - أحمد الله أننى شاركت فى «عملة نادرة» لأنه إضافة للدراما المصرية، وكنت أريد العودة للدراما بشكل مختلف وحدث جديد ورؤية مخرج مختلفة بعد تقديمى منذ خمس سنوات لشخصية سيد قطب فى مسلسل «الجماعة»، فوجدت أن هذا العمل يُناقش قضية مهمة ولها قيمتها الفنية التى تضيف للجمهور. كما أن شخصية «علاء» التى قدمتها ضمن الأحداث مثّلت النفس البشرية فى وقتنا الحالى، المليئة بالتناقضات الناتجة عن الظروف التى مر بها، وجعلت بداخله كل شىء ونقيضه. • هل تأثرت بشكل شخصى ب «علاء»؟ وماذا عن وجه الشبه بينكما؟ - لم أتاثر بشخصية «علاء» بشكل شخصى، فأنا أعمل وفق منهج قائم على المُعايشة لكن لا أتأثر بالشخصية التى أجسدها، بل أحرص على تصديقها أمام الكاميرا عند تجسيدها، حتى يصدقها الجمهور ويشعر أنها حقيقية «من لحم ودم». وبالنسبة لأوجه الشبه فكما قلت لك من قبل أنه يمثل النفس البشرية بجميع تناقضاتها، فهو إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهو يريد تغيير الواقع لكنه لا يستطيع فيبدأ بخلق التناقضات، فأى شخص يشاهده سيرى نفسه فيه، أى أنه ليس هناك تشابهًا بينى وبينه فقط بل هناك تشابه كبير بينه وبين جميع الجماهير. • إذن هل كرهت فيه تناقضاته؟ - لم أحب ولا أكره فيه شيئًا فأنا لم أتعامل معه بشكل شخصى، فقد فصلت نفسى عنه تماما، حتى يُصدق الجمهور أن هذا الشخص «علاء» بطريقته وملابسه ونظراته وحبه وكرهه. • إلى أى مدى اعتمدت على مُصحح اللهجة فى اللوكيشين؟ - مُصحح اللهجة الأستاذ عبدالنبى بذل معنا جميعًا مجهودًا كبيرًا، وعمل معنا بشكل جماعى ثم بشكل فردى مع كل شخص بمفرده، والحمد لله أن هذا المجهود كان له مردوده على الشاشة، لأن هذه هى المرة الأولى التى يُقدم فيها عمل فنى يتناول حياة الصعيد ولا يخرج أحد ويقول إن أهل الصعيد لا يتحدثون بهذه اللهجة أو لا يلبسون مثل هذه الملابس، فالجماهير شاهدت الصعيد الحقيقى وكأن النجع حقيقى وليس من ابتكار صُناع العمل، وهذا نبع من حرصنا كممثلين على تقديم أفضل ما لدينا. • وهل بالفعل هناك صعوبات؟ - كنت أتحدث باللهجة الصعيدية فى حياتى العادية حتى اعتاد عليها وتخرج منى بشكل طبيعى ولا أجد صعوبة فى إتقانها أمام الكاميرا، وهذا يُحسب للمخرج محمد العدل الذى عمل بأصول الصناعة الفنية، فكانت هناك اجتماعات وبروفات كثيرة على كل شىء، والشركة المنتجة وفّرت لكل العناصر كل شىء يجعلهم يقدمون أفصل ما لديهم، وبالتالى عندما وقفنا أمام الكاميرا لم تكن هذه المرة الأولى التى نقف فيها أمام بعضنا البعض، ولا المرة الأولى التى نتحدث فيها باللهجة الصعيدية. • وماذا عن ملامح الشخصية؟ هل تدخلت فى تحديدها؟ - جلسنا لمدة شهر نتحدث ونقوم بعمل بروفات «ترابيزة» على اللوك والملابس والألوان، فعلى سبيل المثال شكل شنب «علاء»، تناقشنا لمدة أسبوعين حول الشنب المُناسب للشخصية ليحقق لها مصداقية وفقًا للمعايير النفسية، فكل شىء فى الشخصية كنا نتناقش فيه حتى نصل للأنسب. • الدراما التليفزيونية تهتم دائما بتصدير بعض الظواهر الاجتماعية فى الصعيد للجمهور فدائما ما يحصرون الصعيد فى الميراث والثأر فقط، و«عملة نادرة» تناول قضية ميراث السيدات فى الصعيد.. فما تعليقك؟ - من ذكاء مؤلف العمل الدكتور مدحت العدل أنه لم يحصر «عملة نادرة» فى قضية الميراث فقط، ولكنه وضع خطوطًا ومشكلات أخرى موازية، فنجد أن هناك صراعًا بين عبدالجبار وحسن على لقب «الكبير»، وهناك أيضًا الخط الدرامى المرتبط ب «علاء وإسراء» و«مسعود وسميرة»، فالجمهور إذا شاهد قضية الميراث فقط فى العمل سيشعر بالملل، لذلك خرج المؤلف من هذه المنطقة بعمل شخصيات وخطوط درامية كثيرة داخل العمل، فالدكتور مدحت العدل اسم كبير وله نجاحاته، فهو علامة فارقة فى تاريخنا السينمائى والغنائى أيضًا، وأطمئن كثيًرا عندما يكون اسمه موجودًا فى أى عمل فنى. • كيف وجدت تعاطف الجمهور مع «علاء» وعدم كرههم له على الرغم من أخطائه الكثيرة؟ - الجمهور لم يكره «علاء» على الرغم من أخطائه لأنه صدقه وتعامل معه على أنه بنى آدم وليست شخصية مقدمة فى عمل فنى، خاصة أنه ليس شريرا خالصًا، فالجمهور شعر بألفة بينه وبين علاء ولم يشعر بغربة تجاهه، لذلك لم يستطع الحكم عليه، لأنهم رأوا أنفسهم فيه؛ وهذه الجزئية أُحيى الدكتور مدحت العدل عليها، أنه كتب نموذجًا لشخص صعيدى بهذا الشكل، وأعتقد أنها المرة الأولى التى يكتب فيها نموذج صعيدى «بنى آدم»، بأخطائه وحسناته وحبه الكبير وأخطائه الهوائية، فهو محب وفى الوقت ذاته يسير وفقًا لأهوائه، وكان ذلك من أكثر الأشياء التى جعلتنى أسعد كثيرًا بالدور. كما أننى ذاكرت الشخصية وتعاملت معها على أنها حقيقية، وذاكرت دوافعها، ومن هنا استحضرت بصمة الصوت التى ستتحدث بها، لأن هذه الأداة مهمة للغاية، فقد اخترت بصمة صوت اتسمت بالحنين حتى تترك أثرًا داخل المشاهد وعقله الباطن أنه شخص طيب، حتى وإن قام بشىء سيء فهو لا يؤذى سوى نفسه، ومن هنا بدأ الجمهور يتعاطف معه. • كيف كانت كواليس العمل الذى شهد أجيالا مختلفة من الفنانين؟ - فريق العمل بجميع عناصره على أعلى مستوى، وجميعنا كنا مستمتعين بالتمثيل أمام بعضنا البعض، فلقد حرصنا على الخروج فى أفضل صورة ممكنة، ولم يبخل أحد على الآخر بمعلومة، فالحب الذى ساد الكواليس خلق بيننا أُلفة وكيمياء، والشىء الذى سيظل خالدًا فى ذاكرتى هو الحب الذى ساد فى الكواليس. • فى الحلقة الرابعة قُمت بضرب الفنانة مريم الخُشت التى قدمت دور زوجتك ضمن أحداث العمل، وحقق هذا المشهد نجاحًا كبيرًا.. حدثنا عن كواليس هذا المشهد تحديدًا. - توقعنا هذا التأثير الكبير ونحن نصور المشهد، وسيكون هناك مشاهد أكثر إثارة خلال