فى إطار استراتيجية تنمية متكاملة بطفرة على مختلف الأصعدة، تأتى منظومة تطوير الموانئ المصرية على رأس استراتيجية التطوير وتستمر عملية تنمية الموانئ على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، ما يؤهلها للمنافسة عالميًا بما يسهم زيادة حجم الصادرات المصرية وفتح أسواق خارجية جديدة. وتشمل عملية التطوير زيادة إنتاجية الأرصفة الجديدة للموانئ ودعم الخطط التسويقية لها، واتباع المعايير الدولية وربطها بشبكة الطرق الداخلية مع سهولة الربط مع الموانئ الأخرى، وتشهد موانئ «أبوقير وجرجوب وبرنيس» عمليات تطوير واسعة، لافتتاحها خلال الفترة المقبلة. وتأتى هذه الموانئ الثلاثة فى إطار خطة الدولة 2030، التى تستهدف زيادة الطاقة الحالية للموانئ المصرية من 170مليون طن إلى 370 مليون طن سنويا، ضمن خطة تطوير شاملة لتقفز إلى مصاف الموانئ العالمية، بما يحقق طفرة فى مجال النقل البحرى. وتعمل الدولة على تطوير شبكات الطرق والمحاور والسكك الحديدة بما يسهل ربط الموانئ بالطرق الداخلية، حيث يتم تنفيذ مشروع القطار السريع ليربط بين العاصمة الإدارية الجديدة والعين السخنة، وحتى برج العرب والإسكندرية والعلمين ليحقق الربط الداخلى بين الموانئ خلال زمن أقل، كما يحقق الاشتراطات الحديثة للربط بين الموانى لوجستيا. ومنتظر افتتاح ميناءين خلال الفترة المقبلة، الأول «ميناء برنيس» المقابل لميناء جدة على البحر الأحمر، وميناء «جربوب» الذى يبعد عن الحدود الليبية 200 كيلو، حيث تدخل تلك الموانئ الخدمة بعد تطويرها وفق أنظمة ومستويات عالمية، تعزز من المنافسة القوية فى البحرين المتوسط والأحمر، لدعم التنمية الشاملة على أرض مصر وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل، بينما تهدف خطة للتطوير التى قاربت على الانتهاء فى ميناء أبوقير لتحويله لأهم ميناء فى البحر المتوسط. خليج أبوقير بدأت أعمال تطوير ميناء وخليج أبوقير بعقد تصل قيمته إلى نحو 300 مليون يورو، حيث يتضمن المشروع استصلاح 2471,06 فدان من الأراضى الجديدة، وتعميق «القناة المؤدية للميناء» إلى 23 مترًا، وتجريف حوض الدوارن إلى 22 مترًا. ويشهد المشروع تكريك ما يزيد على 150 مليون متر مكعب، وتنفيذ أعمال بحرية تشمل 6.800 متر من جدران الرصيف للأرصفة الجديدة، وحواجز الأمواج 8.800 متر وأعمال تحسين التربة، وأيضًا يخلق أرضًا جديدة داخل المياه، لتوسيع وتطوير الميناء أبو قير. وبدأت أعمال التكريك بالميناء باستخدام الكراكة العملاقة «سبارتاكوس» التابعة لتحالف «ديمى» البلجيكى إضافة لعدد من الكراكات. تمهيدا لإنشاء محطة تداول حاويات عملاقة، تغير شكل محطات الحاويات بمنطقة شرق البحر المتوسط وتبلغ طاقتها الاستيعابية نحو 2 مليون حاوية. وحصل «ميناء أبو قير» على موافقة إنشاء منطقة حرة خاصة باسم «شركة أبو قير لمحطات الحاويات»، وهى شركة مساهمة مصرية، ووفقا لقرار إنشاء منطقة حرة، فإن المنطقة الجمركية الجديدة تقع على مساحة 597 ألف متر مربع، ومقرر اختصاصها بمزاولة نشاط تصميم وإنشاء وإدارة وتشغيل محطة حاويات بما فى ذلك جميع الخدمات المرتبطة. ويضم ميناء أبوقير رصيفا طوله 500 متر، ويمكنه استيعاب 4 سفن حبوب فى وقت واحد. وينتقل الميناء بعملية التطوير من مخصص لبعض الأغراض البسيطة، إلى أحد أهم الموانئ التجارية على البحر المتوسط، لينافس موانئ أوروبية، وتعول عليه الدولة لتحويل مصر إلى أهم نقطة ارتكاز بحرية لحركة التجارة العالمية فى البحر المتوسط. وحصلت الشركة التى تنفذ أعمال الإنشاءات بالميناء على قرض من البنوك المحلية قدره 3.8 مليار جنيه، كما وقع تحالف البنك