كانت ثورة 25 يناير ما هي إلا دعوة قامت بها مصر لكل شاب ولكل فتاة نشأ بها وأحبها وتحمل الكثير لكي يأتي اليوم الذي يستطيع كل منهم أن يرفع رأسه مفتخرا، أنا مصري .. وبالفعل قام أبناؤها بتلبية الدعوة، وجاء إلي ميدان التحرير الجميع من جميع المحافظات تاركا كل شيء آملا أن ينال النصر أو الشهادة، فمن هؤلاء من كان في بيته وبين اسرته، ومنهم من كان مسافرا ثم عاد ليشارك أبناء وطنه في ثورتهم ضد الفساد والظلم ومنهم أيضا من كان في «الماجيك لاند». هكذا كان يدعو بعض الشباب المعتقلات التي أغلقت أبوابها عليهم لمدة لا يدركونها، ليخرجوا من جديد قبل الثورة بأيام، ليكونوا من أوائل المتواجدين بميدان التحرير، ربما يكون الاندهاش عندما تعلمون أن هؤلاء الشباب يدعي فريقهم الموسيقي «أفريكانو» . فقد كان ميدان التحرير مسرحا كبيرا اجتمع فيه عدد من الفرق الموسيقية التي غابت عنا بعض الوقت، ربما عشر سنوات علي حد علمي، وهناك من جاءت ثورة 25 يناير ميلادا جديدا، للتعبير عما يحسونه منذ وقت طويل، ولكن ها هي الفرصة، دون خوف، ودون معتقلات، آسفة، دون ماجيك لاند، وهناك البعض الذي كان تواجده ليس بالغريب علي جمهوره الذي أحبه منذ الظهور الأول . ففي البداية كان الظهور لفرقته الراب «أفريكانو»، هؤلاء الشباب الذين حرصوا منذ اللحظة الأولي علي التواجد بين الشباب في ميدان التحرير، آملين أن يصل صوتهم إلي الجميع، معلنين عن مدي الغضب الذي يحملونه في صدورهم ولكن أين هي الفرصة للبوح بها ؟، لتأتي الثورة دافعا وحاجزا ودرعا يختبئون وراءه لتتعالي أصواتهم عن مدي أسفهم لما يشاهدونه في بلادهم، في البداية كان لابد من التعرف علي أعضاء الفرقة وهم : يوسف شوري «فانتو»، رامي عصامي «مغني الثورة»، شيكو، مروان، خالد وعدد من الموسيقيين . وللعلم كان التواجد الأول للفرقة منذ عام 2008، ولكن لم توفق، وعلي الرغم من ذلك لم يصابوا بالإحباط، وظلوا معتقدين أن الفرصة قادمة، فاكتفوا بتقديم أعمالهم علي الفيس بوك، واليوتيوب لكل محبي الراب من الشباب، فهي لغة معبرة بعض الشيء عن الأحداث التي تحدث كل دقيقة، والخاصة بمعاناة الشعب، ولعل هذا هو السبب الرئيسي في نجاح الفرقة وخروجها وتقديمها بعض الحفلات في أوقات بعيدة . أما عن ميدان التحرير فكانت الفرقة متواجدة بين الشباب بالتحرير في بعض الأحيان فرقة موسيقية تغني والجميع يردد أغانيها ، وعند اللزوم شباب عارف واجبه تجاه بلده، ولعل أكبر دليل آثار التعذيب التي كانوا لا يزالون يتعافون منها وهم يقيمون بميدان التحرير ليصبح الجرح جرحين، وكله فدا مصر. ولعل من أشهر الأغاني التي رددتها الفرقة بالميدان هي «ضد الحكومة»، «الحرية»، «فكك مني»، والتي كانت بمثابة دعوة لكل مسئول يريد إحباط عزم شباب مصر أن يدرك فشله من البداية، وأنه لا مجال لحدوث هذا بين شباب تركوا كل