دنيا عادل «وصف العلاج عبر التليفون» خدمة تقدمها بعض الصيدليات الشهيرة، على غرار الاستشارات التى يقدمها بعض الأطباء عبر برامج الفضائيات، والمعروف أنها فقرات مدفوعة الأجر «إعلانات»، لكن الأمر تطور فى فكرة العلاج عن بعد إلى عيادات لأطباء مشهورين عبر صفحات فيس بوك.. فى هذا التحقيق إجابات حول مصداقية هذا النوع من التشخيص والعلاج.. تحت مسمى «العلاج عن بعد»، حوّل دكتور هانى الناظر استشارى الأمراض الجلدية، صفحته الشخصية على فيس بوك، لعيادة استشارات طبية، يتلقى خلالها بشكل يومى وعلى مدار 24 ساعة تساؤلات واستفسارات حول مختلف الحالات المرضية، ويحرص على الإجابة عن استفسارات المرضى، ويصف لكل مريض العلاج الأنسب لحالته. توفر الوقت والمال مثل برامج الفضائيات يدافع الناظر عن عيادة الفيس بوك، بأن الهدف من هذه العيادة الافتراضية، هو توفير الوقت على المريض الذى لا يتمكن من الذهاب بنفسه لتلقى العلاج، سواء لظروف صحية أو ظروف إقامته بمحافظات ودول أخرى، كما أنها تعفيه من مصاريف الحجز فى العيادة وخاصةً لغير القادرين ماديًا، فى ظل غلاء الأسعار. ويستدرك «الناظر»، بأنه رغم نجاح عيادته فى تقديم الاستشارات الطبية، فالفكرة من وجهة نظره لا تلائم جميع التخصصات، فيمكن أن تطبق فى تخصص الأمراض الجلدية، بالاستعانة بصورة توضيحية ومعلومات مفصلة عن الحالة للحصول، تمكن الطبيب من الاستشارة ووصف العلاج المناسب مباشرة، وأحيانًا أنصح بعض الحالات التى تحتاج لفحص ميكروسكوبى أو فحص بالنظر بالتوجه إلى الطبيب مباشرة. وحول الإقبال الكبير على التشخيص عن بعد، فى الوقت يرتبط فيه الأطباء بالتزامات أخري؛ أكد الناظر أن صفحته رغم متابعتها من 900 ألف شخص، فهو يحاول تنظيم وقته بين الذهاب للعمل، ثم العودة فى أوقات الفراغ للإجابة عن حوالى 300 سؤال فى المتوسط، وقد تصل إلى 1000 إجابة فى أيام الإجازات. ودعا هانى الناظر، الأطباء فى جميع التخصصات، لمحاولة استثمار صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى لتقديم الاستشارات الطبية، على غرار مايحدث فى البرامج التلفزيونية كنوع من المساعدة . رأى طبى نعم علاج لا.. «يجوز تقديم آراء طبية فى بعض التخصصات لكن من المستحيل وصف علاج»هذا هو رأى د. محمد نصر، أستاذ طب وجراحة القلب بالمعهد القومى للقلب، الذى يرفض فكرة العلاج عن بعد فى تخصصه، لافتًا إلى إمكانية تقديم رأى طبى للمريض، إذا أرسل التحاليل أو رسم القلب أو الموجات الصوتية، لكن لا يمكن أن يصل الأمر لوصف دواء محدد أو طريقة علاجية بعينها للحالة دون كشف مباشر.. من ناحية أخرى يرى د.نصر، أنه يمكن – رغم الصعوبات- وصف العلاج عن بعد فى تخصصات طبية، مثل الأمراض الجلدية، التى يمكن التعامل معها من خلال إرسال صورة للحالة فيتم تشخصيها بسهولة من قبل الطبيب المُختص. لائحة آداب مهنة الطب: العلاج بعد لقاء المريض على النقيض، رفض الدكتور طارق كامل، رئيس لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء، فكرة العلاج عن بعد، من خلال وسائل التواصل الاجتماعى أو الهاتف، لأنه يراها غير موثوقة، فالطبيب يجب أن يُطبق المتعارف عليه فى لائحة آداب المهنة، بعدم صرف دواء أو كتابة تقارير علاجية إلا بعد رؤية المريض وفحصه بشكل مباشر. وأوضح «كامل» ، أن العلاج عن بعد قد يسبب مشاكل فى تشخيص المريض، حيث يجب أن تتم الملاحظة فى حال وجود علامات لدى المريض لا يمكن وصفها، فضلًا عن المعلومات الدقيقة التى قد ينسى المريض أن يشرحها عبر وسائل التواصل الاجتماعى . وأيده فى الرأى، د. طارق توفيق أستاذ المخ والأعصاب بطب قصر العينى، الذى رفض تمامًا فكرة التعامل مع المرضى عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لما له من أضرار على المريض فى حال التشخيص الخاطئ . عروض مالية من الشركات للتشخيص عن بعد وشدد د. جمال فرويز، رئيس لجنة الصحة النفسية بالمجلس المصرى لحقوق الإنسان، وأستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، على ضرورة أن تكون هناك علاقة متصلة ومباشرة بين المريض والطبيب أثناء مرحلة العلاج، خاصةً فى مجال الطب النفسى «تشخيص حالة المريض وتحديد الدواء الأنسب لها، قد يكون بناءً على مظهر المريض وشكله ولونه وسمنته أو نحافته، وأحيانًا من خلال تاريخه المرضى أو تاريخ أسرته، وهو ما يصعب تحديده عبر وسائل التواصل الاجتماعى». وقال جمال: إن علاقة المريض بالطبيب مؤثرة فى العلاج قبل الدواء، حيث يمكن لمريض أن يشعر بتحسن لمجرد الاطمئنان برؤية الطبيب، بينما يمكن أن تكون العلاقة سلبية بين المريض والطبيب، فيحاول تغييره لخلق حالة من الثقة والأمان، لذلك فالذهاب إلى الطبيب بشكل مباشر هو جزء أساسى من مرحلة العلاج «الكثير من الشركات تقدم عروضًا مادية فى مقابل تشخيص الحالات المرضية عن بعد، لكن لا ينبغى أن يغامر الطبيب بسمعته، ونجاحه والوقوع فى هذه المعاملات، التى تخلق انعداماً فى الثقة مع المرضى».