الحلقات القادمة ستجمع علاء وإسراء، فهذان المشهدان تحديدًا تم تصويرهما متتابعين على عكس المعتاد، فدائمًا المشاهد لا تصور وفقًا للترتيب، وفى المشهد الأول قمنا بعمل أكثر من بروفة للحركة والأكشن حتى نعرف ماذا سنفعل. كما أن مخرج العمل صور المشهد «وان شوت» حتى يُعطى حالة من المصداقية مع حركة الكاميرا، فالمخرج هنا لعب دورًا مهمًا بكادراته، والزاوية التى صور بها ساعدتنا كثيرًا فى تقديم هذا المشهد وإيصال الحالة المرجوة منه. وحزنت كثيرًا من هذا المشهد، خاصة أننى طيلة عمرى لم أضرب سيدة، وبالتالى كان لهذا المشهد أثر نفسى كبير عليّ، واعتذرت لمريم الخشت كثيرًا بعده، وعندما صورنا مشهد الصلح كان حقيقيًا هو ومشاعره، ف «علاء» شخص طيب ويرفض العادات والتقاليد الصعيدية لكنه لا يستطيع تغييرها، وطوال الوقت معترض على الحياة، لذلك نجده دائما حزين «مكشر»، فهذا هو التفسير النفسى لم يُسمى ب «النفس اللوامة». • كيف وجدت ردود الأفعال حول دورك فى المسلسل؟ - الجمهور صدق جميع شخصيات العمل وتعلق بها، ودائمًا يتعجبون من سرعة الأحداث بالمسلسل، وأنه خالٍ من المط والتطويل، والبعض كان يعتقد أنه 15 حلقة وكانوا يقولون «هنجيب أحداث تانية منين»، ففى كل حلقة حدث، والحدث يطور من نفسه، كما أن العمل لا يقول كلامًا ليس له معنى، ولكن شخصياته تتكلم كل واحدة منها وفقا لحالتها، فنجد كل شخصية لها مفرداتها ودوافعها الخاصة التى تتحدث بها، ولا يوجد كلام مكرر على لسان شخصية. • ما الشخصية التى كنت ستختار تقديمها لو لم تجسد شخصية «علاء»؟ - لو أتيح لى الاختيار كنت سأختار تجسيد شخصية علاء مرة ثانية، فهو النفس البشرية الحالية، وكل إنسان فى وقتنا الحالى يمثله «علاء». • هل المشاركة فى السباق الرمضانى ما زال لها مذاقها الخاص بالنسبة للفنان بالرغم من انتشار المنصات التى تستمر فى عرض الأعمال الفنية على مدار العام؟ - بكل تأكيد، فالسباق الدرامى الرمضانى لا يزال يحتفظ بمذاقه ورونقه، فهو أشبه بالكرنفال والاحتفالات الدرامية، حيث يستقبلنا الجمهور فى العالم العربى كله ضيوفًا فى بيوتهم فى ذات الوقت خلال هذا الشهر؛ يستقبلون كل النجوم وكل هذه الأعمال سواء كانت مسلسلات أو برامج، فالتليفزيون لا يزال صاحب القاعدة الجماهيرية الأكبر بالرغم من نجاح وانتشار المنصّات. • قبل بدء السباق الدرامى الرمضانى كانت لك مقابلة مع الفنانة شيريهان.. حدثنا عن كواليس هذا اللقاء. - لقائى مع الأسطورة شيريهان أشبه بالخيال، ولم أكن أحلم يومًا أن أقف بجوارها على أرض الواقع أو بمكان واحد، فما بالك إذا كانت فى مقاعد الجمهور تشجعنى، واحتضنتى وقالت لى «احلم كثيرًا، لأنك ستحقق حلمك». وكواليس لقائى بها كانت مليئة بمشاعر لا يمكن وصفها، وكأننى قد أمسكت السماء بيدى وضاعفت من أحلامى وطموحاتى لمليون ضعف.