الأهلى المصرى عقد قرض لصالح «شركة الغرابلى للأعمال الهندسية المتكاملة»، بقيمة 19 مليار جنيه، لتوسعة وتطوير ميناء أبو قير الجديد. أما أعمال التكريك القائم بها شركة «ديمى» البلجيكية، فيبلغ قرضها 9 مليارات جنيه، ويتم تمويلها من بنوك أجنبية، ليصل إجمالى تكلفة المشروع إلى 28 مليار جنيه. وكان الرئيس السيسى أشاد بالسمعة الاحترافية التى تتمتع بها الشركة البلجيكية فى هذا المجال، مؤكدًا قيمة هذا المشروع القومى الحيوى، وأهمية إنجازه وفقًا لأحدث النظم التكنولوجية وأعلى المستويات الدولية لتطوير وتشغيل الموانئ ليمثل إضافة جديدة لسلسلة الموانئ الممتدة على الساحل الشمالى المصرى، ويجعل ميناء أبو قير الأكبر فى البحر المتوسط، وليرتقى بالتصنيف العالمى للموانئ المصرية إلى المستوى الأول. ولا تقتصر عملية التطوير أبوقير على الخليج والميناء فقط بل تصل إلى المنطقة المحيطة لتسهيل ربط الميناء بشبكة الطرق الداخلية والسكك الحديدية والربط مع الموانئ الأخرى، حيث يجرى العمل لتنفيذ محور أبوقير بطول 7 كيلو مترات، وتشرف عليه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وشمل التطوير 8 كبارى سطحية وكوبرى سكة حديد أعلى طريق المعدية والسكة الحديد بطول 290 مترا، وكذلك كوبرى راكتا أعلى مصرف العامية وترعة راكتا بطول 440 مترا. وبانتهاء هذا المحور تكون جميع الموانئ بالإسكندرية مربوطة بالطريق الدولى الساحلى، كما أن المحور الجديد سيخف الضغط عن مناطق شرق الإسكندرية. وبانتهاء عملية التطوير، يشهد ميناء أبوقير نقلة عالمية، تجذب العديد من الخطوط الملاحية إلى منطقة الإسكندرية التى تشهد كثافة فى اقبال سفن البضائع والنقل، حيث يستوعب أبوقير هذه الكثافات بعد انتهاء عملية التطوير.
جرجوب أوشك على الانتهاء
مطروح عالميا أما «ميناء جرجوب» بمدينة النجيلة غرب مدينة مرسى مطروح بالكيلو 70 بطريق السلوم، الذى يبعد عن الحدود الليبية 200 كيلو متر فهو واحد من أهم المشروعات التى تعول عليه الدولة بالتطوير والتحديث والإنشاء، بما يسهم فى تحويل محافظة مطروح إلى منطقة صناعية تجارية ومحور جديد للتجارة العالمية، ومقرر أن يتم الانتهاء من «مشروع ميناء جرجوب» عام 2025 بتكلفة تبلغ 10 مليارات دولار، وينفذ على 3 مراحل، الأولى بتكلفة 2 مليار جنيه وأوشكت على الانتهاء ويفتتحها الرئيس السيسى قريبا. وتأتى أهمية هذا الميناء فى أنه يضع مطروح على خريطة التجارة العالمية لقربها من أوروبا عن باقى الموانئ المصرية، ويتم حاليا العمل فى إنشاء منطقة اقتصادية ولوچيستية ويوفر 30 ألف فرصة عمل، ويتم تمويل مشروع الميناء بنظام B.o.T وتبلغ حصة مصر فيه 51 %، ومن المقرر أن يبلغ طول رصيف الميناء المدنى 1080 متراً، وبغاطس 15 مترًا، ودوران السفن 450 مترًا، وحاجز صخرى لكسر الأمواج بطول 3 كم فى عمق البحر.. كما يضم المشروع ميناء تجاريا وسياحيا عالميا لخدمة الأنشطة والمشروعات، وميناء حاويات تجاريا عالميا، لخدمة عدد من المشروعات العملاقة التجارية والصناعية لشركات عالمية، إضافة إلى عدد من الفنادق العالمية، كما يخلق مجتمعات عمرانية حوله، ومنطقة اقتصادية وصناعية لوجيستية سكنية ومدينة سياحية عالمية ومركزا اقتصاديا على مساحة تبلغ نحو 54 كم، ومدارس وملاعب ومراكز استشفاء. وتمتد فوائد تطوير الموانئ وتحديثها، إلى ربط البحر الأحمر بالمتوسط من خلال شبكة جديدة، تحدث نقلة نوعية فى قطاع نقل البضائع خلال السنوات المقبلة، بينها ميناء جرجوب وتدخل به مصر عصر البحريات الزرقاء وبحريات المياه العميقة. ويساهم جرجوب فى تنشيط حركة التجارة والسياحة الإقليمية والدولية