ما يملكون وإما النصر أو الشهادة، والكثير من الأغاني التي تفاعل معها الشباب والباعثة فيهم العزيمة أن النصر للشعب لا محال . أما التواجد الثاني فكان لفرقة اعتزلت الساحة الفنية منذ أكثر من عشر سنوات، وهي فرقة المصريين للفنان هاني شنودة . ربما جاءت المشاركة متأخرة بعض الشيء، ولكن المهم أنها جاءت، فقد اجتمع أعضاء فرقة المصريين الجدد في ميدان التحرير لمشاركة الشعب ثورته ضد النظام . أما عن الأعضاء الجدد، فهم أيمن سردار، فادي، آندي، إيمان يونس بعد اعتزال دام عشر سنوات عادت لتبدأ مشوارها مع الفرقة من جديد من ميدان التحرير، وبالفعل رحب الشعب بتواجد الفنان هاني شنودة الذي جاء بأغنية تحمل مدي الشغف والعشق لهذا البلد مصر ربما تكون قصيرة ولكن تحمل معاني عظيمة في وصف مصر، فهي عبارة عن 40 ثانية ومن المقرر تصويرها خلال الأيام القادمة لتطرحها الفرقة في الأسواق بمجرد الانتهاء منها، ومن هذه الكلمات نذكر: ياسما يا نجوم بتنادي باسم بلادي عمالي الندا يا مصرنا يا فخر بلادي وغيرها من الكلمات التي تعبر عن مدي العشق والفخر الذي يكنه شباب مصر لهذا البلد العظيم، وهي من كلمات أيمن سردار، وهو أحد أعضاء الفرقة، ولا أحد يعلم ربما تصبح بشهادة الميلاد لفرقة أحبها الجميع، وخاصة الشباب كلما استمعوا إلي أشهر أغانيها، «الجواز راحة». أما التواجد الثاني فجاء لفرقة وسط البلد التي تواجدت بين شباب الميدان منذ البداية، مرددة لعدد كبير من أغانيها مثلا هيلا هوب هيلا، فك إيديا وغيرها من الأغاني التي كانت تبث في صدور الشباب الثقة والعزم، ثم جاءت مشاركة هاني عادل أحد أعضاء الفرقة للمطرب أمير عيد الذي عرف بأغنية «صوت الحرية» والتي تم تصويرها بميدان التحرير، وهي من كلمات أمير عيد وتلحينه، أما عن فرقة وسط البلد فمن المتوقع طرح ألبومها الجديد قريبا، والذي يحمل عنوان «روبابيكيا». أما التواجد الأخير الذي كان مع فرقة «تاكسي» وفرقة «بلاك تيما» الذين حرصوا علي التواجد بالإضافة إلي إحياء حفل الجمعة 10 فبراير وسط ميدان التحرير فحرصوا علي تقديم أغانٍ مختلفة كلها تحمل معاني الحرية، والغضب من المساوئ التي تفشت في هذا البلد ليس منذ أمس وإنما منذ زمن، عاني منها الكثير من الشباب ليخرجوا إلي جمهورهم معلنين عن غضبهم في كلمات ربما كانت قبل 25 يناير بلا جدوي وإنما اليوم ذات عامل مؤثر في نفوس جميع فئات الشعب، ومن هذه الأغاني «ألو تاكسي»، «أمن الدولة» ربما جاءت ثورة 25 يناير فاتحة خير للكثير من الفرق الموسيقية، ومن المتوقع أن تصبح أسماؤهم هي الأقرب إلي آذان الشعب خلال الفترة القادمة، فهم أبنائها قبل كل شيء، ومن المقرر تقديم هذه الفرق لعدد من الحفلات خلال الفترة القادمة جميعا من أجل تقديم المساندة لأهالي شهدائنا الكرام من أجل تقديم العائد لإعادة بناء هذا البلد الكريم «مصر».