لن تكون مهمة الحكومة التى حلفت اليمين أمام المشير طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سهلة.. بل هى فى كل الأحوال مهمة شاقة تبدو شبه مستحيلة.. حيث تفتقد عنصر إتاحة الوقت والمناخ الهادئ فى العمل وصولا إلى الإنجاز. وصحيح أن الحكومة الجديدة ورئيس وزرائها الدكتور عصام شرف قد حصلت على شرعيتها الشعبية والجماهيرية من ميدان التحرير.. وربما لأول مرة فى تاريخ مصر أن تأتى حكومة فى مصر وهى تستند إلى ظهير شعبى.. واستجابة فورية من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير البلاد انحيازا إلى المطالب الشعبية وتحقيقا لمطالب ثورة الشباب. ومن ثم فإن حكومة ميدان التحرير تحتاج إلى كل التكاتف والدعم الشعبى قبل الرسمى وهى تبدأ فى ممارسة مهامها فى سياق قيادة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى حدود تحقق أقصى قدر من الأمان والاستقرار بداية من الشارع وحتى مؤسسات الدولة مرورا بمؤسسات القطاع الاقتصادى. فالوزراء الذين تسلموا حقائبهم الوزارية وهم جميعا من الأسماء المشهود لها بالكفاءة المهنية والعلمية والإخلاص فى العمل أمامهم الكثير من الملفات المفتوحة التى عليهم أن يتعاملوا معها بدقة وبسرعة فى نفس الوقت حتى يمكن إحداث أثر على المدى المنظور أولا والمدى المتوسط ثانيا والمدى البعيد ثالثا. وفى هذا السياق لا يمكن تصور أن عمل الحكومة الجديدة.. حكومة ميدان التحرير.. قد يتعرض لضغط.. أى نوع من الضغط.. فى الوقت الذى يتم فيه التأكيد على أنها حكومة تصريف أعمال.. انتقالية.. بما يحمله هذا التعبير من مهام محددة وموقوتة تم تكليف الحكومة بها إلى أن يتم اعتماد التعديل الدستورى وإجراء الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية. التحديات أمامهم مهولة والمهام جسام والضغوط الشعبية لا حدود لها.. من المطالبات السياسية وحتى المطالبات الفئوية مرورا بالمطالبات الماكارثية.. فى ظل مناخ أصبح فوضويا إلى حد بعيد يشعر معه المواطن أن فى الشوارع وأمام البيوت ما يهدد سلامته وسلامة عائلته وممتلكاته مع غياب الأمن. بل هو مهدد أيضا فى أكل عيشه بعد هذا التوقف الرهيب فى عجلة الإنتاج - الذى لا مبرر له - فى كل قطاعات الدولة تقريبا وهذه الخسائر الضخمة التى تلحق بالاقتصاد المصرى وتتعرض لها مصر صباح كل يوم فى ظل هذا التوقف المؤقت.. تسبب انحسارا فى الموارد وتباطؤاً فى عجلة الإنتاج. لتصبح المهمة الرئيسية لحكومة د.شرف.. حكومة ميدان التحرير.. ليس فقط إعادة عجلة الإنتاج وإنما أيضا وضع العجلة -عجلة الإنتاج - على خط الانطلاق السريع. ومن غير المنطقى أن يتسلم الوزير الجديد حقيبته وملفاته وهو واقع تحت ضغط - أى ضغط- ونطالبه بالعمل والإنجاز.. فالأفكار تحتاج إلى وقت يسمح لها بالتبلور والاكتمال.. وقياس حدود المتاح والممكن.. والسياسات تحتاج إلى وقت أكبر يسمح بوجود نتائج حقيقية على الأرض وبين يدى الناس وأيضا تخضع لقياسات القدرة والاستطاعة من الموارد والأدوات. وقد قبل وزراء حكومة ميدان التحرير جميعا المسئولية فى ظرف خطير وحساس.. هناك تداعيات على كل أشكال الحياة فى مصر على المستويين الاقتصادى والاجتماعى.. وهم يعلمون جميعا حجم التحدى ويقدرون الظروف التى تمر بها مصر.. ولا وازع لقبول هذه المسئولية فى هذا التوقيت إلا الضمير الوطنى والإحساس بالواجب تجاه هذا الوطن وشعبه. دعونا نساعد حكومة ميدان التحرير.. حكومة د.عصام شرف.. على تحقيق المطالبات الشعبية وإعادة الاستقرار وانطلاق عجلة الإنتاج.. فإن لم نساعدها ونمهد لها الطريق بالفهم والتفهم والهدوء.. فجميعنا خاسر.