ضمن مخطط تطوير غرب مصر، وتنفذه 16 شركة كبرى. «ريفيرا برنيس» جنوبالبحر الأحمر «جنة لا يراها الكثيرون»، وما تقوم به الدولة من إعمار وإنشاءات فى تلك المنطقة على رأسها ميناء برنيس الدولى، يعمل على تحويلها إلى واحدة من أكبر المناطق الجاذبة للسياحة فى مصر. وتشهد حاليا سواحل البحر الأحمر عمليات تنمية شاملة وتطويرا للاستثمار السياحى فى جميع مناطق جنوب«البحر الأحمر»، وأهمها ميناء برنيس المقابل لمدينة جدة السعودية الذى سيتم افتتاحه قريبا ويبلغ طول رصيفه 1600 متر، وبجواره مطار أيضًا. ويبعد ميناء برنيس نحو 140كيلو مترا جنوب مدينة مرسى علم، ويعيد الميناء إحياء لقب «المدينة القديمة الجديدة» الذى يطلق على مدينة برنيس، حيث كانت تمتلك قديما أكبر ميناء تجارى عام 275 قبل الميلاد، وتدل الآثار المنقوشة على صخور جبالها على ذلك، حيث أقدم وأكبر ميناء بحرى فى العصور الفرعونية وما قبلها. وكان ذلك الميناء مركزا يقوم الفراعنة من خلاله بالتبادل التجارى مع بلاد بنط، حيث كانت تصدر من مصر الحبوب والجلود، وكانوا يستوردون من بلاد بنط الماشية والحمير والأفيال والأبقار والجاموس، حتى أقيم أول مراكز للتدريب الحربى وهذا ما أكدته إحدى البعثات الفرنسية قبل أعوام قليلة ماضية. ويعد إنشاء ميناء ومطار دولى فى برنيس، إعادة إحياء للاستثمار السياحى والتعدين فى جميع مناطق البحر الأحمر، خاصة جنوب مرسى علم، حيث يجعل منطقة برنيس مركزا سياحيا جاذبا وواعدا، لما تحتويه من مقومات فريدة من شواطئ بكر وكائنات بحرية، فضلا عن ما تقوم به الدولة من أساسيات لتكون تلك المنطقة «ريفيرا السياحة المصرية»، إضافة إلى مواقع الغوص التى تجذب السياحة الأوروبية ومحترفى الغطس. ويوفر ميناء برنيس فرص طرح أراض جديدة ما يزيد حجم الاستثمارات المنفذة، كما يزيد من إقبال الوفود السياحية العربية، إضافة إلى مخططات طرح مشروعات صناعية كبرى لزيادة نسبة التشغيل والنمو داخل محافظة البحر الأحمر، إضافة إلى مشاريع الاستثمار السياحى بجميع أنواعه. وأدرجت بعض الشركات السياحية الإيطالية منطقة برنيس بكتالوجات 2020، وتستغرق الرحلة من إيطاليا إلى مطار برنيس أربع ساعات. ويأتى ميناء برنيس إضافة إلى مشروعات الربط بين مصر والسودان حيث يمثل الربط البحرى بين البلدين أهمية كبرى، ويأتى ميناء برنيس على البحر الأحمر باعتباره الأقرب من ميناء سفاجا إلى السودان. استراتيجية 2030 والأمن القومى الدكتور محمد على إبراهيم، أستاذ اقتصاد النقل واللوجستيات، والعميد الأسبق والمؤسس لكلية النقل الدولى واللوجستيات، والمدير الأسبق لفرع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى ببورسعيد قال إن تطوير الموانئ المصرية يأتى فى إطار خطة الدولة 2030، التى تستهدف زيادة الطاقة الحالية للموانئ تستهدف الدولة زيادة الطاقة من 170مليون طن إلى 370 مليون طن سنويا، كما تستهدف زيادة طاقة الموانئ من الحاويات من 11مليون حاوية، إلى 20 مليوناً، وهى خطة طموحة تضمنت زيادة طاقات الموانئ القائمة، واستحداث موانئ جديدة مثل أبى قير وجرجوب على البحر المتوسط وبرنيس على البحر الأحمر. وأضاف: هناك عدة مؤشرات يمكن استخلاصها من نظرة القيادة السياسية لقطاع النقل البحرى، منذ وجه الرئيس السيسى فى 30 سبتمبر 2020، بتطوير النقل البحرى، لتحقيق أقصى عائد اقتصادى، وتجارى واستثمارى، ويتسق مع محددات الأمن القومى المصرى، وبما يسهم فى استراتيجية تعزيز حركة التجارة المصرية مع تلك التكتلات الإقليمية على مستوى العالم، فى ضوء ما يربط مصر مع التكتلات من اتفاقيات التجارة الحرة، تعظيما لموقع مصر الجغرافى.
ماكيت محطة حاويات أبو قير بسعة 2 مليون حاوية
وتابع: ومن هذه المؤشرات توسيع نطاق الاهتمام بالنقل البحرى ليشمل الأسطول التجارى، جنبا إلى جنب مع الموانئ، فالتحديث والتطوير لهذا القطاع المهم يستهدف تحقيق أقصى عائد اقتصادى، وتجارى واستثمارى، وهذا أيضا تحول مهم للنظرة الاقتصادية السليمة للاستثمار فى هذا القطاع، فالربحية التجارية وحدها لا تصلح لتقييم الاستثمارات فى قطاع النقل، فالربحية الاقتصادية والاجتماعية تفوق الربحية التجارية، حيث توفر النقد الأجنبى وتعظم متحصلات مصر لمساهمتها فى نقل التجارة الخارجية للدول الأخرى. وأكمل إبراهيم: تسهم حركة تطوير الموانئ المصرية فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى وإيجاد فرص عمل مباشرة، بالإضافة إلى تعزيز تنافسية الصادرات المصرية، فضلا عن تكامل النقل البحرى مع أكثر من عشرين نشاطا اقتصاديا، ما يسهم فى إنشاء تجمعات اقتصادية بحرية، خصوصا وأن قطاع النقل البحرى يمكن أن يكون قاطرة للنمو كما هو الحال فى سنغافورة. وعن جهود الرئيس السيسى فى تطوير الموانئ قال الدكتور محمد على: لفت الرئيس السيسى الأنظار إلى أن النقل البحرى يجب أن يتسق مع محددات الأمن القومى المصرى، وهذا موضوع فى غاية الأهمية، حيث إن وجود أسطول تجارى بحرى يؤمن نقل تجارة مصر فى أوقات السلم والحرب، كما يربط مصر بمحيطها العربى والإفريقى، ويسهل استفادتها من اتفاقيات التجارة الحرة التى أبرمتها مصر. وأضاف: إن وجود أسطول تجارى بحرى يرفع العلم المصرى ويجوب البحار، يعزز السيادة الوطنية. وتابع أستاذ اقتصاد النقل واللوجستيات: حسب البنك الدولى فإن النقل متعدد الوسائط، والاقتصاد الأزرق سيكون الاقتصاد الأول فى العالم بحلول عام 2030، وهناك دولا يلعب الاقتصاد الأزرق دورا مهما بها، حيث يولد الاقتصاد الأزرق 30 % من الناتج المحلى الإجمالى لفيتنام. وأوضح على: بلغت الطاقة التصميمية للموانئ المصرية عام 2018، نحو 170.605 مليون طن، ونحو 11 مليون حاوية، بينما تستهدف استراتيجية 2030، مضاعفة الطاقة الاستيعابية لتبلغ 20 مليون حاوية و370 مليون طن سنويا. ويرى أن تنافسية الموانئ تزيد من تنافسية الدولة وتتوقف تنافسية الموانئ على اللوجستيات التى تربطها بالخطوط الملاحية من جهة وتلك التى تربطها بمواقع الإنتاج والاستهلاك من شبكات الطرق والسكة الحديد والنقل المائى الداخلى من جهة أخرى. ويرتبط تحسين تنافسية الميناء بتعزيز ارتباطه بالخطوط البحرية من خلال الرقمنة وربط الشبكات المحلية والإقليمية والعالمية، وضمان المنافسة وتحديث الموانئ، وتيسير التجارة، ورصد الأداء، إضافة إلى تقليل زمن بقاء السفينة بالموانئ عن طريق تنفيذ النافذة الواحدة، وتبسيط الإجراءات، وجودة الخدمات اللوجستية، ورفع مستوى البنية التحتية والمعلوماتية، جنبا إلى جنب مع تحديث معدات الموانئ وزيادة مهارات العاملين. وتحويل الموانئ إلى موانئ لوجستية يخلق قيمة مضافة للبضائع التى تمر بها وتقديم خدمات لوجيستية للسفن المتعاملة معها، مع وضع الموانئ المصرية فى إطار سلاسل الإمداد العالمية، كحلقة من حلقات النقل الدولى متعدد الوسائط، مع ضرورة الربط مع مبادرة الحزام والطريق.